حصاد حزين يعيشه مزارعو محافظات مصر، موسم زراعى وجهد مضن من الفلاحة و العرق لم يؤت ثماره بعدما تعرض أغلب المزارعين لخسائر كبيرة نتيجة لتضررهم من غلاء الأسمدة الزراعية، وكذا اضطرارهم لشرائها من السوق السوداء. مجهود موسم كامل ذهب أدراج الرياح بسبب غلاء الاسمدة الزراعية وترك الفلاح فريسة لتجار السوق السوداء ومعدومى الضمير، وعدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة والمتمثلة فى توفير السماد وتسعير المحاصيل الزراعية. الفيوم شكا مزارعو قرى مركز ومدينة الفيوم تضررهم من ارتفاع اسعار الاسمدة و التى وصلت الى 250 جنيهاً فى السوق السوداء بينما السعر الرسمى 164 جنيهاً، الأمر الذى اضطر الكثيرين منهم إلى الى المخصبات الزراعية. تجارة الاسمدة الزراعية فى الفيوم تٌعد الاكثر رواجًا لأنها لا تباع غالباً الا فى السوق السوداء ومع زيادة الطلب عليها وصل سعر شيكارة «اليوريا» مبلغ وقدره 250 جنيهاً للشيكارة التى تزن 50 كيلوجراماً بينما سعرها الرسمى وصل إلى 164 جنيهاً. قامت «الوفد» بجولة داخل قرى محافظة الفيوم لرصد معاناة الفلاحين وأبرز المشكلات التى تواجههم ،فى زراعة المحاصيل الزراعية وفى البداية قال عبدالعليم منيسير، مزارع من قرية منشاة السادات مركز سنورس: حصة الأسمدة التى نصرفها من الجمعية لا تكفى ونضطر لشراء الباقى من السوق السوداء ولذلك ارتفع سعر الطن إلى 5 آلاف جنيه فى السوق السوداء كما ان ارتفاع اسعار مستلزمات الانتاج تسبب فى زيادة رهيبة تؤثر على كل ما يتعلق بالانتاج الزراعى. وأكد «عبدالعليم» أن الكميات الواردة من الاسمدة لا تكفى والجمعيات الزراعية لا تصرف الا شيكارتين أو ثلاثة حسب نوع المحصول المراد زراعته لكل فدان بينما الفدان يحتاج الى خمس او ست شكاير وفى ظل الحاجة الى الاسمدة استغل التجار الفرصة وضاعفوا الاسعار مرات ومرات وامام هذه الازمة يضطر الفلاح الى زراعة جزء من الارض وترك الباقى بور لعدم قدرته على شراء الاسمدة من السوق السوداء. وأضاف عبده علام، مزارع من منطقة دار الرماد بمدينة الفيوم: إن الفلاح سقط بين فكى الرحى بين نار ارتفاع أسعار السماد بالسوق السوداء وارتفاع أجور العمال من جهة، وبين العائد المتدنى لإنتاجية المحاصيل من جهة أخرى. وأشار إلى أن الجمعية تمنح كل مزارع 250 كيلو سماد للفدان الواحد بينما الاحتياجات الفعلية تصل إلى 12 شيكارة للفدان أى ما يقرب من 600 كيلو، ويضيف أن قيراط الأرض وصل إيجاره إلى 350 جنيهاً سنويًا بخلاف التقاوى وعملية الحرث والخدمة والسماد الذى وصل سعره فى السوق السوداء إلى 250 جنيهاً للشيكارة، إلى جانب تكاليف عملية الرى وجمع المحصول مما يزيد من الخسائر المادية للفلاح والمزارع. ويلتقط طرف الحديث أيمن عشرى من قرية سرسنا المزارعين فى القرية يعانون من عدم وجود مستلزمات الانتاج فى الجمعيات الزراعية مثل الاسمدة والمبيدات وعندما نتوجه الى الجمعيات الزراعية للحصول على المبيدات يقوم المشرف او المهندس الزراعى بكتابة ورقة ويطلب منا شراءها من مكان آخر، فلا رقابة عمليات توزيع الاسمدة فى الجمعيات الزراعية. بينما قال ناجى حسن عبد الله مزارع من قرية الناصرية بمركز الفيوم يؤكد أهمية استخدام المخصبات الزراعة قائلاً إننا كمزارعين استغنينا تماماً عن الاسمدة واتجهنا الى المخصبات الزراعية منذ حوالى 3 سنوات والتى تقدمها لنا وزارة الزراعة ومؤسسة إيد على إيد والتى نحصل منها على المنتج am1 وهو عبارة عن سماد عضوى بدون كيماويات ونضع 25 لتراً للفدان فى «الرية» الواحدة وهو مفيد جداً فى الزراعة وارتفعت الانتاجية بعد ان استخدمناه فى الزراعة. وفى مركز طامية أكد المزارعون تعرضهم لخسائر فادحة فى محصول الذرة الرفيعة نتيجة تعرض المحصول للندوية والتى تشبه العسل الأسود السائل ويصيب الزرع بالعفن ويقضى على المحصول. الإسماعيلية بين مطرقة زيادة أسعار الأسمدة وسندان ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعى فى الفترة الأخيرة يقف المزارعون فى محافظة الاسماعيلية فى وضع بائس .. ارتفاع أسعار الأسمدة مع الزيادة المطردة فى أسعار الوقود ادت لزيادة فى تكاليف الإنتاج ليجد الفلاح نفسه بين أعباء مالية متراكمة وخسائر متلاحقة. وقال عبدالتواب عواد، مزارع بمنطقة الواصفية التابعة للإسماعيلية «الفلاح والمواطن وحدهم من يدفعون ثمن ارتفاع أسعار الأسمدة أما التاجر والوسيط فهم المستفيدون من هذه الزيادة الهائلة .فالفلاح يتكبد تكاليف الزراعة من زيادة فى أجر العامل وأسعار الجاز والذى تستخدمه الميكنة الزراعية وآلات الرى والبذور والشتلات والكيماوى والأسمدة ويعانى مع الرى وفى النهاية مضطر ان يبيع المحصول بأى سعر يفرضه التاجر ولأن الفلاح مكبل بديون لبنك التسليف من جهة وللجمعية الزراعية من جهة ولمتطلبات أسرته يضطر لبيع المحصول حتى لو بالخسارة والتاجر بدوره يرفع فى السعر على تاجر القطاعى وهو ما يعانى منه فى النهاية المستهلك العادى». وقال محمد سمير: شتلة الفراولة زادت من 10 قروش ل50 قرشاً والسماد زاد الشيكارة وصل ل200 جنيه وتكاليف زراعة فدان الفراولة وصلت ل10 آلاف جنيه ولسه الإنتاج مش عارفين هيكون ازاى .يعنى متخيل هنبيع كيلو الفراولة بكام ولحد ما يوصل للمواطن الغلبان هيكون بكام». وقال عبد الجليل السيد مزارع ان الدولة ترفع يدها عن دعم الفلاح رغم ان الزراعة هى أساس وعصب الاقتصاد فى مصر وقال مصطفى عبدالجليل: «الفلاحون هجروا الاراضى بعد زيادة تكاليف الانتاج الزراعى ومشاق التسويق وتابع أن الأمر لا يقتصر فقط على الأسمدة ولكنه يمتد أيضاً إلى المبيدات والبذور التى لم تعد توفرها الجمعيات الزراعية كما كان بالسابق، ونقص بعض الأنواع منها خاصة اليوريا والتى نلجأ لشرائها من السوق السوداء. وقال عطاالله محسن أن زيادة أسعار مستلزمات الزراعة وعدم تحقيق الفلاحين لأى مكسب دفع الكثير منهم إلى تقليل المساحات الأراضى التى كانوا يقومون بزراعتها، وهناك من يحاول بيع أرضه والاتجاه إلى أى عمل آخر غير الزراعة التى لم تعد توفر له أى مكسب يعيش منه هو وأسرته، ما أدى لبوار الأرض الزراعية. الغربية تشهد محافظة الغربية انطلاق موسم حصاد الأرز على مساحة 70 ألفاً و100 فدان أرز هذا العام بزيادة 24 ألفاً و500 فدان عن العام الماضى، وذلك على مستوى مراكز المحافظة ال8، حيث إنه كان من المقرر زراعة 6000 فدان بمركز طنطا و10430 فداناً بمركز قطور و6500 فدان بمركز كفر الزيات و8220 فداناً بمركز بسيون و17350 فدانا بمركز المحلة الكبرى و4000 فدان بمركز السنطة و6000 فدان بمركز زفتى و11600 فدان بمركز سمنود. ومع بداية الموسم تتجدد الأزمات كل عام ليقع المواطن فريسه بين كل من الفلاح الذى يسعى لتحقيق هامش ربح يعوضه عن تعبه طوال الموسم وخسائره العام السابق وبين التاجر الذى يتلاعب بالفلاح ويبيع ويشترى فيه على هواه دون أن يردعه أو يحاسبه أحد وأخيراً بين الحكومة التى ترفض استلام المحصول من المزارع من ناحية وتغلق باب التصدير من ناحية أخرى، ليصبح التاجر هو المستفيد والراقص الوحيد على جثث الفلاحين والمستهلكين. وقال السيد إبراهيم، مزارع من قطور عن تخوفه من تكبد خسائر طائلة هذا الموسم، موضحاً أن ايجار الفدان وصل نحو 10000 جنيه. كما ارتفعت أسعار التقاوى والعمالة وفى نفس الوقت شهدت اسعار الأرز هذا العام تراجعاً كبيراً لأن سعر بيع طن الارز هذا العام 3500 جنيه والفدان ينتج من 2 الى 3 أطنان وهو ما يعنى ان ربح الفدان سيغطى التكلفة بصعوبة. وأضاف مصطفى محمد، فلاح، طرف الحديث مطالباً الحكومة بمساندة الفلاحين الذين كبلتهم الديون وأصبحت مهنة الزراعة بمثابة السجن لهم وفى نفس الوقت لا يستطيعون التخلى عن أرض آبائهم وأجدادهم. وتابع: «محصول الأرز بالنسبة لنا هو أهم محصول وكل الفلاحين يحبون زراعته رغم التكلفة الكبيرة والمخالفات التى ندفعها الا أننى لا نستطيع الاستغناء عنه فهو طعام رئيسى على مائدتنا ويتحمل التخزين وغير قابل للتلف سريعاً مثل باقى المحاصيل لذا نتمنى زراعته طوال العام». من جانبه أعلن المهندس على عبدالجواد وكيل وزارة الزراعة بالغربية، أهمية زراعة محصول الأرز لكونه محصولاً اقتصادياً يسهل زراعته وتخزينه ويمثل محصولاً غذائياً مهماً يساهم فى زيادة دخل الفلاح، مشيرا إلى أنه أعطى تعليمات مشددة بضرورة وجود مهندسى الإرشاد بجميع مراكز زراعة الأرز، لمتابعة العمل والإشراف عليه ووضع حلول سريعة لجميع المشكلات التى يقابلها الشباب أثناء موسم التجميع. وأشار الى أن المديرية قد أنشأت جهازًا لمنظومة تدوير قش الأرز ومواجهة السحابة السوداء هذا الموسم من خلال العمل على مدى 24 ساعة علاوة على مرور دورى من سيارات المديرية والإدارات على مواقع قش الأرز مع رصد أى حريق حين حدوثه واتخاذ كل الإجراءات القانونية ضد المخالفين. فيما طالب الحاج حسين الحصرى، نقيب الفلاحين بالغربية الحكومة بوضع تسعيرة مناسبة لمحصول الأرز تحقق للفلاح هامش ربح كافياً وتحميه من الوقوع فى براثن التجار. وحذر الحصرى من مغبه غلق باب التصدير أمام محصول الأرز وما سيتكبده الفلاح من خسائر فادحة خاصة أن محصول الأرز هو المحصول الرئيسى فى محافظة الغربية ويعول عليه الفلاحون فى تعويض الخسائر التى لحقت بهم فى المواسم السابقة. كفر الشيخ تعتبر محافظة كفر الشيخ من أشهر المحافظات التى تقوم بزراعة محصول الأرز من إجمالى ناتج الجمهورية ، إلا أن الأعباء المالية الملقاة على عاتق الفلاحين تدفع بهم إلى المجهول نتيجة لتجاهل الأجهزة المعنية لمطالبهم المشروعة والمتمثلة فى تسعير بيع المحاصيل الزراعية وتوافر الأسمدة الزراعية وزيادة نسبة زراعة بعض المحاصيل الزراعية و على رأسها محصول الأرز. وقال محمد أحمد قنديل، مزارع من قرية السبعين بإصلاح شالما، مركز كفر الشيخ: تعرضنا لضرر كبير نتيجة ارتفاع أسعار الأرز هذا العام وتدنى سعره رغم التكلفة العالية التى أنفقت عليه من أسمدة ومبيدات وحصد المحصول وسعر السولار المرتفع، مطالبًا بضرورة العمل بنظام الزراعة التعاقدية وإعلان سعر محصول الأرز وكافة المحاصيل الزراعية قبل زراعتها ، ليتحقق للفلاح هامش ربح يستطيع العيش من خلاله. وأضاف عبدالحميد داود: الفلاح المصرى بعد جنى محصول الأرز يبكى على حاله بسبب بخس سعره، وتكاليف أسمدة ومبيدات وجرارات وأيدى عاملة ووقود، والنهاية فدان ثمنه مليون جنيه بيجيب 10000 جنيه فى الموسم دا يبقى اسمه خراب بيوت. وأشار محمد الجندى نائب رئيس لجنة الوفد بمركز دسوق، إلى أن تراجع سعر طن الأرز يعد خسارة فادحة للفلاح، نظرًا لكون سعر الأردب المعروض لا يتناسب مع حجم المصروفات الخاصة بتكليف عملية الانتاج، بسبب غلاء مستلزمات الإنتاج وانخفاض مساحات الأرز المنزرعة هذا العام بالمحافظة، بالرغم من أن المحافظة تعتمد على الأرز كمحصول استراتيجى لها، مضيفا أنهم سيلجأون للتوريد للتجار وليس للحكومة وبالتالى ستفتح أبواب السوق السوداء.