.. والاعتداء علي الارض الزراعية أيضا اعتداء علي سيادة الدولة.. بل هوحكم بالجوع علي كل المصريين.. وعندما يستهين المواطن بالقانون وبالسلطة يجب أن يكون عقابه رهيباً.. لأنه هنا لا يعتدي علي أرض ملك له.. بل إن هذه الأرض إنما هي ملك لكل المصريين.. تماماً مثل راكب السفينة الذي أخذ يحفر في قاعها.. فلما عاتبه زملاؤه - كما جاء في القرآن الكريم - رد قائلاً إنه يثقب في الجزء المخصص له.. والحقيقة أن كل من في السفينة مصيره إلي الغرق لو ترك هذا الراكب السفيه يثقب في قاع السفينة.. ولقد كانت أرض مصر تكفي شعبها وتمدهم بالغذاء إلي أن أساء بعضهم التصرف فيما يملك.. هنا يوجب القانون فرض الحجر علي هذا المواطن، ووضعه تحت الحراسة.. ومنعه من التصرف فيها.. وقد عاشت مصر فترة كان فيها السفهاء يلجأون إلي «تجريف» الأرض وبيع عدة أمتار من سطحها لحساب مصانع انتاج الطوب بعد أن خسرت مصر الطمي الذي كان يأتي كل عام مع الفيضان.. إلي أن اعتبرنا عملية التجريف هذه موجهة ضد كل المصريين.. وإذا كان أطفال القرية المصرية قد حولوا حكاية عواد الذي باع أرضه لينفق ثمنها علي ملذاته وأخذ الأطفال يطوفون بالقرية وراء عواد وهم يهللون منه ويسخرون قائلين: عواد باع أرضه يا أولاد.. شوفوا طوله وعرضه يا أولاد.. فإن المصريين كانوا يرون فيمن يجرف أرضه جريمة.. فإن كل من يعتدي علي هذه الأرض يجب أن يجرم.. وأن نحجر عليه، ونحرمه من التصرف فيها.. حقيقة إن الفلاح معذور ويبحث عن بناء مسكن لأولاده ولكن لماذا زادت عمليات البناء هذه بشكل كبير مع بداية ثورة يناير وغياب سلطة الدولة.. السبب واضح.. وهنا يجب اعادة النظر في طريقة بناء الفلاح لبيته.. وكانت هناك محاولات كبيرة - قبل الثورة - لإعادة تقسيم حدود المحافظات ومحاولة توفير ظهير صحراوي للمحافظات التي بلا هذا الظهير حتي يجد الفلاح مكانا يبني عليه لأسرته.. ولكن الحل في تغيير نمط بناء المسكن الريفي.. الذي يشترط وجود مكان للحظيرة وآخر للفرن.. وساحة داخلية لتربية الدواجن وتخزين احتياجات الاسرة.. وهذا يقتضي الآن ان ترتفع ادوار البيع الريفي إلي 3 أو 4 طوابق حتي نقلل ما أمكن من كارثة التهام الأرض الزراعية لبناء المساكن عليها.. حقيقة نجد نوعاً من هذه المساكن متعددة الطوابق في كثير من القري.. ولكن لابد من تحديد «حيز عمراني» لكل قرية لا تتخطاه عمليات البناء مهما كان الثمن.. ولقد كان من أسباب هذه الاعتداءات اهتمامنا فقط بالتخطيط العمراني للمدن.. وإهمالنا وضع قانون للتخطيط العمراني للقري كبيرها وصغيرها.. حتي وجدنا هذه الاعتداءات تلتهم كل عام مئات الألوف من الأفدنة.. ولقد شدني إلي الفريق أحمد شفيق عندما كان رئيسا لوزراء مصر.. ثم عندما رشح نفسه رئيسا للجمهورية تمسكه بضرورة إزالة أي اعتداءات علي الارض الزراعية.. بل وتعهده بإيقاف كل هذه التعديات.. وإعادة الاوضاع إلي ما كانت عليه وكان الرجل في ذلك حريصاً كل الحرص علي حماية الارض التي يأكل منها كل المصريين.. خصوصاً ان كل محاولات الخروج من الوادي الضيق.. وكذلك كل محاولات استصلاح المزيد من الارض لم تنجح كما يجب. الآن نسأل: ما هوموقف الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي وهل يقف موقفاً متشدداً من ظاهرة الاعتداء علي الأراضي أم سوف يخشي من غضب الفلاحين إذا وقف أمام رغباتهم في بناء مساكن لأسرهم.. خصوصاً وهناك انتخابات عديدة قادمة منها انتخابات مجلس الشعب الجديد وانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة، إلا إذا وضعنا نصاً في مشروع الدستور يسمح للرئيس المنتخب الحالي بالبقاء في منصبه إلي حين استكمال مدته القانونية الحالية، وهي 4 سنوات.. هنا تظهر اهمية المصالح العليا للوطن علي المصالح الحزبية الانتخابية الضيقة.. حتي ولو فقد هذا الحزب أو غيره أصوات البعض من الذين تعودوا علي الاعتداء علي الارض الزراعية.. وأري أن الواجب يطالبنا بسرعة مواجهة هذه المشكلة خصوصاً واننا نفقد كل عام مئات الالوف من الأفدنة.. وان نتشدد في تنفيذ القوانين، بل وتغليظ العقوبات الواردة فيها لأن ذلك في مصلحة الوطن نفسه. فهل نجد تحركاً متشدداً وسريعاً لمواجهة هذه الجريمة في الريف.. كما ان هناك جريمة في المدن تتمثل في هدم العديد من الفيلات والقصور والمباني الاثرية ذات القيمة العالمية واعترف ان قلبي يتمزق كل يوم وأنا أري الكثير من هذه المباني يتم هدمه خلال ساعات، بفضل تطور وسائل الهدم الحديثة.. وهنا أذكر بكل عرفان موقف الدكتور كمال الجنزوري عندما كان رئيسا للحكومة «1996 - 1999» عندما تصدي للجريمتين وأصدر القوانين والقرارات التي كانت كفيلة لحماية ثروة مصر الزراعية.. وأيضا ثروتها المعمارية.. هل يفعلها الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي فنكون له أول الشاكرين!!