اكتشفت أن شارعنا مغلق فى الصباح، السيارات متوقفة، أو تسير ببطء شديد، أو تهرب إلى شوارع جانبية، المواطنون السائرون على الأقدام يسبون ويلعنون فى الثورة والنظام والحكومة، الرصيف اختفى أو استولى أصحاب المحلات عليه، فاضطر المواطنون إلى الدخول فى سباق مع السيارات على الباقى من نهر الطريق. توقعت أن يكون السبب مشاجرة بين سائقى التكاتك كالعادة، أو خناقة فى طابور الخبز أمام الفرن الذى يتوسط الشارع، وعندما وصلت الى نقطة الأزمة فى الشارع اكتشفت ان السبب لا هذا ولا ذاك. وتبين أن السبب الرئيسى فى هذه الأزمة المرورية كوم الزبالة الذى يقع خلف سور المدرسة الابتدائية مباشرة فى تقاطع شارعنا مع شارع آخر. كوم الزبالة ارتفع حتى قارب نهاية سور المدرسة، واستعرض حتى سد الشارع، وعندما حاول فى هذا اليوم عمال النظافة التعامل معه من خلال برنامج «وطن نظيف» قاموا بفرش القمامة فى الشارع، واكتشفوا عدم وصول السيارات التى ستقلها إلى المقالب المجمعة، فسدت القمامة الشارع أمام حركة السيارات والمواطنين، وأصبح مغلقاً تماماً بتلال كل أنواع الزبالة العضوية وغير العضوية. عمال النظافة أجسامهم هزيلة، وأعمارهم كبيرة، وأدواتهم بدائية، وظروفهم صعبة، وعندما فشلوا فى مهمتهم، تفرغوا للتسول من أصحاب السيارات! وأنا نازل من بيتى كان آخر خبر سمعته مصدره الدكتور ياسر على المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية وهو أن حملة «وطن نظيف» ستتحول إلى مؤسسة بعد أن حققت «60٪» من أهدافها، فهمت أن مقلب زبالة شارعنا يقع ضمن نسبة ال«40٪» التى أخفقت الحملة فيها، والذى لم أفهمه هو حكاية المؤسسة التى يتحدث عنها الدكتور ياسر على لتحل محل حملة النظافة الاستعراضية الإعلامية، والحقيقة أن ملايين أطنان الزبالة التى تم رفعها من بعض المناطق عاد مرة أخرى بدلاً منها وأكثر فى نفس البؤر، رافعة شعار ريما عادت بزبالتكو القديمة! فهل كان يقصد الدكتور ياسر أن هذه المؤسسة ستتخصص فى رفع الزبالة بدلاً من شركات النظافة. وهل ستكون هيئة مستقلة تضم مسئولين وموظفين وعمال نظافة يتقاضون مرتبات يصرفون منها على بيوتهم بدلاً من التسول، وتتوافر لها أدوات نقل الزبالة من سيارات وصناديق؟ وهل ستقوم هذه المؤسسة بنقل الزبالة من أماكن تكدسها محبة فى رسول الله ومجاناً أم مقابل رسوم يسددها المواطنون؟ وهل سنتخلص من تلال القمامة ونشاهد صناديق نضع فيها الزبالة وتأتى السيارات لرفعها أولاً بأول؟ أم سستمر محلك سر! شارعنا يقع ضمن ولاية الدكتور على عبدالرحمن محافظ الجيزة لكنه خارج دائرة اهتمام سيادته، لأنه محافظ لشارع الهرم فقط، ولو زاد شوية يبسط نشاطه على المهندسين والدقى، أما امبابة فلها رب تلجأ إليه! نحن سكان هذا الحى المنسى قد تأقلمنا مع هذا الوضع القديم الجديد، فهناك سلبيات من أكوام الزبالة، تسىء إلى الوجه الحضارى، وتسبب الأمراض، وتنشر الحشرات والفئران، الا ان هناك ايجابيات من ورائها، فمثلاً تلاميذ المدرسة يستخدمون كوم الزبالة فى النط من أسوار المدرسة للدخول متأخرين أو الهروب عن طريقه مبكرين، كما أن كوم الزبالة يساعد ضيوفنا ومعارفنا على سرعة الوصول إلينا كأن نقول لهم على يمينك وانت داخل على كوم الزبالة أو على شمالك، أو خلى كوم الزبالة قدامك وادخل 200 متر، أو عندما تشم رائحة الزبالة تكون خلاص وصلت. نرجو ان يكون محافظ الجيزة من بين ضيوفنا واحنا مستعدون ندعو له جميع الفضائيات تصوره وهو يتجول فى شارعنا أهه يبقى سأل فينا حتى لو استمر كوم الزبالة العزيز الغالى.