"زنجي يحدثه مبتسماً ثم يطير.. اشعاعات ذرية تخرج من قلبه وعينيه وكفه.. الأقمار الصناعية تسمع كلامه وتسجله ثم ترسله الي اسرائيل.. يوماً أوقف قطار مترو الأنفاق بقدميه". لا يبدو عليه علامات الجنون أو الخروج عن المألوف، ملابسه تظهره رجلا عادياً من تلك الطبقة التي ينتمي اليها غالبية المصريين، لكن الانطباعات الأولي لا تدوم، فبعدما طلب مني عرض شكواه اكتشفت أنه لا يحتاج سوي زيارة الي مستشفي للأمراض العقلية وليس تقديم معاناته المزعومة الي ديوان المظالم. كلماته تخرج متسارعة وغير مترابطة تحمل معلومات تحتاج لاعادة سماعها لتحليلها، طالبته بالهدوء وتكرار ما قال لعل الخطأ مني. اسمه محمد . ج. أ أسنانه التي تأكل بعضها وبعضها الآخر أخذ في التآكل تؤكد تجاوزه الخمسين عاماً.. "واسم الدلع خالد" ألحق تلك الجملة بعد ذكر اسمه. حصوله علي مؤهل متوسط "دبلوم صناعي" أهله للتنقل بين العديد من الورش للعمل كفني لحام، لم يخرج أبداً من منطقة عابدين فعاش بها كل حياته رغم تأكيده بعد ذلك انه انتقل للعيش في أماكن مختلفة خوفاً ممن يلاحقونه. صاحب قوة خارقة فهو أقوي رجل في العالم.. يحمل اشعاعات ذرية تخرج من عينيه وأذنيه ويديه وتساعد في علاج جميع الأمراض وتشغيل المفاعلات النووية وتصنيع القنبلة الذرية كما تستخدم في المجالات العسكرية. "حسني مبارك سحب من قلبي اشعاعات ذرية وحطها في قلبه علشان يعيش" لم أعلق علي ما قاله، فالقادم أسوأ، فيكمل: "المخابرات المصرية والاسرائيلية والأمريكية تطاردني عبر الأقمار الصناعية وتسجل الآن حديثي معك". "محمد" بدأ يكتشف قدراته الخارقة قبل 14 سنة وتحديدا في عام 1998، عندما قابل اسرائيلياً في منطقة باب اللوق وبدت علي وجهه علامات السعادة عندما رآه، "رأيت 13 اسرائيليا بعد ذلك وجميعهم كانوا فرحين بي، لكنهم لا يتحدثون معي". بعد رؤية الاسرائيليين ب 25 يوما بدأ الاشعاع الذري يخرج من جسد "محمد" بحسب تأكيده فيقول "الاشعاع بدأ يظهر وشوفت حرب 56 وعرفت جميع أسراها وشوفت الصليب عليه حزمة فجل، وعلي فكرة كان هناك 3 اسرائيليين معاهم حقيبة دبلوماسية لونها أحمر.. اسرائيل عايزة تحتل مصر بالاشعاع الذري اللي يخرج من جسمي.. بيكلموني بالأقمار الصناعية". تشككي في حديثه الذي ظهر علي وجهي، ؛جعله يستشهد بقطعة قطن وضعها في أذنه اليسري "أنا حطيت القطن دا علشان الاشعاع ما يخرجش منها". خال محمد عرض عليه الذهاب للمستشفي بعد تغيير أحواله عقب خروج الاشعاع الذري من جسده، وبالفعل ذهب الي مستشفي الدمرداش لكن وهو في طريقه للمستشفي، وجد زنجياً يقف في محطة الاسعاف ويبتسم له ثم طار بجناحين فجأة. الزنجي كانت ساقاه تحمل حديداً، ولم يره سوي "محمد" الذي استقل مترو الأنفاق ليصل الي المستشفي لكنه فجأة وهو يستقل عربة المترو استطاع عبر الاشعاع وقف سير القطار " كأن ساقي فيها سوست ثبتت القطار فمتحركش". عندما وصل "محمد" الي المستشفي لم يتمكن الطبيب من الكشف عليه لأنه أصيب بالإغماء، كما يؤكد. "محمد" الذي نجح رغم كل ذلك في تكوين أسرة، فلديه طفلان شادي وباسم ورثا عنه قدراته الخارقة، يطالب المخابرات بدفع 7 مليارات جنيه كتعويض له جراء الاضرار النفسية والمادية التي لحقت به طوال السنوات الماضية بسبب ملاحقتها له، يقول: "كانوا يسحبون من جسدي الاشعاع الذري لمدة 7 ساعات يوميا علي مدار 14 سنة دون مقابل". عودة أسامة بن لادن صوته المرتفع وملابسه غير المتناسقة مع شعره الأشعث، أجبرت زوار ديوان المظالم علي الالتفاف حوله لمعرفة قصة الرجل. يؤكد أنه أسامة بن لادن وأن رجال أمن الدولة احتجزوه لكونه إرهابياً يهدد أمن البلاد. كلمات غير مفهومة عن مطاردين له وجماعات اسلامية.. ضحكات تعالت من الملتفين حوله ربما ليس لكونه لا شبه بينه وبين بن لادن، لكن زعيم القاعدة لن يأتي ليقدم مظلمة في الديوان تطوع أحدهم قائلاً "بس بن لادن مات"، لم يرد صاحب الشعر الأشعث علي المتطوع، تاركاً الجميع ليقف وحده صامتاً بعد الصراخ بالحديقة المقابلة لديوان المظالم. مظهره الذي يؤكد مرضه النفسي جعل أصحاب الشكاوي يعاتبونني عندما توجهت للحديث معه." أنت سايبة شكاوي العقلاء علشان مجنون "لم ألتفت لأري صاحب العبارة. هدوء غريب ساده عندما توجهت للحديث معه، بدا أكثر تعقلاً.. فتغيرت حالته تماماً. "أسامة ح.ع" خريج معهد فني تجاري.. لا يعلم تحديداً سر استهتار الآخرين منه ونظراتهم الغريبة له كلما مر بأحدهم، لا يبالي فقناعات الآخرين لن تثنيه عن اعتقاداته. "أسامة" كان يعمل بمكتب تخليص جمركي، لكن لا أحد من الموجودين أمام ديوان المظالم يعرف الحكاية التي أودت به الي تقمص شخصية بن لادن. لم يقدم خريج المعهد الفني التجاري شكوي الي ديوان المظالم، وعندما سألته عن سبب ذلك لم يجب بل نظر بعيداً حيث الباب الرئيسي لدخول الديوان ثم التفت الي استعدادا لسؤال آخر. تدخل أحد المواطنين قائلاً: "انت بتعملي ايه يا استاذة انت مش شايفة عامل ازاي.. تعالي احكي لك مشكلتي"، نظر "أسامة" له كالمعتاد علي ذلك الاستهجان. لا عمل ولا مسكن ولا زوجة ولا حياة ل "أسامة" الذي تجاوز ال 43 عاماً، أسامة الذي يدعي أنه "بن لادن" صدق في شيء واحد فكلاهما ميت.