بعد معاناة طالت ما يقرب من شهر لتشكيل الوزارة التى طالما انتظرها المواطنون.. لتحقيق الوعود بمشروع «النهضة» التى على أساسه أُنتخب الرئيس محمد مرسى باعتبار أن برنامجه الذى سيسعى لتنفيذه. والمفاجأة.. أنه بمجرد تشكيل الوزارة.. وجه رئيس الحكومة دعوة صريحة يطالب فيها الشعب المصرى بالاصطفاف وراء الوزارة!! وبالطبع هذا طلب لا اعتراض عليه فى ظروف عادية.. ولكن اختيار الوزراء جاء بصورة غير واضحة لأشخاص معظمهم غير معروفين.. ولم تطرح السيرة الذاتية التى تبين على أى أساس ومعايير أُختيروا.. فى حين كان واضحاً أن نسبة عالية من الشخصيات رفضت الاشتراك فى الحكومة المفترض أنها ستكون حكومة الاستقرار والإنجاز وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير المجيدة.. خاصة بعد أن عانينا الكثير من مرحلة التيه والارتباك التى اُستدرجنا إليها، ووضعونا فيها.. بخطة محكمة استخدم فيها كل ما يخطر على البال من عطايا عينية.. والأكثر من ذلك وللأسف الشديد وُظف البعد الدينى ولوح بالجنة والنار فى موضوعات سياسية!! وكان المستفيد من كل ذلك ووراءها.. جماعة الإخوان وذراعها السياسية (حزب الحرية والعدالة).. حيث كان الإصرار على إرادة جنى ثمار الثورة بالإسراع بإجراء الانتخابات البرلمانية (شعب وشورى) وأيضاً رئاسة الجمهورية، وتسلم سلطة الحكم.. قبل إعداد (الدستور) الذى هو أساس بنيان الدولة.. وبدونه لا تتحدد سلطات الدولة والعلاقات بينها وبين الشعب والذى يضمن للشعب حقوقه.. وللسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مهامها. وكان نتيجة ذلك.. هذا الارتباك الذى لا حدود له.. والذى وضح بصورة جلية فى الحكومة الذى أختير لرئاستها د. هشام قنديل وزير الرى فى حكومة الجنزورى والذى تولى منصب مدير مكتب ثلاثة وزراء رى من قبل.. وكان له علاقة مباشرة مع لجنة السياسات.. وكان اختياره مثيراً لحفيظة الرأى العام كذلك أيضاً تبين انعدام المصداقية وعدم تطابق الأقوال والتصريحات مع الأفعال.. وتأكد ذلك فى اختيار وزراء من وزارة الجنزورى بلغت نسبتهم أكثر من (20 بالمائة) مع أن الوزارة السابقة تعرضت لهجوم شديد وقاسٍ غير أن أداءها سيخرب البلاد ويضيع الوطن. علاوة على أن اتهم بعض أعضائها بشتى الاتهامات التى لا تليق بقائلها قبل أن تشين الموجه له.. وكاد بعض نواب الأكثرية يصل إلى حد الاشتباك مع الوزراء فى البرلمان!! ولم يكتف حزب (الحرية والعدالة) ورئيسه حينذاك د. محمد مرسى بتوجيه سيل الاتهامات.. بل أُعلن عن دفع الأمور بإصرار لإسقاطها.. وبأنهم فى الحزب جاهزون بتشكيل وزارى ليحل محل وزارة الجنزورى فى الحال.. ولكن بعد استقالة الوزارة كان واضحاً عجز رئيس الوزراء الجديد عن تشكيل الوزارة.. وفى نفس الوقت عدم استعداد شخصيات عامة للمشاركة فى الحكومة الجديدة.. وأيضاً عُرض على وزراء فى الحكومة السابقة أن يكونوا ضمن التشكيل الوزارى للدكتور هشام قنديل.. وقوبل العرض بالرفض التام.. وتوالت الاعتذارات.. ومضى الوقت ولم يتأكد بتشكيل الوزارة إلا الخميس الماضى فقط وبعد جهد جهيد.. جاءت وزارة على غير المتوقع.. غير معروف هوية معظم أعضائها.. ولا على أى معايير أختيروا فمعظمهم لم يكن لهم أى دور فى الحياة والشئون المصرية.. ولا إنجاز فى المجال الاقتصادى والسياسى والاجتماعى.. وهذا الوضع غير مطمئن على أحوال البلاد فى هذه الفترة المصيرية.. خاصة أن منذ تنصيب رئيس الجمهورية.. لم نر بدايات أو حتى بوادر عمل لحل القضايا التى اختارتها الرياسة لتبدأ بها مثل الأمن - المرور - العيش - الطاقة - القمامة.. بل انحصرت جهود الفترة فى السفر والزيارات والمقابلات وإلقاء الكلمات.. وتشكيل وزارة مجهولة الأوصاف!! الكلمة الأخيرة المواطنون يتساءلون.. وراء من يقفون.. ويصطفون.. والأهم ماذا سيفعلون.. خاصة إذا كانت الحكومة غير واضح لها برنامج وغير متجانسة لحمل مسئولية تضامنية.. ولا علم مسبق لهم بأعضائها وكأنهم جاءوا من المجهول ليأخذونا إليه!!