من الطبيعي في أوضاع مصر الحالية، أنه ليس متاحاً الاقتراض من الداخل أو الخارج الذي زاد معدل كل منهما بمئات المليارات وذلك بسبب أحوال البلاد الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، فليس معقولا ان يتم الاقتراض من صندوق النقد الدولي لأربعة مليارات دولار أو من الدول الخليجية لمبالغ مماثلة وعدت بها «إعلاميا» منذ شهور، في ظل الأمن المختل والعجز الهائل في الميزانية، وفي ميزان المدفوعات، والميزان التجاري مع ضعف الإنتاج والإنتاجية ولذا فإن سبيل الاقتراض من الخارج شبه مغلق والاقتراض من الداخل تجاوز حد الأمان!! وبمراعاة هذه الحقائق فان رئيس الجمهورية والحكومة الحالية لم يصدر عن أي منهما أي بيان شامل، وواضح عن الحالة الاقتصادية والأمنية المتردية ولا عن «العدالة الاجتماعية» الغائبة!! فلم يتضمن البرنامج الرئاسي الخماسي المحدد لانجازه مائة يوم أي أمر يتعلق بهذه العدالة بل اقتصر هذا البرنامج، علي حل مشاكل الأمن والقمامة، والرغيف وأزمة الوقود والمرور!! وقد مضي أكثر من خمسين يوما ولم يتحقق أي إنجاز جدي في هذه المشاكل، كما أنه قد اتضح ان مشروع «برنامج النهضة» الذي كان قد أعلن عنه «د. مرسي العياط» خلال الانتخابات الرئاسية ليس له وجود حقيقي وفق تصريحات «المهندس الشاطر» نائب المرشد العام للإخوان المسلمين منذ أيام، حيث قال إنه لا يعتبر هذا البرنامج النهضوي إلا مجرد أفكار ومقترحات ابتدائية لم توضح لها دراسات جدوي متعمقة، ولم تصل إلي حلول محددة وبرامج لتنفيذها!! وحتي الآن لم يتم وضع حد أدني أو حد أقصي مقبول للأجور، ولا خطة جدية للقضاء علي البطالة ولا إجراءات لضط الغلاء والقضاء علي الاستغلال في السوق، ولم تفرض «ضريبة تصاعدية» علي أصحاب المليارات والملايين.. إلخ وبصفة عامة فان البنية الأساسية للاقتصاد والمرافق العامة، تنحدر بسرعة إلي الانهيار التام كما أن «العدالة الاجتماعية» لا تجد أي جهد لتفعيلها من التحالف الإخواني السلفي الحاكم، الغارق في العمل بكل الوسائل وبالضغوط السياسية للتمكين لأعضاء هذا التحالف من السيطرة علي «مفاصل» السلطة وشغل المناصب والوظائف الحيوية في كل أجهزة الدولة ووسائل الإعلام بأهل الثقة من الإخوان والسلفيين، بينما الأغلبية العظمي من الشعب المصري في حالة إضراب وتظاهر واعتصام، وتعاني وتصرخ من البطالة والغلاء وانهيار المرافق، وانقطاع الكهرباء ومياه الري وتلوث مياه الشرب.. إلخ فضلا عن طلب تحقيق العدالة الاجتماعية التي قامت ثورة 25 يناير من أجل تحقيقها!! ويتعين ان تنتبه إلي أن حشود المتظاهرين التي ملأت ميدان التحرير وحول السفارة الأمريكية منذ أيام للاحتجاج علي الفيلم المسيء إلي سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد صرح المهندس الشاطر نائب المرشد بان محاصرة السفارة والاعتداء عليها وتسلق جدرانها واستبدال العلم الأسود الخاص بجماعة القاعدة وبن لادن الإرهابية أمر غير مقبول ولا يحقق نصرة الرسول صلي الله عليه وسلم، ولقد صدرت هذه التصريحات بعد ان قال الرئيس الأمريكي أوباما أن مصر ليست دولة حليفة ولا عدوة لأمريكا!!! كما قالت كلينتون ان الشعوب التي ساعدتها أمريكا للخلاص من حكم الديكتاتوريين قد استبدلت هؤلاء الحكام بحكم «عصابات غوغائية»!!! وقد طالب «رومني» المرشح الجمهوري للرئاسة مع عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي، بقطع المعونات عن مصر، وقد لا تقتصر العقوبات الأمريكية علي عدم مقابلة أوباما لمرسي في واشنطن خلال رحلته للأمم المتحدة بل قد تشتمل علي المطالبة بإنزال قوات المارينز لحراسة السفارة الأمريكية، وقد تشمل وقف توريد المعونة الأمريكية المدنية والعسكرية، مع وقف القرض من صندوق النقد الدولي الذي تسيطر عليه أمريكا!! ومن المعروف ان دخل مصر من النقد الأجنبي يأتي من مصادر خارجية وبالتحديد من إيرادات السياحة وقناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج وتصدير بعض الحاصلات الزراعية وكل ذلك قد نقص وتأثر بشدة من اختلال الأمن وعدم الاستقرار السياسي وتعطل الإنتاج، وانصراف الحلف الإخواني والسلفي إلي فرض السيطرة والأخونة!! وإذا أضفنا إلي كل ذلك ردود الفعل العقابية المنتظرة من أمريكا في حالة الانتخابات الرئاسية فإن حالة الاقتصاد المصري تكون متردية وخطيرة وفي حاجة إلي علاج عاجل يراعي ان غضب الجماهير ومظاهرتها واعتصاماتها أساسه ودافعه الرئيسي الأول هو البطالة وانحطاط خدمات المرافق العامة واختلال الأمن العام وتدني الأجور والارتفاع الاستغلالي في الأسعار، وغياب العدالة الاجتماعية كلية وانشغل الرئيس برحلاته الخارجية، وتركيز جهود التحالف السلفي والإخواني علي السيطرة وإخونة كل سلطات ومفاصل الدولة ولا حول ولا قوة إلا بالله. رئيس مجلس الدولة الأسبق