خطوة الرئيس مرسى الجريئة الرائعة هى بداية تاريخ جديد لمصر، ولن أبالغ اذا قلت بل وللمنطقة العربية كلها فمصر كما كانت رائدة العرب ودليلهم فى شتى المجالات؛ فهى قادرة كذلك على قيادتهم نحو مستقبل ديمقراطى حقيقى.. والخطوة كانت منطقية ومطلوبة وملحّة لأنه كان لايجوز ولايصح أن يستمر ذلك الوضع الشاذ من ازدواجية السلطة والذى كان يهدد مصر فى رأيى بصراع قد يمتد الى حرب أهلية، وقد قلت هنا فى المقال السابق مباشرة تحت عنوان (الخونة الأشد خطورة ) : "..أنا عن نفسى سأؤيد الرئيس فى كل قرار يحفظ له استقلالية القرارمهما كان قراره جريئاً بل وكلما اشتدت جرأة القرار كلما اشتد تأييدى له لالشئ إلا لأنه الرئيس المدنى المنتخب الأول فى تاريخ مصر ونجاح تجربته سيضع مصر على بداية الطريق الصحيح" وكنت أقصد تماماً ما فعله الرئيس بإقالة المشير طنطاوى بدليل ماقلته هنا أيضاً فى مقال قبله تحت عنوان "إعلام المجلس العسكرى" حيث قلت :" ... وأين السيد الرئيس من كل ذلك ..نعم نعلم حجم الضغوط الرهيبة التى يواجهها ولكنه يعلم أيضاً أن غالبية الشعب قد ملّت من استمرار تحكم المجلس العسكرى فى كلّ شئ..ولهذا فمعظم الشعب معه الآن وأسهمه فى صعود وستتصاعد أكثر بشرط حسن استغلاله لعامل الوقت وإلا فسيفقد هذه الورقة المصيرية.. ياسيادة الرئيس تحرك قبل فوات الأوان ..اتخذ القرارات التى ترضى ضميرك ولاتخش غير الله ..فذلك الذى نتوقعه منك وذلك الذى من أجله اخترناك" وأنا أستشهد بما قلته سابقاً لأثبت أن الخطوة كانت ضرورية حتى تكتمل الثورة وحتى تستقيم الأمور وقد أثبت الرئيس أنه قادر على وضع الأمور فى نصابها وأنه لاتنقصه الجرأة ولا القوة وكان هذا ظنى به منذ أعلن حزب الحرية والعدالة عن ترشيحة للرئاسة فقلت وقتها هنا أيضاً وتحت عنوان (نكتة الاستبن والخيارات المتاحة) : ( دكتور محمد مرسى رغم تواضع هيئته هو فى نظرى شخصية قوية للغاية فهو ذو علم واخلاص فى خدمة الوطن وهو لايخشى فى الحق لومة لائم ..أُختير كأحسن برلمانى فى العالم حين كان نائبأ فى الفترة بين عامى 2000 - 2005 وعندما تعود للجلسات المصورة وترى تفانيه فى محاربة الفساد وحل المشكلات ستعرف أنه جدير بالثقة كما أنه قوى الشخصية لدرجة أن فتحى سرور كان يخشى الاصطدام به وأظن أن مصر فى المرحلة القادمة تحتاج لشخص قوى ومخلص ..طبعاً أعرف أن كثيراً من السهام ستنهال علىّ فى هذه اللحظة لكن هذا ضميرى وأجرى على الله) وفى مقال قبله قلت إنه يتوكل على الله حق توكله ..وأنا اليوم سعيد جداً لأن الأحداث أثبتت حسن توقعى حين كنت أول من انتبه ونبّه الى صفة القوة فى شخصية الدكتور مرسى وسعيد لأن الرئيس لم يخيب الظنون خصوصاً بعد أن اكتشفت الآن أنه يجمع الذكاء السياسى الى جانب القوة ..أعلم أنى أكثرت من الاستشهاد بما قلته سابقاً ولدى عذرى وهو أننى حين ظللت أقول ذلك لشهوركذبنى الكثيرون الى حد السخرية والكل يعلم مرارة أن يكذبك الآخرون ويسخرون وأنت تقول الصدق ، ولهذا بات من حقى الآن أن أذكّر كل من لم يصدقنى بأنى لم أقل غير الصدق وهاهى الأيام تثبت أننا قد صار لدينا اليوم الزعيم الذى انتظرناه طويلاً وسيذكر التاريخ أن يوم الأحد الرابع والعشرين من رمضان هو عيد النصر الحقيقى لثورة يناير..وحين كنت أتمنى أن يُقدِم الرئيس على اقالة المشيرلانهاء الديكتاتورية العسكرية واسترداد صلاحياته كاملة وإلغاء الاعلان الدستورى الذى وصفته وقتها (بالمكمل على الثورة ) كنت أظن أن الرئيس سيفعل ذلك وان لم أكن أظن فى الحقيقة أنه سيفعله بهذه السرعة وهذه السلاسة ..قولوا الحمد لله أن الانتخابات أسفرت عن د.مرسى رئيساً وتصوروا لو أن شفيق كان هو الذى على كرسى الرئاسة الآن؟ هل كانت الثورة ستحقق هذا النجاح أم أن هذا النجاح كان سيذهب لأعداء الثورة فلول الفساد ؟ أقول للذين يروجون أن اقالة قادة المجلس العسكرى كانت بالاتفاق مع المجلس العسكرى نفسه ويقصدون بذلك التقليل من قيمة هذا النصر وعظمته أقول لهم فاتكم شئ فى منتهى البساطة وهو أن الاقالة لاتكون بالاتفاق أبداً ، كان من الجائز أن أصدقكم لو أنها كانت استقالة؟ لأن الاتفاق يعنى أنه من حق المشير بالتالى أن يجعلها فى شكل استقالة خصوصاً وهم متفقون ومتراضون لكن مادام هذا لم يحدث وكانت اقالة فهذا دليل على أنه لم يكن اتفاقاً ..هل وصل المعنى؟ أما الذين يزعمون أن الرئيس فعل مافعل من أجل الاستيلاء على كل السلطات بغير حق..أقول لهم أنتم أنفسكم الذين اتهمتموه قبلها بعقد الصفقات مع العسكرى على حساب مصر وشعبها فلايستقيم بعد أن يسحب السلطة من المجلس العسكرى أن تتهموه بالاستيلاء على السلطة لأن هذا يجعلكم متناقضين مع أنفسكم وهذا من شأنه أن يفقدكم المصداقية.. المهم أن هذا النصر حقق لمصر ماكنا نتمناه لها بشدة وهو الخروج السريع من عنق الزجاجة الصعب الذى كانت منحشرةً فيه ..ويجب أن نكون سعداء فخورين بالرئيس مرسى فقد صار لنا قائد قوى يعرف مايريد ويقصد مايفعل ولايخشى الا الله وأرجو أن يكون عند هذا الظن دائماً فنحن فى زمن الديمقراطية لم نعد نؤيد أحداً تأييداً مطلقاً أبداً .. بل ننتظر ونرى ..ولأن مانراه الآن مبهج وجميل فمن حقنا أن نطمع فى المزيد ..نريد دستوراً يمثل كل الناس ونريد القضاء التام على ماتبقى من مظاهر الحزب الوطنى البائد فى المحافظات والمحليات ومصالح الحكومة وغيرها حتى تتطهر مصر وحتى يتم تأمين الثورة ونريد حلولاً سريعة لمشكلات الخبز والطاقة والقمامة المتراكمة.. ونريد صحافة واعلاماً حراً ونريد تعديل معاهدة السلام لنتمكن من حماية سيناء ونريد وضع حد أقصى لأجورالمحظوظين وبسرعة لكى يتمكن الغلابة من الحصول على حد أدنى محترم لدخل يهيئ لهم حياة كريمة بعد طول انتظار..ونريد جيشاً أقوى من أجل المواجهات التى لابد قادمة شئنا أم أبينا..ونريد الافراج عن كل معتقلى الثورة ونريد حق شهداء سيناء..وختاماً عيداً سعيداً لمصر ..بل عيدين سعيدين.