صراخ وعويل، بكاء شديد يملئ المكان، علامات الحزن رسمت نفسها على أوجه الأهالي، أم فقدت النطق، والدموع تغرق عينيها، ممسكة ب " جاكيت " الضحية ولا تنطق بشئ من شدة الذهول الذي اصابها، رجال واقفين على مداخل ومخارج المنزل لاستقبال العزاء ونساء لا حول لهم ولا قوة مشاهدهم تقطع القلوب، كلمات تصف حال منزل ضحية قطار الاسكندرية محمد عيد عبدالحميد بمنطقة أم بيومي في شبرا الخيمة بالقليوبية. وخيمت حالة من الحزن الشديد على المنطقة أمس الثلاثاء، وذلك حزنًا على فراق محمد عيد عبدالحميد الذي شهد له الجميع من ابناء منطقته بحسن وطيب الخلق. وتوفي محمد عيد في حادث قطار الاسكندرية تحت عجلات القطار، بعد أن صمم " الكمسري" أن يترك القطار هو وصديقة لعدم امكانية دفع ثمن التذكرة. وبعيون تملئها الدموع، اعربت عالية عبدالحميد، عمة الضحية، عن حزنها الشديد، نتيجة فقدنها ابن اخيها الذي يعد في منزلة ابنائها، لما يتمتع به من حسن خلق جعل الجميع يحبونه. وتابعت عمة الضحية: "عاوزين حق ابننا، وراضين بقضاء الله وقدره، بس لازم حقه يجي عشان ده ميرضيش ربنا". وقال هادي بلال، زوج اخت ضحية قطار الاسكندرية، محمد عيد، إنه تلقى خبر وفاة محمد من خلال اتصال تليفوني واخبروه ان محمد مقبوض عليه ويريدون عنوان منزله بالتفصيل، وتبين بعد ذلك انه توفى، وذلك من أن تجمع قوات الامن معلومات عن الضحية لتبليغ اهله بالحادث لكي يتسلمون جثته. وتابع بلال، خلال حديثة ل "الوفد" ، أنه ذهب ومعه اخوات الضحية وعدد من جيرانه والاصدقاء، لكي يستلموا الجثة وهم لا يعلمون سوى انه توفى بسبب قفزه من القطار، ولم يعلمون ان الكمثري هو من اجبره على ذلك الا بعد استلام الجثة، مؤكدًا انه لم يتركوا حقه ولن يقبلوا تعويض عن ابنهم البار والمشهور باخلاق النبيلة وبقلبه الابيض. وأضاف أن المرحوم محمد عيد يعلم اخلاقه كل اهل منطقته وله اصدقاء من جميع البلاد وليس القاهرة والجيزة فقط، ويود كافة جيرانه واطفال منطقته، لافتا إلى أنه يعمل في الشغل اليدوي" هاند ميد والرسم" الذي اتخدذها هوايته له، ولكنه يبحث عن عمل ثابت لكي يستقر ويتزوج، مؤكدًا ان الضحية كان يردد دائمًا جملة " مش هجوز الا لما اشطب شقتي على المفتاح من غير ما يبقى عليا دين لحد". واشار زوج اخت الضحية، إلى ان حال والدته واخته يرثى لهما، فقد فقدت امه شقيقته التي كانت مصابة بالسرطان منذ عامين، واليوم فقدت ابنها الشاب الذي كان يستعد للزواج، لذلك والدتهم من بعد سماع خبر وفاته وهي لا تتحدث او تاكل، حاضنة "الجاكيت" الخاص بمحمد ودموعها لن تفارق عيناها. وتابع محمود عيد، شقيق ضحية القطار، أنه لم يستوعب حتى الان وفاة اخيه محمد فقد كان له مثل الاب وليس الاخ الاكبر، وأن جميع الاسرة تعتمد عليه، وانه صاحب سيرة طيبة لكل من يعرفه، مؤكدا انهم سوف يجلبون حقه اجلا ام عاجلا ولن يتركوه، وانهم لا يريدون شئ من الدولة سوى حق ابنهم ولن يقبلوا بغير ذلك. وقال ابراهيم جار وصديق محمد عيد، انهم تلقوا خبر وفاة محمد كالصاعقة وعندما ذهبوا لاستلام جثته رأوا كمثري القطر قاتل محمد اثتاء استجواب الشرطة له، مؤكدًا أن الضحية صاحب سمعة طيبة وشهامة واخلاق نبيلة. وفي لقطة حزينة لاطفال المنطقة والدموع تملأ عينيهم نظرا لحزنهم على فقدانهم لمحمد الذي يساعدهم في خلافاتهم ويصالحهم ع بعضهم البعض يبكي حسن وعبد الله على موت محمد قائلين" حسبي الله ونعم الوكيل". وقال الشيخ رفعت إمام مسجد الرحمن الكبير بالشارع الذي يقيم به محمد عيد ضحية حادث قطار اسكندرية - الاقصر، أن محمد عيد شاب يعرفه الصغير والكبير في الشارع بحسن الخلق وطيبة القلب وأنه كان يساعد الجميع برغم أن حالته لم تكن ميسورة . وأضاف الشيخ رفعت أن محمد عيد تربي يتيما ووالده متوفي وهو صغير في السن وان اهله يشهد لهم الجميع بحسن الخلق وأن أخته توفيت السنه الماضيه في مثل تلك الأيام، متابعصا" : الله يكون في عون والدتهم التي تتلقي مثل كل تلك الصدمات ". وأشار إلى أن محمد لم يدخل قسم مطلقا ولم يسمع أحد عن أي مشكله ارتكبها وأنه كان يخرج لكسب قوت يومه ولم يسبق أن قام بعمل اي اختلافات أثناء تكسبه من عمله، واننا سمعنا بالحادث مثل الجميع بقيام الكمسري بشده من يده وقام بالقاء نفسه خارج القطار. وأوضح الشيخ رفعت أن محمد عيد خريج دبلوم وانهي فترته العسكريه وقرر أن يكسب قوت يومه بالحلال من خلال بيعه للميداليات التي كان يصنع بعضا منها ويبيعها في القطارات والمحطات والأسواق وأن جميع ركاب عربة القطار التي كان بها محمد شهدوا بما ذكرته. واختتم بأن محمد لم يحمل الهم ابدا بل كان يساعد الجميع وعندما تشتد عليه وتضيق الدنيا كان يغني وكان يشغل باله دائما بأن يصلح بين المتخاصمين سواء كانوا شبابا في سنه او حتي أطفالا.