أرى من واجبي الأخلاقي والمهني والوطني والقومي أن أسجل للحقيقة والتاريخ تجربة فريدة وخالدة عشتها مع الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل، هذه التجربة هي التي فتحت أمامي الطريق الصحفي في مجال الحوارات السياسية والحديث السياسي والكتابة في حقل السياسة رغم أنني خريج قسم الإعلام – شعبة الصحافة من جامعة الرياض سابقاً الملك سعود حالياً وكنت معيداً بها. ففي عام 1981 وبعد خروج الأستاذ هيكل من السجن مباشرة قررت الذهاب إلى القاهرة في محاولة لإجراء حديث لإذاعة قطر مع الأستاذ الكبير، وأخبرت رغبتي للأستاذ حسن رشيد مدير إذاعة قطر بالوكالة، لأن الأستاذ المرحوم عبدالرحمن سيف المعضادي كان في إجازة، فابتسم الأستاذ حسن وقال لي هل تعلم أن ميزانية الإذاعة لا تكفي لمكافأة الأستاذ هيكل في حال موافقته على إجراء هذا الحوار أو الحديث لإذاعة قطر.. قلت له سأحاول إجراء هذا الحوار وأنا واثق أن الأستاذ هيكل لن يطلب منا ريالاً واحداً فقال توكل على الله. ذهبت إلى القاهرة واتصلت بالأستاذ هيكل وعرضت عليه رغبتي وعرفته بنفسي وبالجهة التي أعمل بها وقال لي أهلاً ومرحباً بك وبإذاعة قطر وأهل قطر وقد أخبرني عنك الأستاذ صلاح حافظ وكان الأستاذ صلاح مديراً لتحرير جريدة الراية القطرية وهو الذي شجعني على إجراء مثل هذا الحديث بل سهل مهمتي رغم أنه قال لي إن الأستاذ هيكل لا يتحدث إلى الإذاعات أبداً. في صباح اليوم التالي وفي الساعة العاشرة صباحاً ذهبت إلى الفندق الذي كان فيه الأستاذ هيكل واستقبلني عند باب غرفته مرحباً ترحيباً أخجل تواضعي حاولت أن أضع الأستاذ بمحاور الحديث أو الحوار لكنه قال ابدأ على بركة الله وسجلت معه حوالي 45 دقيقة تطرقنا إلى مواضيع شتى مصرية وعربية، ثم ودعني إلى باب غرفته وأسرعت فرحاً وكأنني أحمل كنزاً وقد كان كنزاً ثرياً بالفعل وسلمت الشريط إلى السفارة القطرية ورجوتهم أن يرسلوه فوراً لإذاعة قطر، وفعلاً وصل، ثم أذيع هذا الحديث عدة مرات من إذاعة قطر وأعيدت إذاعته باليوم الثاني بناء على طلب المستمعين وفي اليوم التالي بعد إذاعة هذا الحوار مع الأستاذ هيكل كان عناوين الصحف الأولى في الوطن العربي وتناقلته وكالات الأنباء العربية والعالمية وماأزال أحتفظ بهذه العناوين الرئيسية لهذه الصحف والمقالات التي نشرت. هذه التجربة الإعلامية لا يمكن أن أنساها بل إنها كانت سبقاً صحفياً لي رغم بداية عملي الإعلامي ولعل ما قاله الأستاذ عيسى الكواري وزير الإعلام السابق بأنها "ضربة معلم" تشهد بذلك وكتاب الشكر الذي أحتفظ به حتى الآن من الأستاذ المرحوم سيف المعضادي مدير إذاعة قطر يجعلني أفتخر بهذا السبق وكذلك ما سمعته من الإخوة المستمعين كذلك. اليوم يكمل الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل عامه التسعين أطال الله في عمره وهو بكامل قدرته الفكرية وقوة عطائه المعهود، وبهذه المناسبة نقول لأستاذنا الكبير كل عام وأنت بألف خير.. حفظك الله ورعاك. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية