هى بطالة رشيدة تلك التى تؤمر فتفعل, هى بطالة رشيدة لأنها تؤدى عملها على أكمل وجه, مقابل المدفوع لها من مال و"خلافه " نحن لا نملك الا أن ننحنى لها احتراما وتقديرا لإخلاصها وتفانيها فى أداء العمل الموكل اليها, ولنسأل أنفسنا على غير عادتنا - طبعا- ونحاسبها بعد مصطلح ثورة 25 يناير الذى لم تستهلكه أفواهنا سوى ليكون "لبانة" نمضغها لتغير طعم الفم, أو للموضة السائدة, ماذا فعلنا لها لنوجهها لتكون غير فعالة وغير ناهضة بمزيد من الخراب والتخريب, أين حل توجيه البطالة وخاليى العمل والعاطلين والبلطجية بغير فطرة "اذا ما آمنا بذلك", أين دورالمؤسسات الإرشادية الحقيقى, وهل يجدى الدور النصحى الكلامى لمن غيب "بضم الغين" عقودا عن المشاركة الحقيقية فى مصلحة فرد فأسرة فمجتمع صغير فوطن, فلنفترض أنك جئت بمجموعة من الشباب الواقف أمام السفارة الأمريكية يقذفها بالطوب لنصرة نبيه محمد "صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم", ومعهم تهمهم بالعمالة لمن دفع أو لصاحب المصلحة وجئت بمجموعة أخرى أكثرأناقة وشياكة وذوى مناصب ولديهم "بيزنس كارد" كيف ستكون المفاضلة بينهم والمحاكمة الافتراضية لهم, أصحاب الفوضى وقذف الحجارة لا يعيبهم عن المجموعة الثانية سوى أن سوء الحظ قد لازمهم فلم يصلوا للطريق المحترم الناعم الذى من خلاله ترفع لهم الأيدى بالتحية ولا تتجهم وتكفهر الوجوه وتكال لهم اللكمات البدنية واللفظية حين رؤيتهم, هذا هو الفرق الوحيد - أنهم لم يأخذوا فرصتهم - فلم يعملوا فى منصب مهم ولو بالتدرج, الاثنان تربيا فى بيئة واحدة وسطية وربما تخرجا فى نفس المدارس المصرية بل ربما كانا قريبان فى السكن, لكن أحدهما يسرق ويرتشى لأنه لا يجد عملا ولديه أسرة تريد أن تأكل وتسكن وتعالج وربما أطفال يريدون كل شىء من هذا, بل ربما استثمرت الأسرة نفسها شخصا منها فى هذا ليعيلها, أما الثانى فيبيع الوطن بسرقة أورشوة أو تواطؤ داخلى أو خارجى ليسعد ويحصل على ما فوق كماليات كماليات ورثته, فإذا ما وصلنا الى درجة التسليم بأن هناك ثورة قامت وأنها ميمونة ستجزى من أثاب وتعاقب من ظلم, فليكن عهدا جديدامن الشفقة على المحرومين الذين لم نرب فيهم خلقا ولا إرشادا ولم ننظر لهم سوى بمؤسسات كلامية ووعود بخطط خمسية من أجلهم فقط "زادتهم صداعا" وأتحفتهم بأنواع الأمراض العصبية والبدنية المختلفة وعملت على تغييبهم فصار عرفهم جلب المال من وبأى وسيلة, والحمدلله أنهم لم يقرأوا ولم يتثقفوا مثل الفريق الآخر ليهذبوا العبارات ويردوها إلى قائليها ويجعلوا الغاية تبررالوسيلة, ثم يعود البعض ويسألهم الرحمة بالوطن, فيجيب لسان حالهم ومن رحمنا طيلة عقود, فى جميع أحوالنا لا نجد طعاما إلا محملا بكل الأمراض ولا ماء نشربه إلا مختلطا ببولنا وبرازنا ولا مستشفى يقبلنا لأننا من ذوى الأمراض المستوطنة والمتوطنة, وعندما يصطدم الفريقان "وهذا وارد طبعا كصدام الحضارات " ندرك أن " اللى ليه ظهر ما ينضربش على بطنه" والكلام هنا مازال للسان حالهم, الخلاصة - قبل أن تجرمنى أطعمنى وآوينى وعلمنى"صح؟" وعرفنى الفرق بين كلمتى حساب وعقاب, لقد رفعت الثورة شعارالعدالة الاجتماعية منذ قامت لكن يبدو أنه فهم خطأ واستغل فقط من أجل تسوية كادر بكادر ووزارة بوزارة وسلم وظيفى فى هيئة أو وزارة بأخرى, يجب أن تطعم الثورة هؤلاء وتعيد تهذيبهم بتربية صحيحة حقيقية قبل أن يستمعوا للمرشد والمصلح الاجتماعى والشيخ ورجل الدين ومن يفتى فيهم بأنهم يسبوا الدين, اجعلوا العاطلين قضيتكم وتحت كلمة "عاطلين" الف إفراز من إفرازاتها من بلطيجة ومسجلين خطر وأطفال وكبار شوارع ومتسولين ولصوص وخريجيين ليسوا حتى فى شبه مواقعهم - الى آخرالقائمة الطويلة من ولادات حالات المتعطلين, وبعد أن تطعموهم علموهم وارشدوهم واهدوهم وحاسبوهم بالقانون العادل الذى يسرى على الجميع .