كانت المعركة رهيبة لكن الجيش السوري استعاد الاحياء المسيحية في وسط حلب التاريخي الذي كان شبه مقفر الخميس مع سماع دوي انفجارات متقطعة، كما قال سكان. وقالت صونيا، وهي زوجة تاجر ثري: "عشنا اصعب ليلتين في حياتنا، لم يغمض لنا جفن لم نكن نتصور ان هذا يمكن ان يحصل". واضافت "لو لم يكن بيتنا مبنيا مثل حصن، لكنا الان في عداد الاموات. واجهة المنزل تحمل اثار اطلاق النار". وتعيش صونيا في حي التلل، وهو واحد من الاحياء المسيحية الثلاثة في حلب مع الجديدة والسليمانية وهي احياء كان يقصدها السياح قبل الحرب بسبب مطاعمها ومتاجرها التي تعرض مصنوعات حرفية. وتمكن الجيش السوري من اخراج المقاتلين المتمردين من الاحياء المسيحية امس الاربعاء بعد ان سيطروا على قسم منها خلال نهاية الاسبوع. واوردت وكالة الانباء السورية الرسمية سانا ان "محافظة حلب والمؤسسات الخدمية فيها والدفاع المدني وعدد من الاهالي يعيدون تأهيل منطقتي الجديدة والتلل بعد تطهيرهما من الارهابيين تمهيدا لعودة الحياة الطبيعية اليهما". ويدعم قسم كبير من سكان الاحياء المسلمة في حلب المعارضة، ولكن الامر مختلف في الاحياء المسيحية فقد اعلن قسم كبير من رجال الدين المسيحيين تأييدهم للرئيس بشار الاسد خشية سيطرة الاسلاميين على السلطة. وتعرض هذا الموقف المؤيد للنظام للانتقاد من داخل الاقلية المسيحية التي تخشى ان تدفع الثمن غاليا في حال سقوط النظام الذي يواجه منذ 17 شهرا حركة احتجاج تحولت الى مواجهات مسلحة بعد اشهر من القمع. وقال السكان ان ساحة فرحات، حيث ينتصب تمثال اسقف امام الكنيسة المارونية عند تقاطع طرق، تحمل اثار المعارك الطاحنة التي دارت خلال الايام الماضية. وفي هذا الشارع، توجد اقدم الاديرة والكنائس الحلبية، وخصوصا كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك التي هرب اسقفها بسرعة حتى لا يقع في ايدي المقاتلين المعارضين بسبب مواقفه المؤيدة للنظام، كما ذكر احد السكان. وقال الساكن الذي لم يرغب في كشف اسمه ان "معارك الاثنين والثلاثاء كانت عنيفة جدا واستمرت ساعات طويلة قبل ان يتمكن الجيش من السيطرة على الحي ويعتقل العشرات من المسلحين". واضاف: "كان لا بد للجيش من ان يستعيد السيطرة على هذه الاحياء لان الكثير من منازلها توجد تحتها انفاق تقود الى القلعة القريبة". وقال: "بعد عملية تطهير هذه المنطقة الواقعة في قلب الاحياء السكنية في وسط المدينة، نزل المئات من سكان هذه الاحياء الى الشارع وساروا من التلل الى السليمانية للتعبير عن فرحهم وتاييدهم للجيش". وذكرت سانا ان الدفاع المدني والمؤسسات العامة ارسلت على عجل (عمالا) للقيام باعمال التصليح الضرورية واعادة الحياة الى طبيعتها في هذه الاحياء بعد تطهيرها من الارهابيين. وقال احد السكان ومصدر امني ان السكان شكلوا "لجانا شعبية" بعد اخراج المقاتلين لمنعهم من العودة الى هذه الاحياء. وقال ساكن اخر: "الامر ليس منظما بشكل جيد ولكن هناك شبان في الحي الارمني خصوصا يحمون المنطقة خشية تسلل المسلحين من جديد. بعضهم يحمل السلاح كما يمكنهم استدعاء الجيش في اي لحظة للتدخل". وتستمر المواجهات بين المقاتلين المعارضين والجنود في سائر احياء المدينة التي تدور فيها معارك طاحنة منذ اكثر من شهر. ويقول الباحث فابريس بلانش ان 85% من سكان حلب البالغ عددهم 2,7 مليون نسمة، هم من السنة، و10 بالمئة من المسيحيين ونصف المسيحيين هم من الارمن والباقون من السريان والروم الكاثوليك والموارنة.