قال خبراء مصرفيون التحول الرقمي في القطاع المصرفي والمؤسسات الماليه غير المصرفيه يتطلب استثمارات ضخمه ولكن عوائد هذا التحول علي القطاع كبيره ومفيده للغايه. جاء ذلك خلال ورسة العمل العاشرة والحادية عشر التي عقدهما المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، مساء اليوم الأربعاء، ورشتى العمل العاشرة والحادية عشرة من سلسلة ندوات بعنوان: "أجندة بحث تفصيلية لدعم الجهد الحكومى للتحول الرقمى للاقتصاد المصرى"، وناقشت بحث ودراسة الحالة المصرية للتحول الرقمى بالقطاعين المالي المصرفي وغير المصرفي، بحضور نخبة من المصرفيين وممثلى المؤسسات المالية غير المصرفية. وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، أن التحول الرقمى ومواكبة التطور التكنولوجى العالمى، يأتي على أولويات أجندة عمل المركز خلال هذا العام، حيث بدأت سلسلة ورش العمل منذ يناير الماضى لإجراء مناقشات جادة برعاية ومشاركة الجهات الحكومية المسئولة عن عملية التحول الرقمى وهما وزارتى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، بهدف الوصول إلى أجندة تفصيلية لعملية التحول الرقمى في مصر لدعم الجهود الحكومية في هذا الإطار تنتهى بنهاية 20 ورشة عمل لمناقشة كافة أبعاد الموضوع. وقد ناقشت ورشة العمل العاشرة، دراسة التحول الرقمى بالقطاع المصرفي، والتي تناولت الوضع الحالي للتحول الرقمى بالقطاع البنكى، وأهم التحديات التي تواجه التحول الرقمى في البنوك، ومطالب القطاع لتحقيق التحول الرقمى، من خلال عرض تجربتى بنكى التجارى الدولى CIB، والبنك الزراعى المصرى. وقال أحمد عيسى الرئيس التنفيذي لقطاع التجزئة المصرفية بالبنك التجارى الدولى، أن هدف البنك من عملية التحول الرقمى، يتمثل في تحقيق تجربة مصرفية تمكن العملاء من التعامل على حساباتهم بصورة أسهل وأسرع وأوفر، بشرط تحقيق عائد اقتصادى للمؤسسة. وأشار عيسى إلى أن عملية التحول الرقمى في القطاع المصرفى تحتاج استثمارات كبيرة، ولكنها في النهاية تحقق عائدا مرتفعا على الاستثمار، لافتا إلى أن تجربة بنكه أثبتت قبول العملاء لودائع بعائد أقل وقروض بعائد أعلى من البنوك الأخرى، مقابل خدمة مصرفية متميزة، حيث أثبتت التجربة أن التحول الرقمى يفيد المستهلك والمنشأة الاقتصادية على حد سواء. وأضاف عيسى أن القواعد الأوروبية دفعت البنوك إلى التحول إلى نظام البنوك المفتوحة Open Banking، والتي تتميز بالسهولة والسرعة في تبادل البيانات بين بعضها ابعض وبينها وبين مقدمى الخدمات الآخرين، والمرونة في التعامل مع العملاء والجهات المختفة، وتبادل المعلومات وإنجاز الخدمة بصورة سريعة وسهلة دون الحاجة لذهاب العميل إلى فرع البنك، مشيرا إلى أهمية استفادة القطاع المصرفي من الذكاء الاصطناعى، وتقنيات البلوكشين، والحوسبة السحابية، وتحليل البيانات الضخمة Big Data، وهو ما يتطلب إنشاء مراكز للبيانات. وشدد الرئيس التنفيذي لقطاع التجزئة المصرفية بالبنك التجارى الدولى، على أن القطاع المصرفي مثله مثل باقى اقطاعات الاقتصادية، التى يشترط لبقائها واستمرارها في تقديم خدماتها، أن تتمكن من تطوير نفسها والاستعداد التام للانفتاح على التكنولوجيا المالية، مطالبا بالإسراع في تنفيذ الهوية الرقمية للمواطن والتي تغنى عن استخدام التوقيع الإليكترونى، والحفاظ على سرية البيانات لتقديم الخدمات بتكلفة أقل. من جانبه شرح سمير الشيخ الرئيس التنفيذي لنظم المعلومات والتحول الرقمى بالبنك الزراعى المصرى، خطوات التحول الرقمى التي بدأها البنك منذ نحو عام ونصف، وهو الزراع الحكومى المصرفي لتحقيق عملية التنمية الزراعية الريفية من خلال تقديم قروض ميسرة للفلاحين بسعر عائد 5%، تمويل عمليات الزراعة، موضحا أن مشروع تطوير البنك الذى يجرى تنفيذه حاليا يتضمن تحويل البنك الزراعى لبنك تجارى يقدم كافة الخدمات المصرفية التي تحقق عائدا اقتصاديا، وقد بدأت عملية توعية للموظفين والمتعاملين على حد سواء بالتطور التكنولوجى تمهيدا لتنفيذ عملية التطوير. وتابع الشيخ، أن تكلفة عمية التحول الرقمى مرتفعة لكنها تحقق عائدا اقتصاديا، من خلال التأكد من تقديم خدمات مصرفية تلبى احتياجات العملاء الذين يصل عددهم حاليا نحو 3 مليون عميل من إجمالي 6 مليون فلاح يسعى البنك لاجتذابهم من خلال تقديم خدمات تلبى احتياجات العملاء في كافة أنحاء مصر دون الحاجة إلى ذهابهم لفروع البنك من خلال إتمام عملية التحول الرقمى، متوقعا أن يتمكن بنكه من مساعدة القطاع المصرفي بأكمله في الوصول إلى العملاء في القرى والنجوع لإيصال كافة الخدمات المصرفية إليهم تكنولوجيا، على أن يتحول البنك إلى "ديناصور" جديد بالقطاع المصرفي خلال نحو عام ونصف، حيث سيتم توصيل العميل بالبنك بشكل كامل من خلال تطبيقات الهاتف المحمول، وتقديم كافة الخدمات كبار السن وذوى الهمم في أماكنهم حتى خدمات السحب والإيداع عبر استخدام أدوات التكنولوجيا. وردا على المخاوف من فشل البنك في تحقيق أهدافه بعد التحول إلى بنك تجارى، أوضح الشيخ، أنه تم الاستفادة من العديد من التجارب الدولية لبنوك زراعية تحولت إلى العمل كبنوك تجارية حققت نجاحا كبيرا، ضاربا أمثلة ببنك رابو الهولندي الذى تحول إلى واحد من أكبر البنوك الأوروبية بعد تقديمه لخدمات مصرفية متنوعة بخلاف التمويل الزراعى، بالإضافة إلى البنك الزراعى الصينى والبنك الزراعى الهندى. وشددت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، على أهمية التعاون بين البنوك من خلال شبكة واحدة مما يسهل تقديم الخدمات المصرفية بشكل أسرع وتكلفة أقل، وعدم ترك ثغرات في عملية التحول الرقمى يؤثر على تقديم الخدمة بشكل رقمى بالكامل، والإسراع في إقرار التشريعات اللازمة لإتمام التحول. وناقشت الورشة الحادية عشرة عملية التحول الرقمى بالمؤسسات المالية غير المصرفية، وخلال الورشة قال شريف سامى رئيس مجلس إدارة الشركة القومية لإدارة الأصول والاستثمار، أن مصر تصنف من أسوأ مناطق العالم في عملية الشمول المالى، مؤكدا أن التكنولوجيا ليست غرضا في حد ذاتها وإنما وسيلة للمساعدة في الوصول إلى العملاء وتقديم الخدمات بشكل أسرع وأكثر سهولة. وأشار سامى إلى أن المعاملات النقدية (الكاش) تشكل ثلث المعاملات المالية التي تتم عالميا، ومن المتوقع تراجع نسبة الكاش من إجمالي المعاملات المالية إلى نحو 20% خلال الأربعة سنوات المقبلة، لافتا إلى أهم التطبيقات التكنولوجيا المالية تشمل التمويل الجماعى، والتأمين، وتحويل أموال، والمدفوعات، والعملات الافتراضية، والتعاملات المصرفية، والاستثمار، والاقتراض، ولتقديم هذه الخدمات إلكترونيا يجب أن يتوافر هواتف محمولة وإنترنت رخيص وسريع، ويعد بطء الإنترنت أحد معوقات تقديم الخدمات المالية الإليكترونية، مشددا على أهمية أمن المعلومات في ظل التعامل مع بيانات المواطنين، حيث يعد تصنيف مصر متوسطا في هذا المجال عالميا. وحول أهم التشريعات التى يحتاجها القطاع في عملية التحول الرقمى، أوضح سامى أن قانون تنظيم الدفع غير النقدى الذى لم تصدر لائحته التنفيذية بعد، وضع حدا لقيمة المبالغ التي يتم دفعها نقديا دون أن ينظم عملية الدفع غير النقدى، وهو ما يتطلب تشريعا ينظم عملية الدفع غير النقدى لأنه لا توجد حجية لإثبات إتمام عملية الدفع غير النقدى، بالإضافة إلى ضرورة الانتهاء من قانون حماية البيانات الشخصية، وصدور قانون لتنظيم التجارة الإليكترونية، التي يقتصر تنظيمها تشريعيا في الوقت الحالى على فصل بقانون حماية المستهلك فقط. وطالب شريف بتنظيم عمليات سداد مقابل شراء العقارات والأراض والسيارات، والتي تستحوذ على أكبر نسبة من مدفوعات الكاش في مصر، على أن يشترط إثبات ملكية العقار أو السيارة أن يتم سداد المدفوعات عبر إحدى القنوات الشرعية مثل البنوك، وهو ما يقضى على جانب كبير من المدفوعات النقدية غير المسجلة. من جانبه قال أحمد أسامة رئيس مجس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة برينجى ديجيتال فنتشورز، أن العديد من الشركات اختفت بسبب التطور التكنولوجى، وهو ما يتطلب من كافة القطاعات وعلى رأسها القطاع المالي أن تواكب هذا التطور حتى تظل قادرة على تقديم خدماتها التي تلبى احتياجات العملاء. وأعلن أسامة عن قيام شركته بعمل منصة إليكترونية لتقديم الخدمات المالية غير البنكية للشباب حديثى التخرج، بداية بخدمات التأمين، لافتا إلى أن أهم التحديات التي تواجه هذا المشروع عدم التواصل الجيد بين الجهات الرقابية من جهة، والشركات التي لديها استعداد للإبداع في عملية التحول الرقمى من جهة أخرى، لضمان تقديم الخدمات المتطورة من قبل شركات مصرية، حتى لا نفاجأ بشركات أجنبية تقدم الخدمة من الخارج دون أي تنظيم أو تراخيص. أيمن الدسوقى الرئيس التنفيذي لشركة ابتكار للخدمات المالية غير المصرفية، طالب بوجود مبادرات جادة للقطاع الخاص في الاستثمار بالتكنولوجيا المالية، وضخ أموال في الشركات الناشئة التي تعمل في تطوير التكنولوجيا المالية والتي تعانى من عجز شديد في التمويل، مشيرا إلى أن أهم تحديات توفير الخدمات المالية غير المصرفية تكنولوجيا سواء للأفراد أو الشركات تتمثل في "اعرف عميلك" الذى يتطلب تسجيل معلومات العميل بالنسبة للأفراد، ووجود قطاع غير رسمي كبير غير قادر على الوصول إلى التمويل وهو ما يتطلب جهودا لضمه إلى القطاع الرسمي، داعيا لتغطية الفجوة في تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بما يزيد عن 100 ألف جنيه وهو الحد الأقصى المسموح لشركات التمويل غير المصرفى بتقديمه، ولا يغطيه القطاع البنكى، وهو ما يتطلب حلولا رقمية لتغطية هذه الفجوات. وشددت الدكتورة عبلة عبد اللطيف على أهمية تحديد الأولويات في خطوات عملية التحول الرقمى التي يجب البدء بها واتى تمثل محركات التغيير في المنظومة، حيث نعانى من مشكلة عدم اكتمال الدوائر الإليكترونية، لإتمام عملية الشمول المالى.