تواجه الصين تحديات "هائلة" غير أن رئيس الوزراء وين جياباو نفى الاثنين وجود أي "وجه شبه" مع الوضع في دول إفريقيا والشرق الأوسط التي تشهد ثورات وتحركات شعبية. وجدد رئيس الوزراء دعوته إلى "إصلاحات سياسية"، وهي دعوة أثارت بلبلة العام الماضي، بدون أن يوضح مضمون هذه الإصلاحات "التدريجية" التي يراها ضرورية في بلد يحكمه الحزب الشيوعي بقبضة من حديد، وذلك خلال مؤتمر صحفي ماراثوني استمر حوالى ثلاث ساعات. وشدد وين بصورة خاصة على مكافحة التضخم خلال هذا المؤتمر الصحفي الذي عقده في ختام الدورة السنوية للبرلمان الصيني بعد المصادقة على الخطة الخمسية الثانية عشرة لفترة 2011-2015 الرامية إلى تحقيق نمو أكثر توازنا وتوزيعا أفضل للثروات على 1,3 مليار صيني. وقال وين "خلال السنوات الخمس المقبلة ولفترة طويلة، سنجعل من تحويل نموذج التنمية الاقتصادية الصينية أولوية"، في إشارة إلى رغبة بكين في خفض اعتماد اقتصادها على الصادرات وتركيزه بشكل أكبر على الاستهلاك الداخلي. وقال :"إننا نواجه مهام هائلة ووضعا معقدا" محذرا "علينا أن نجهد إن أردنا تحقيق الأهداف المحددة" لثاني اقتصاد في العالم الذي حقق نسبة نمو بلغت 10,3% عام 2010. وأكد عزمه على عدم ادخار أي جهد رغم اقتراب نهاية ولايته عام 2013. وقال وين: "إن التضخم يشبه النمر: إن أطلق العنان له، فمن الصعب إعادته إلى قفصه". وعمدت الصين خلال الأشهر الماضية إلى زيادة معدلات الفائدة بشكل متعاقب، بدون أن تنجح في السيطرة على التضخم الذي وصل إلى 4,9% في شباط/فبراير وكانون الثاني/يناير، مع تسجيل ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والعقارات، ما ينذر باضطرابات اجتماعية. وسبق للتضخم والفساد اللذين ندد بهما وين جياباو الاثنين باعتبارهما "أكبر خطر" على البلاد، أن أثارا اضطرابات كبرى في الصين ولا سيما في ايار/مايو وحزيران/يونيو 1989. وحذر وين من أنه "لن يكون من السهل تحقيق هذا النمو (المحدد في الخطة) بنسبة 7% مع ضمان نوعية تنمية جيدة"، موضحا أنه بخفض الهدف الذي كان حدد مؤخرا ب 8% فإن الحكومة فضلت المخاطرة بخفض عدد الوظائف المستحدثة سعيا لوقف ارتفاع الأسعار. وكان رئيس الوزراء أقر لدى افتتاحه الدورة البرلمانية في الخامس من آذار/مارس بوجود استياء شعبي في الصين ولا سيما بسبب التضخم. وقال: "لقد تابعنا الاضطرابات في بعض دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط"، مؤكدا أن "ليس هناك اي وجه شبه بين الصين وهذه الدول"، في وقت انتشرت فيه دعوات عبر الإنترنت لعقد تجمعات الأحد في مدن صينية تستلهم "ثورة الياسمين" التي شهدتها تونس. ولم تجر أي تظاهرات إثر ورود هذه الدعوات التي بقي مطلقوها مجهولين، إلا أن الشرطة انتشرت بكثافة لمنع اي تجمعات، ما يكشف عن توتر النظام ازاء مخاطر انتقال الاضطرابات الشعبية. لكن وين حذر من أنه "بدون إصلاحات سياسية، فإن الإصلاحات الاقتصادية لن تأتي بنتيجة والمكاسب التي حققناها قد تذهب هدرا". وكان وين أدلى بتصريحات مماثلة في آب/اغسطس 2010 في مدينة شينزن الجنوبية وقد أثارت تصريحاته الكثير من التكهنات بشأن حصول انشقاقات داخل النظام وتعاظم نفوذ مؤيدي انفتاح سياسي في الخط الذي يتبعه وين. غير أن رئيس الوزراء لم يوضح الاثنين طبيعة هذه "الإصلاحات السياسية" التي يدعو إليها.