يسأل الكثير من الناس هل الضيافة عند اليتامى من ضمن أكل أموال اليتامى فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله رئيس لجنة الفتوى بالازهر الشريف فقال يقول الله تعالى { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} النساء : 10 . هذه الآية تنهى عن أكل مال اليتيم ظلما أى بغير حق ، فإن كان بحق فلا مانع منه ، ويوضح هذا قوله تعالى فى آية سابقة فى السورة نفسها {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف } الآية رقم : 6 ، فهى تعالج خطأ وقع فيه الناس وهو الطمع فى مال اليتيم ، حيث كان الوصى يتصرف فيه لمصلحة نفسه لا لمصلحة اليتيم ، حتى إذا كبر لم يجد له مالا، أو يجد ماله قد قَلَّ ، لأن الوصى لم يتصرف فيه لصالحه ، وقد أباح اللّه للوصى أن يأخذ من مال اليتيم ما يوازى إشرافه عليه ، على أن يكون ذلك فى الحد المعقول ، وذلك إذا كان محتاجا ، أما إذا كان مستغنيا فالأولى أن يستعفف ولا يأخذ شيئا فى مقابل الإشراف عليه . ولما كانت النصوص فى القرآن والسنة تحذر من أكل مال اليتيم بدون وجه حق تحرج الناس عن كفالته خشية الوقوع فى المحظور، وذلك أمر يترتب عليه إهمال اليتيم وضياعه ، فأذن اللّه للناس أن يشرفوا على أموال اليتامى على أن يراقبوا الله ، فلا يتصرفوا فى غير مصلحتهم . قال تعالى { ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم } البقرة :220 . وإذا كان هذا فى حق الأوصياء فهو أيضا فى حق كل إنسان يطمع فى مال اليتيم ، وقد يحدث أن الذين يتركهم الميت من الأولاد يكون فيهم كبار، فلا ينطبق عليهم أحكام اليتامى، لأنه لا يُتْم بعد الحُلُم ، أى البلوغ ، ومع الكبار يوجد صغار، وأموالهم مختلطة بعضها ببعض ، وهنا نقطتان : النقطة الأولى خاصة بمخالطة الأولاد الكبار لإخوتهم الصغار، فيجب التحرز من الطمع فى أموالهم أو التصرف فيها على وجه ليس فيه مصلحتهم ، وحيث إن الأموال مختلطة فيصعب ذلك ، ولهذا ترك الله الأمر لضمير الكبار ورقابتهم لله {والله يعلم المفسد من المصلح } . والنقطة الثانية خاصة بعلاقة الأجانب بهؤلاء الأولاد، فى مثل زيارتهم وتناول ما يقدم تحية للزائر، وحيث إن أموال الكبار مختلطة بأموال الصغار فلا تمييز فيما يقدم للضيف ، هل هو من نصيب الكبار فيجوز تناوله ، أو من نصيب الصغار فلا يجوز ؟ لا يمكن الحكم بحرمة تناول التحية، لأن مناط التحريم هو التيقن ، ولا يوجد ، وإذا لم يمكن الحكم بالحرمة فأقل ما يحكم به هو الكراهة التنزيهية ، وذلك للشبهة ، ومن اتقى الشبهات كان لدينه أورع ، وقد يكون من المستحسن أن يتناول الضيف من التحية أقل شىء حتى لا يكون فى الامتناع الكلى بعض آلام نفسية لليتامى، وليكن أمامنا قول الله سبحانه { وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم } فلتكن هناك زيارة خالصة للّه ، تخفيفا على اليتامى ، وليكن معها هدية لهم إن أمكن ، حتى لا يرزأهم فى شىء لو تناول التحية، فالمندوب أن نعطى لهم ولا نأخذ منهم.