أيام ترحل وماضٍ يبتعد.. وتظل الذكريات قصصًا صامتة.. وأحداثًا تنطوى.. وحوادث تمضى.. إلا أنها تترك فينا أثرًا لا يزول.. ففى حياتنا ذكريات لا تُنسى مهما مر عليها الزمان. تبحث «الوفد» فى ذكريات رجال القضاء والشرطة جرائم تركت بصمات بارزة فى سجل الماضى.. وفى كل أسبوع نسرد جريمة من الذاكرة الزمان – 1998م المكان - مركز المنشأة بسوهاج الواقعة - قتل عمد «خطابات القتيل» العميد محمود أبوزيد مأمور مركز دشنا بمحافظة قنا، يحكى لنا جريمة وقعت أحداثها منذ عشرين عاماً، وما زالت عالقة فى ذاكرته، لأنها راح ضحيتها مزارع بسيط على يد عاطلين، عندما قاما بقتله وإخفاء جثته فى خزان للصرف الصحى طمعاً فى نصف فدان كان يمتلكه، وشاءت إرادة الله تعالى أن تكشف خيوط تلك الجريمة البشعة، وينال المجرمان عقابهما على أيدى العدالة، ولقد توافقت هذه الواقعة مع المقولة الشهيرة بأن «الجريمة لا تفيد»، وتطابقت نهايتها مع قول الله عز وجل «إن ربك لبالمرصاد». يقول العميد محمود أبوزيد: فى شهر أغسطس من عام 1998م، عندما كنت أعمل معاوناً لوحدة مباحث المنشأة بسوهاج، تلقينا بلاغاً من سميرة عدلى 33 سنة، ربة منزل من قرية أولاد على بانقطاع التواصل بينها وبين زوجها تامر عبدالله 44 سنة مزارع، الذى اشترى أرضا زراعية فى محافظة المنيا منذ بضعة شهور، وأنها توجهت له فى العنوان الذى كان يكتبه على خطاباته فلم تجده هناك وأخبرها أهل المنطقة بأنه لم يوجد أصلاً اسم زوجها بين المزارعين فى تلك المنطقة المستصلحة، فقمنا بتحرير محضر غياب وأخطرنا النيابة العامة التى تولت التحقيق، وكلفتنا بالتحرى عن الواقعة. بدأ فريق البحث الجنائى الذى تم تشكيله برئاسة اللواء مصطفى سليم مدير مباحث سوهاج - آنذاك - فى العمل المتواصل لكشف غموض اختفاء المزارع، وكانت المهمة شاقة، لأن المزارع لم تكن له عداوات مع أحد من الجيران بالقرية أو القرى المجاورة وعائلته ليس لها خصومات ثأرية، واستمر فريق البحث الجنائى فى العمل ليل نهار لكشف غموض الجريمة لمدة تزيد على عشرين يوماً، وكادت القضية أن تقيد ضد مجهول لولا عناية الله التى شاءت أن تكشف غموض تلك الجريمة وينال المجرمون عقابهم على أيدى العدالة. فقد أبلغنا أحد مصادرنا السرية بأن عاطلين من جيران المزارع كانا برفقته على محطة السكة الحديد بالمنشأة هما محمد على 32 سنة ومحمود حسين 28 سنة، فقمنا باستئذان النيابة العامة وألقينا القبض عليهما، وبتضييق الخناق عليهما ومواجهتهما بشهادة الشهود وما توصلت إليه التحريات، انهارا واعترفا بأنهما طمعا فى نصف فدان يمتلكه المزارع فقررا التخلص منه عن طريق إيهامه بشراء أرض زراعية مستصلحة بمحافظة المنيا، واصطحباه إلى محطة القطار ثم طلبا منه التوجه لمنزل أحدهما لإعطائه بعض الأوراق المهمة لإتمام عملية شراء الأرض بالمنيا، ثم قاما باستدراجه للزراعات وقتله ووضعه فى خزان بمشروع الصرف الصحى، وحتى يضللا أهله والشرطة قاما بإرسال ثلاثة خطابات من المنيا لكى تطمئن عليه زوجته وأسرته. ثم قام العاطلان بإرشادنا عن مكان الجثة، واعترفا بجريمتهما تفصيلياً، وقاما بتمثيلها أمام النيابة العامة، فأمرت بحبسهما على ذمة التحقيقات وأحالتهما محبوسين إلى محكمة جنايات سوهاج فعاقبتهما بالسجن المؤبد.