علي الرغم من بداية العام الدراسي الجديد والتحاق طلاب الثانوية العامة بالجامعة، إلا أن هناك الكثير من الطلاب- خاصة المتفوقين منهم- حتي الآن ليسوا علي اقتناع كامل بالكليات التي وضعهم فيها مكتب التنسيق بعد الارتفاع الحاد الذي شهده تنسيق القبول بالجامعات فى العام الدراسي الفائت. كانت "بوابة الوفد" قد ناقشت فكرة التعليم الموازي الذي يعد وسيلة تساعد الطلاب علي الالتحاق بكليات القمة التي لم يؤهلهم مجموعهم الكبير للالتحاق بها مقابل دفع مبلغ يتراوح ما بين 10 إلي 13 ألف جنيه في العام، وتابعت البوابة مناقشة الموضوع وعرض عدد من الخبراء من مؤيديه ومعارضيه . إنصاف للفقراء في البداية يرحب الدكتور محرز غالي – أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة – بتطبيق نظام التعليم الموازي، مؤكدا أن التعليم في الجامعات الحكومية لا يرقي أن يكون تعليما من الأساس، لأن الخدمات التعليمية المقدمة في الجامعات الحكومية ضعيفة على حد قوله، يقول: "أنا مع تطبيق هذا النظام في الجامعات المصرية؛ لأنه سيكون نوعاً من الإنصاف للفقراء الذين لم يستطيعوا دخول كليات القمة الحكومية علي الرغم من أنهم حصلوا علي مجاميع عالية، ولا يقدرون علي تحمل التكاليف الباهظة للجامعات الخاصة"، ويشير غالى إلى أن الموارد التي يتم تحصيلها من نفقات التعليم الموازي سوف يتم وضعها في ميزانية الجامعات الحكومية، ويتم عن طريقها تطوير المعامل والورش ومباني جديدة لزيادة الطاقة الإستعابية لكليات الجامعات الحكومية . ويضرب أستاذ الإعلام مثلا بكلية الإعلام التى علي الرغم من أن الطاقة الاستعابية لها من حيث المعامل والاستديوهات هي 500 طالب فقط، إلا أن وزارة التعليم العالي تفرض قبول ما يزيد على 1300 طالب في الدفعات الجديدة، وبالتالي لا يستطيع الطالب الحصول علي التدريب العملي الذي يؤهله للخروج إلي سوق العمل بالشكل اللائق، مضيفا أنه إذا تم تطبيق نظام التعليم الموازي في مصر فلابد أن يخضع لرقابة حكومية من وزارة التعليم العالي بحيث يتم وضع هذه الأموال في الأماكن المخصصة لها. وعن اتهام التعليم الموازي بأنه اتجاه نحو خصخصة التعليم الحكوميأشار محرز إلى أن خصخصة التعليم واقع لابد من الاعتراف به، وأن الدليل على ذلك يكمن فى سيطرة الجامعات والمدارس الخاصة واللغات علي التعليم في مصر . وتوقع استاذ الإعلام أن تكون هناك حالة من الاستياء داخل الجامعات الخاصة في حالة تطبيق نظام التعليم الموازي، لشعورهم أن هناك من ينافسهم ويختطف الطلاب منهم، وأنه سيكون هناك ضغط من رؤساء هذه الجامعات لوقف تطبيق هذا النظام . ويري أستاذ الإعلام أنه يجب ألا يتم تعميم هذه التجربة فى بداية تطبيقها، معتبرا ذلك مخاطرة كبيرة فليست كل الجامعات لديها الإمكانيات المادية والبشرية التي تؤهلها لتطبيق هذا النظام، ومقترحا تطبيقه في الجامعات الكبري كجامعة القاهرة وعين شمس والاسكندرية، ثم تقييمها للوقوف على على عيوبها ومميزاتها، ومن ثم تعميمها علي بقية كليات القمة في جامعات الجمهورية. ومتفقا مع ما سبق يرى الدكتور عبد الناصر بدوي – عميد كلية الصيدلة بجامعة عين شمس – فى نظام التعليم الموازى فكرة جيدة وليست ضد خصخصة التعليم، لكنها تساعد علي الارتقاء بالجامعات الحكومية وتوفر لها الموارد المالية اللازمة لتطويرها وتنميتها. جريمة ونظام غير قانوني ويعتبر الدكتور عادل عبد الجواد – رئيس المجلس الاستشاري للتعليم العالي – تطبيق التعليم الموازي فكرة غير موفقة، ربما تسهم فى الإخلال بعدالة التقدم للجامعات الحكومية، مقترحاً إنشاء جامعات أهلية أو الإتجاه إلي الجامعات الخاصة، معلنا أنه سيقوم بالطعن عليها دستورياً إذا ما تم تطبيقها لأنها غير قانونية من الأساس، أضاف: "أعتقد لأن الحكومة الحالية لن توافق علي تطبيق نظام التعليم الموازي، لأنه نظام قائم علي تصنيف الطلاب، فما معني أن طالبا حاصل علي 97% وليس معه مصروفات التعليم الموازى ولا يستطيع الالتحاق بكلية القمة التي يريدها، ويأتي من ناحية أخرى طالب آخر حاصل علي 96% لكن لديه القدرة علي دفع مصروفات التعليم الموازي فيلتحق بالكلية، مما يعتبر تفرقة بين الطلاب، وإهدارا لكرامة المجتمع وعملا غير أخلاقي، يخلق حقدا طبقيا له مردود سيئ علي المجتمع". متفقا مع ما سبق، يرى الدكتور كمال مغيث- الخبير والباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية – أن التعليم الموازي يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص والتنافس الشريف، مضيفا أن هذا النظام يحول التعليم إلي نظام تجاري تتربح منه الجامعات، ومعتبرا تطبيقه جريمة في حق الوطن والتعليم، يقول: "الحكومة هي من يجب عليها تدبير تكاليف التعليم الحكومي أياً كان شكله، والتنسيق المرتفع نفسه جريمة في حق الطلاب، ولا ينبغى معالجة الجريمة بأخرى أكبر منها".