مازلنا نعيش أجواء ثورتنا يناير المجيدة الثورة الوليدة التى لم تكمل بعد عامها الثانى ، كان زخم الشعارات التى حولها الشباب إلى أغنيات نرددها معهم ، وكانت الألحان التى تهز الوجدان تجعل دمع العين يتساقط رغما عنا مع دقات الدفوف فنطرب ونهتز شوقا بالوطن الذى عاد إلينا بعد غياب السنين ، فالوصول إليه لم يكن باليسير كنا نحاول دائما أن نجد الوطن المفقود لكن مع الأسف بالطرق الملتوية وبالنفاق ، والتلون على كل الوجوه ، كم نافقنا الحاكم وكل من له سلطة ممن لهم مخالب وأنياب ، مصالحنا فوق كل إعتبار كنا نسير فى الخطأ لكننا لا نملك إلا وأد الكلمات فى جوف الصبر إلى أن حقق الله المراد ونزل الفرعون من عليائه وحوله الفاسدون قابعون الآن فى طره يدفعون أثمانا من الكرامة التى أصبحت إلى زوال ،وعزة النفس تحولت إلى إنكسار ، هلل الشباب نحن قادمون رغم المحن رغم وعورة الطريق من راء جبال الصمود لتنهض الأمة المصرية وتنال مجددا ماتستحقه من فخر ومجد بحق تاريخها ومكانتها المقدرة على خريطة الكون ، وكان لهم ولنا ماأردنا لكن سرعان ماهوى الحلم وسقط صريعا ، أين شباب عرفناه يوما ما ظلمناه قلنا عنه جيل الكرة والأغانى الهابطة ، لكنه حين أطل علينا من الميدان إنحنى الكل إعزازا للمشهد ، اليوم عاد حلم السفر يراوده أكثر من أى وقت مضى ، ليس من أجل العمل لفترة محدودة يعود بعدها للوطن حاملا خبرته واستثماراته لاينسى فضل امه عليه ، تبدل الحال وأصبح ينبئ بالخطر ، يحلمون بالهجرة إلى أى دولة حتى لو كانت جزرا منعزلة يتركون الأهل والأحبة وكل الذكريات ، يتمنون السفر حتى لو إمتهنوا أعمالا لاتتناسب من شهاداتهم الجامعية المرموقة وفى سبيل ذلك قد يتزوج المصرى فى مقتبل العمر عجوز توفر له المادة والإقامة فى بلدها أو تعاونه على إدارة مشروع يحقق من خلاله ذاته ويشعر بوجوده كإنسان له هدف يسعى إلى تحقيقه فقيمة الإنسان دائما فى عمله ، لكن الكارثة أن الوسائل الممنوحة كلها وسائل يخسر معها إحترامه لذاته لكنه لم يعد يأبى بفقدان أى شئ أمام سطوة المال والكسب السريع دون تعب أو جهد يذكر ، فهل مات الإنتماء الذى عاد إلى الأفئدة بعد الثورة ؟ ومن لم يحالفه الحظ فيظل يقارن بين الوطن والأوطان الاخرى لتسقط كفة مصر فى كل الأحوال ، لم يعد يرى الشباب أى قبس من نور يضى غياهب الأغوار كل شئ أسود كئيب ، كل شئ حزين الوجوه نفس الوجوه لاتسعى ربما تفتح الابواب إذا قرعناها بصبر وضمير ، فمن أحبط الشباب وجعلهم نهبا للأخيلة والهواجس ؟ أعتقد أن الحماسة التى ألهبتها الثورة خبت بعد حين عندما لم يمنح الشباب التقدير الذى يستحقونه خاصة أنهم من كانوا رمزا للفداء هم من ضحى لأجلنا هم من فقدوا نور العيون ومن أصيبوا وجرحوا وتعرضوا للأخطار من أجل التغيير ، حققوا الأحلام ، وكان الجزاء إهمالا على كل الأصعدة لم يعد لهم دور نتحدث عنه وكأن من قام بالعمل البطولى آخرون ، أين مكانهم فى أجندة الرئيس ؟ الشباب محبطون تائهون ، الحكومة الجديدة هل وضعت خطة قصيرة المدى لوضع بعض الحلول لمشاكل الشباب وأولها البطالة والسكن والمشاركة الجدية فى الحياة السياسية ؟ زادت نسبة الإجرام فى الآونة الأخيرة بشكل يهدد أمن وسلام المجتمع ، الشباب عاد للجلوس على المقاهى والمخدرات فى تناول الجميع ، يشعرون أنهم ظلموا مرتين مرة فى عهد المخلوع الذى لم يوليهم أدنى رعاية وصب إهتمامه على نجليه فعلمهم كيف يكونوا من أثرياء العالم وترك باقى الأبناء يدورون فى الوطن كالغرباء ولم يكن لهما قدوة حسنة ، وظلموا مرة أخرى بعد الثورة عندما حاولوا أن يعيدوا إلينا الوطن المسروق ونجح لكنه الآن فى فراغ كالعدم ، سدت كل الطرق والأبواب فى وجهه ، فهل نلومه إذا غادرنا ولم يعد ؟ نلومه لو تزوج من أجنبية وأنجب أبناء ليس لهم ملامح الفراعنة ؟ نلومه لو تم تأجيره فى عمليات إنتقامية ضد أبناء الوطن ؟ نلومه لو فقد ماتبقى من ضمير أمام الجوع والعوز وامتدت يده لتسرق مابحوزتك ؟ أسئلة لاتلوح نهاياتها ، والخطر يحيط بنا من كل إتجاه ، سؤال نوجهه إلى الرئيس محمد مرسى