سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 4-6-2025 مع بداية التعاملات    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة إنتاج مجموعة أوبك+    كامل الوزير: 70% نسبة تنفيذ الخط الأول من القطار السريع والتشغيل التجريبي يناير 2026    بعد نجاحها في ضرب العمق الروسي، بريطانيا تتعهد بتسليم كييف 100 ألف مسيرة    بينهم 3 أطفال.. مقتل 4 وإصابة 28 في هجوم روسي على أوكرانيا    السيسي يتوجه اليوم إلى أبو ظبي للقاء نظيره الإماراتي    علي الهلباوي يحتفل مع جمهوره بعيد الأضحى في ساقية الصاوي    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    طقس عيد الأضحى 2025 .. أجواء غير عادية تبدأ يوم عرفة وتستمر طوال أيام التشريق    رابط نتيحة الشهادة الإعدادية 2025 بالاسم ورقم الجلوس في الجيزة    تشكيل البرتغال المتوقع أمام ألمانيا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    بكام الطن؟ أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    اليوم.. ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم بنسبة 50%    تنسيق 2025.. هؤلاء الطلاب مرشحون لجامعة "ساسكوني مصر"    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    كامل الوزير: "ما زعلتش إن زيزو راح الأهلي".. وأتمنى احترافه بالخارج    «إنتوا هتجننونا».. خالد الغندور ينفعل على الهواء ويطالب بمنع زيزو من المشاركة مع الأهلي في المونديال    كامل الوزير: تذكرة المونوريل بنصف تكلفة بنزين السيارة    الدولار ب49.62 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 4-6-2025    "مايكل وملاكه المفقود" لهنري آرثر جونز.. جديد قصور الثقافة في سلسلة آفاق عالمية    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    حبس مقاول و4 آخرين بتهمة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    إصابة 14 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوى الغربى بأسيوط    مشعر منى يتزين ب«الأبيض» بقدوم حجاج بيت الله في يوم التروية الآن (فيديو)    مقتل محامٍ في كفر الشيخ.. ووكيل النقابة: اعتداء وحشي    اليوم.. مجلس الأمن يعتزم التصويت على قرار لوقف حرب غزة    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    موعد أذان فجر الأربعاء 8 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة كريت اليونانية الآن (بؤرة الزلازل)    تحذير إسرائيلي لسكان غزة من التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تأخر شحنة مهمة ينتظرها وعطل في المنزل.. برج العقرب اليوم 4 يونيو    تامر حسني: «زعلان من اللي بيتدخل بيني وبين بسمة بوسيل ونفسي اطلعهم برة»    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    حملات مكثفة على المنشآت الغذائية استعدادًا لعيد الأضحى المبارك بالمنوفية    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    البيت الأبيض: ترامب سيشارك في قمة الناتو المقبلة بهولندا    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسطورة الخواجة عبدالقادر الخلابة
نشر في الوفد يوم 25 - 08 - 2012

كما فى مسلسليه السابقين «الرحايا» و«شيخ العرب همام» يواصل الكاتب والسينارست المبدع «عبدالرحيم كمال» ارتياده لطريق جديدة للدراما التليفزيونية، يبتعد بها عن المناطق التى سبق له ان طرقها من قبل، كالدراما الاسرية التى تتخذ من المشاكل الأسرية موضوعا لها والتى برع فيها عاصم توفيق، ودراما الأجيال التى ذات الخلفية التاريخية التى برع فيها «أسامة أنور عكاشة» والدراما التى تؤرخ لسير شخصيات سياسية أو اجتماعية التى برع فيها «محفوظ عبدالرحمن»، فضلا عن الدراما البوليسية، ودراما المطاردة والمخابرات ..الخ.
وفى مسلسله الاخير «الخواجة عبد القادر» يقدم «عبد الرحيم كمال» رؤية فلسفية للكون وللحياة عبر ما يمكن تسميته «دراما الاسطورة» التى تبحر بين زمنين زمن الحرب العالمية الثانية، والزمن الراهن، وتجرى مقابلة بين نمطى الحياة فيهما. فبطل المسلسل «هربرت دوبر فيلد» «يحيى الفخرانى» مهندس بريطانى، يعيش ازمة وجودية، بين فقده لشقيقه واصدقائه فى حرب عبثية هى الحرب العالمية الثانية، وفشله فى زواجه بسبب اكتشافه لخيانة زوجته «مها ابوعوف» له مع شاب يصغرها فى العمر «سرعان ما خانها هو ايضا بدوره،،لذلك يفقد ايمانه بكل شيء، ويدمن الخمر، رغم تحذيرات الاطباء له بالتوقف عن احتسائها، لكنه لا يمتثل للتحذير وكأنه يسعى للانتحار، ولا يستمتع بشيء فى الحياة بعدها سوى بالاستماع الى الموسيقى، وكان الشىء الوحيد الذى حرص عليه طول الوقت، هو ان يؤدى عمله فى المحاجر بإتقان وأمانة، وهو ما يدفع الشركة التى يعمل بها الى نقله الى فرعها فى السودان، وهناك يجد نفسه وسط ثقافة مختلفة، وسرعان ما يقوده عشقه للموسيقى الى الاستماع الى الشعر الصوفية الأدعية والأناشيد الصوفية، ويندرج فى صفوف الصوفيين السودانيين بمساعدة احد كبارهم الشيخ «عبدالقادر» «ابراهيم فرح»، ويبدأ على يديه الاهتمام بالجانب الروحى من الثقافة الاسلامية، حيث يدرك أن للإنسان رسالة فى الحياة هى أن ينشر المحبة والتسامح على كل من حوله، فيشهر إسلامه، ويتسمى باسم الشيخ الذى اخذ عليه العهد «عبدالقادر».
وينتقل «الخواجة عبدالقادر» الى مصر ليعمل فى فرع للشركة كانت قد انشأته حديثا، فتشتبك قصته مع قصة اسرة صعيدية تهيمن على القرية التى يقع فيها المحجر الذى يعمل به، حيث يدمر الطمع والتسلط والصراع على المال، كل ما بينها من صلات. فالأخ الأكبر الحاج عبد الظاهر «أحمد فؤاد سليم» يسيطر على ميراث الاسرة، ويستولى على ميراث أخيه الأصغر زايد «محمد شلش»، فيهجر الأسرة ويسيح بين البلاد، ويحرم شقيقته الصغرى زينب «سلافة معمار» من الزواج، لأنه لا يريد لثروة الأسرة التى يسيطر عليها ان تنتقل الى الغرباء، بينما يشغل الخواجة عبدالقادر نفسه بتعلم اللغة العربية وحفظ القرآن، على يد صبى يتيم فقير يدعى كمال «احمد خالد»، ويتعرف الخواجة على زينب اثناء تدريسه اللغة الانجليزية لابن شقيقها، ويكتشف انها مثله تهوى الموسيقى والغناء فيشغف بها، فيتقدم للزواج منها فيتحداه شقيقها المتسلط، ويدبر له كل الحيل للتخلص منه، لكن الاثنين اللذين يختلفان فى العمر وفى الثقافة يتمسكان بحبهما الصوفى المجرد، ويفلحان فى النهاية فى إتمام زواجهما، فيشعل الاخ المتسلط النار فى عش الزوجية، ولا يجد الذين دخلوا المنزل بعد اطفاء الحريق أثرا لأى رفات لهما. وتدور الأساطير حول أنهما شوهدا بعد ذلك فى الخرطوم والقاهرة، وأن الخواجة عبدالقادر قد زار أصدقاءه فى مصر والسودان، وطلب أن يقيموا له «مقام» وهو ما فعله تلميذه الفقير الذى ظل يتلقى معونات منه بعد رحيله، حتى أتم دراسته وأصبح مهندسا يشار له بالبنان «محمود الجندى». وحين يحاول الجيل التالى من أسرة العمدة المتسلط إزالة هذا المقام، يتصدى له اهل القرية،بينما يظهر الخواجة لتلميذه المهندس كمال، ليؤكد له أن مقامه ليس الضريح الذى أقامه له، وانه موجود في كل القلوب، وان الله يسكن فى قلب كل انسان، وهو المعنى الذى انطوت عليه كلمات الانشودة الصوفية فى ختام المسلسل ، اذ تقول :والله ماطلعت شمس ولا غربت إلا وحبك مقرون بأنفاسى، ولا خلوت إلى قوم أحدثهم إلا وأنت حديثى بين جلاسى، ولا ذكرتك محزونا ولا فرحا، إلا وأنت بقلبى بين وسواسى، ولا هممت بشرب الماء من عطش إلا رأيت خيالا منك فى الكاس.
قدم المسلسل مجموعة من القيم المجردة الذى يسوقها مفهوم الثقافة الإسلامية الصوفية بما يحمله من طاقة روحية هائلة، يمجد المحبة والعدالة والتسامح والتفانى فى محبة الخالق والمحبوب، حتى ولو كانت علاقات المحبة مستحيلة وغير قابلة للتحقق والاكتمال، والمسلسل دعوة لسلة من القيم الاخلاقية الفاضلة والرفيعة التى تعلى من الزهد والتواضع والتصدى للعدوان على الضعفاء، والجسارة فى مواجهة الظلم، مهما اختلت موازين القوى بين الظالمين والمظلومين.كما تنقل المسلسل بنعومة وذكاء بالغ بالمقابلة التى أجراها بين من يستخدمون الدين لنشر المحبة والتسامح والعلم والمعرفة،وبين من يستخدمونه لمصالح سياسية ضيقة تزيف الوعى لتبرر تسلطها واستبدادها ونهبها لثروات البلاد،وحرمانها للمرأة من الحق فى الميراث، تمسكا بموروثات بالية.
لم يكن بوسع هذه الرسالة السامية أن تصل إلا عبر الجماليات المتناغمة التى تدفقت فى المسلسل فى الأداء العبقرى السهل الممتنع لكل فريق الممثلين الذين نجحوا جميعا دون استثناء فى مواجهة التحدى الذى فرضته موهبة «يحيى الفخرانى» المتفردة التى تنمو عاما بعد اخر فى اتجاهات إبداعية خلاقة فضلا عن الموسيقى والإضاءة والملابس والتصوير وكل العناصر الفنية التى أسهمت فى إظهار ثراء الحدث، ورفعته الى مستوى الملحمة الاسطورية، ليبقى هذا المسلسل محفورا لزمن طويل فى الذاكرة، ليحتل به المخرج المثقف الذكى والحساس «شادى الفخرانى» مكانا بارزا يستحقه عن جدارة، فى ساحة الدراما التليفزيونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.