الذي حدث فى سَيْناء هو كارثةٌ وطنية وعار يُسأل عنه المجلس العسكريّ، فحين كنا ننتقد المجلس العسكرى لتباطؤه فى تسليم السلطة وانغماسه فى السياسة التى هى ليست مهمته كان ضعفاء البصيرة يتهموننا بالتطاول على حُماة الوطن المنتصرين الذين عبروا القناة من أربعين سنة بالتمام والكمال ومازالوا حتى الآن. وياللعجب فى أماكنهم فى مجتمع فرعونى يدمن التحنيط كما يدمن التألّيه كما يدمن العبودية.. قلنا لهم إننا لانقلل من قدر الجيش بل نحتج على إصراره على الاشتغال بالسياسة وهو خطأ قاتل لم يسبق أن جرّ على أمّة من الأمم على مرالتاريخ الا الهزيمة ، وأننا نخشى انكشاف الجبهة مادام الجيش فى المدينة لا فى الميدان .. لم يصدقنا ضعفاء البصيرة وراح معظم الإعلام يخطب ودّ العسكر ويمسح لهم جوخاً ويطبل ويغنى لهم، ولم يكتف القادة العسكريون بالبقاء على رأس السلطة بل واتخذوا العديد من الاجراءات الديكتاتورية التى ترسخ هذه السلطة وتزيد نطاقها اتساعاً رغم مجئ رئيس منتخب واليوم صار من حقنا أن نسأل المجلس العسكرى كيف حدثت الكارثة وكيف سالت الدماء الطاهرة بلا مقابل وكيف عاد الشبان الى أمهاتهم فى توابيت..؟ أيها السادة كيف ضُرب جنودنا بهذه السهولة ولماذا لم تعترفوا بمسئوليتكم ولماذا لم تقدموا استقالاتكم كما يفعل المسئولون فى البلاد المحترمة؟ لايجب أن يمر هذا الحدث كغيره مرور الكرام واذا كنا ننوى أن تستفيد منه شيئاً فأول الدروس أن سيناء و هى خط مواجهتنا مع العدو الحقيقى يجب ألاتترك عارية بعد الآن و لابد أن نضع فيها كل مانحتاج اليه من جند وعتاد من أجل حمايتها مهما كان ودون النظر الى معاهدة أو غيره.. فسيناء أرضنا ولايوجد فى الدنيا منطق أو عدل يحق له أن يمنع دولة من حق الدفاع عن أرضها أو وضع قواتها على جزء منها ولايرضى بذلك أو يقبله الا أمة ذليلة ونحن لسنا كذلك ، والثانى أنه يجب علينا أن ننبذ خلافاتنا وأحقادنا الداخلية التى تجاوزت الحد لنتوحد خلف هدف واحد هو أن نكون أقوياء بما يكفى لردع أعدائنا والثالث أن يعود الجيش الى ثكناته فوراً ويكف عن لعب أدوار سياسية أثبتت له التجربه أنه ليس مؤهلاً لها من ناحية و أنها من ناحية أخرى تشغله عن دوره الأسمى فى الدفاع عن أمننا القومى ضد أعداء حاقدين ومتربصين على الحدود.. ويخطئ من يتصور أن الخونة هم فقط من طعنوا جنودنا من الخلف غدراً فى سيناء بل الخونة الأعظم خطورة هم من يضرب استقرار مصر من الداخل ..انهم أتباع فلول النظام البائد الذين لايجدون حتى اليوم حرجاً فى تأييد من دمر بلادهم ونهبها ومصها حتى النخاع..وهم الذين ظهروا فى جنازة الشهداء بمظهر هو غاية فى الحقد والانتهازية وهم الذين يظهرون فى كل لحظة ليعبروا عن سواد قلوبهم وقبح سرائرهم ، تستطيع أن تتعرف عليهم من ملامح الغباء فى الوجوه الجاهلة ومن ملامح السوقيه فى الألفاظ النابية.. كل شعب فى الدنيا يتوحد وقت الأزمة الاهذه النوعية المريضة من البشر.يصبح كل همهم انتهاز الفرصة لتصفية الحسابات والتصايح والتناطح والتشاتم والرغبة فى القضاء على الآخر. فأسوأ مافعله نظام مبارك هو قتل الضمائر ..حتى صارت الوصوليه ذكاء والرشوة والانتهازية مهارة والغش شطارة والاحتيال عبقرية والمحسوبية قوة يتباهى بها الناس على بعضهم ..ولذلك فالتحدى الحقيقى أمام النظام الجديد الآن ليس لقمة العيش ولا التعليم ولا الصحة ولا حتى تطويرالقوات المسلحة بقدر ماهو علاج الضمائر وبدون ذلك فلا أمل فى شئ ، فكيف يمكن اصلاح كل هذا الدمار الذى أحدثته عصابة مبارك بمصر والنفوس أشد خرابا ؟ لن نستطيع أن نغير واقعنا ونحن هكذا، فالله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم .مصر الآن على المحك تحيط بها الأخطار من كل صوب فمتى نتوحد من أجلها ان لم نتوحد فى هذا الظرف العسير..أنا عن نفسى سأؤيد الرئيس فى كل قرار يحفظ له استقلالية القرارمهما كان قراره جريئاً بل وكلما اشتدت جرأة القرار كلما اشتد تأييدى له لالشئ الا لأنه الرئيس المدنى المنتخب الأول فى تاريخ مصر ونجاح تجربته سيضع مصر على بداية الطريق الصحيح ،ولأن من حقه أن يأخذ فرصته كاملة وأن يأخذ وقته وحرية قراره من أجل علاج المشاكل التى استعصت على غيره طيلة ستين عاما.. وأنا عن نفسى لن أسارع باتهام أشقائى فى غزة بقتل جنودنا فجنودنا جنودهم ومصيرنا مصيرهم وعدونا واحد فكيف أظن أنهم الفاعلون فكروا مَن صاحب المصلحة الوحيد فى الوقيعة بين مصر و غزة فى هذا التوقيت بالذات ؟ أنا لاأتحدث عن اليد التى نفذت فالمأجورون موجودون فى كل مكان بل عن الذى ابتكر الجريمة وصنع الشر ليوقع بين شعبين اسألوا أنفسكم لماذا سارعت اسرائيل بتدمير المدرعتين وكان يمكنها أسرهما للحصول على المعلومات التى تكفى للقبض على من يقف وراءهم..الا اذا كانت اسرائيل نفسها هى من يقف وراءهم ولهذا قضت عليهم لطمس الأدلة ..الشر من حولنا كثير ومخيف ولن ننجو منه وقلوبنا متنافرة ..أيها الأخوة أحبوا بعضكم وانصروا الله ينصركم واسألوا الله الخير لبلادكم فى هذه الأيام المباركة.