ورحل الجنرال الذهبى.. فى صمت كامل، وبعيداً عن أرض الوطن، غادر دنيانا عمر سليمان، بعد أن اعتل قلبه، ولم يتحمل ما يحدث فى الوطن الحبيب الذى أفنى عمره كله فى الدفاع عنه والزود عن كرامته، رحل الرجل بعد أن رأى اللص فى مصر يطارد الشرطى والأخير يهرب من أمامه.. رحل بعد أن رأى القتلة وقد تحولوا إلى حكام، ولم يكتفوا بذلك وإنما شوهوا الوطنية وأساءوا إلى سمعتهم وشرفهم، رحل «سليمان» بعد أن رأى وطنه يكرم تجار المخدرات والبلطجية والمسجلين خطر ويعتبرهم شهداء، وفى الوقت نفسه يلعن الشهداء الحقيقيين الذين ضحوا بحياتهم فداء لوطنهم! كان ولابد أن يموت عمر سليمان لأن مثله لا يحتمل مثل تلك الحياة ولا مثل الذى أصاب بلاده، فكان الرحيل المفاجئ بعد اكتئاب دمر نفسيته بعد أن حطم نفسه، أحمد الله أن عمر سليمان قد رحل قبل أن يسمع القتلة وسافكى دماء المصريين وهم يتساءلون هل تجوز الصلاة على جنرال المخابرات أم لا!! عجبت عليك يا زمن هذا الصقر الذى أفنى حياته فى خدمة بلاده حتى أوصل جهاز المخابرات المصرى إلى أن يحتل المكانة الأولى على منطقة الشرق الأوسط، يهان ويشوه سمعته وشرفه، والشيوخ القتلة الذين تخضبت أياديهم بأبناء وطنهم، وعلى رأسهم أعز وأحب أبناء مصر الرئىس السادات بطل الحرب والسلام، الذى أدركنا عبقريته بعد سنوات من وفاته، هؤلاء السفاحون.. القتلة يكرموا وتفتح لهم شاشات التلفاز وصفحات الصحف كنجوم السينما وعمر سليمان يوصمونه بأنه رجل إسرائيل فى مصر!! كان ولابد وأن يموت عمر سليمان، لأن ما أصاب الوطن من وباء الطاعون السياسى أصعب من أن يحتمله الرجل الذى كان يعرف بحكم عمله اللص من الشريف، والقابض من الخارج والقابض على الجمر فى بلاده، كان يعرف العملاء ويدرك أهمية الوطنيين، لهذا أدرك الرجل أن الزمن ليس زمانه، والوطن لم يعد وطنه فاتخذ قرار الرحيل قبل أن يأتيه عزرائيل. صدقت يا رسول الله عندما تحدثت عن الرويبضة وقلت: «سيأتى على أمتى زمن يخون فيه الأمين، ويؤمن فيه الخائن، ويصدق فيه الكاذب ويكذب فيه الصادق، ويتحدث الرويبضة فى أمور العامة». صدقت يا رسول الله لقد أتى هذا الزمن الذى عظمنا فيه الخونة، وأهنا فيه الشرفاء، كرمنا فيه اللصوص ولوثنا المخلصين لوطنهم. وها هم يتساءلون هل تجوز الصلاة على عمر سليمان أم لا؟ أرأيتم وقاحة أكثر من ذلك.. أرأيتم قلة أدب وجلافة أكبر من ذلك، ولكن ماذا نفعل مع رويبضاء القصر وجهلة مصر الذين سطوا على حقوقها وأحالوا نهارها إلى ليل دامس، رحم الله عمر سليمان الذى عشقه الشعب، والتف حول منزله لأيام طويلة حتى يخوض الانتخابات الرئاسية، فالشعب لا يفرط فى أبنائه ويدرك حقيقة الزعامات.