أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن مصر اليوم أقوى عزماً وأشد تصميماً على المضى معاً نحو المستقبل بخطوات واثقة مستقرة فى ظل مؤسسات وطنية راسخة، موجهاً حديثه للمصريين: لقد صنعتم منذ أيام ملحمة وطنية جديدة سيظل يتذكرها تاريخ مصر المعاصر بكل فخر واعتزاز، ولقد أبهرتم العالم كعادتكم بخروجكم بالملايين من كل الفئات لممارسة حقكم الدستورى بالمشاركة فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وذلك فى مشهد حضارى يضاف إلى كل المشاهد الوطنية فى حلقات التاريخ، التى دائماً ما أكدت أنكم الحامى الحقيقى لهذا الوطن. وتابع: لقد كنتم متسلحين فى ذلك بفطرة قومية لا غبار عليها، ووعى وطنى مدرك للتحديات المحيطة بمصرنا الحبيبة، ومؤكدين حرصكم على استكمال مسيرة البناء والعطاء والتنمية والإنجازات، ومجددين العهد بأن المصريين جميعهم سيظلون متكاتفين على قلب رجل واحد ضد كل المحاولات التى تهدف للنيل من هذا الوطن. وشدد السيسى على أن الشعب المصرى الذى نزل بالملايين فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية جبر بخاطره وخاطر مصر، بقوله: «أنتم جبرتم خاطرى وخاطر مصر». وأضاف أنه لا يوجد إجماع على شىء أو شخص على الإطلاق، ولا يستطيع أحد تغيير إرادة المشاركين فى الاستفتاء. وطالب الرئيس بالاستمرار فى العمل بعيداً عن أعمال التخريب أو القتل. ووجه حديثه إلى العامل المصرى: «لما تكون مظلوم فى مكان شغلك اشتغل أكتر من الأول، وأثبت أنك قدها، ولو وقف العمل بالمصنع يا ترى ده لصالحهم ولصالح مستقبل المصنع ولا العكس، والعمل اللى فات دا كان بجهدك، ولا بد من وجود عملية توعية مستمرة من عمال مصر لأبنائهم بأن التحدى مستمر لهم، ومصر ستبنى». وشدد السيسى على أن للعمل قيمة عظيمة جداً والدول لا تقوم إلا بأعمال شعوبها، وقال: «علشان نعمل تحضر حقيقى يجب أن نعمل بجد وإتقان». وتابع: «النهارده يوم جميل ويوم بيبقى فيه عرفان كبير بالجهد والعمل، شوفنا نتائجه خلال السنين اللى فاتت». وأكد السيسى أن نتائج الإصلاح لم تأت بعد وهى أضعاف ما تم تحقيق حالياً، ولا بد من تحمل صعوبات الإصلاح الاقتصادى فهو الذى أسهم فى الاستقرار والأمن، وما تم إنجازه خلال السنوات الماضية جاء بجهد الشعب ووعيه. ووجه الرئيس حديثه إلى المصريين قائلاً: «احنا لينا مين غيركم.. ليا من غير شعب مصر يحمينا كلنا»، مشيراً إلى أن ثمار الإصلاح لم تنته بقوله: «هو احنا عملنا حاجة، احنا لسه، عشان حد أدنى لا طبعاً.. إذا كنتم تتصوروا إن ده ثمار الإصلاح يبقى أنا بغشكوا وأضحك عليكم». وأشار السيسى إلى أن المنافسة لا تنتهى والعالم كله يتحرك، وينافس بعضه بعضا من أجل تحقيق الخير والرخاء لشعبه، مضيفاً أن من تحقق خلال الفترة الماضية ليس معناه ثمار الإصلاح بل هو إشارة بأنه عندما نتحمل إجراءات قاسية بكل مسئولية يكون نهايته مسار ناجح». أكد الرئيس أن تكلفة تطوير قطاع غزل المحلة تبلغ 20 مليار جنيه، وقال: «مفيش إنسان هيضيع نتيجة الإصلاح، لكن واحنا بنعمل الإصلاح يجب أن نستوعبها بسرعة ونبذل أقصى طاقة». وأضاف أن المرحلة التالية تتطلب إجراءات معينة نتمنى أن يستوعبها عمال مصر بشكل سريع، ولن يضيع أحد، داعياً إلى إنتاج مستلزمات الإنتاج داخل مصر بدلا من الاستيراد. وقال «سوقنا 100 مليون يا ترى كل لبسنا بننتجه احنا، ومستلزمات الإنتاج تقدر بالمليارات دى متنفعش دراسات جدوى بدل ما نجيب من الخارج يطلع 20% منهم ننتجه جوا مصر ودى مش محتاجة دراسة فى الغالب». أكد الرئيس أن فشل كثير من القطاعات سببه الإدارة السيئة وعدم الجدية، وتساءل: «ليه النقل العام لم ينجح فى القاهرة»، و«أوبر» نجح؟ علشان إحنا مش جادين، كلنا مع بعض السبب فى الفشل والنجاح. وقال السيسى فى نص كلمته: أتحدث إليكم اليوم احتفالاً بعيد العمال وأتوجه إليكم جميعاً فى أرجاء مصر العزيزة، بتحية اعتزاز لجهودكم المتميزة وسواعدكم المنتجة على طريق العمل والعطاء والإنجاز، وتعزيز مسيرة التنمية والبناء، تحية تقدير إليكم عمال مصر، وقاعدة هذا الوطن للانطلاق نحو تغيير الواقع، وبناء حاضر ومستقبل نتطلع إليه جميعاً. وتابع: وأقول لكم وبكل صدق إنه لا يوجد معيار أدق من العمل للتعرف على معدن الإنسان الذى تُقدَر قيمته بما يؤديه من خدمة وعمل لأمته، كركيزة أساسية لبناء المجتمع، فجميع الحضارات الإنسانية قامت بسواعد العمال الذين أسهموا بجهودهم وفكرهم فى إعلاء أوطانهم، حتى صار عيد العمال رمزاً للعطاء والتضحية». وأكد السيسى أن حرص الدولة على الاحتفال سنوياً بعيد العمال يجسد فى جوهره احترامها العميق لما يقدمه العمال من إسهام فى شتى ميادين الإنتاج، ويؤكد دورهم الوطنى المهم والرئيسى فى دفع مسيرة البناء والتطوير. وقال: وبهذه المناسبة، فإننا نؤكد أن العامل المصرى هو المحور الحقيقى للتنمية، وتعزيز مسيرة اقتصادنا الوطنى، واعلموا أن الوطن يتطلع دائماً إلى ثمرة جهدكم وعملكم الدؤوب والمخلص». وأضاف أن المصريين ضربوا عبر العصور المثل فى إعلاء قيمة العمل فى شتى المجالات، من منطلق حرصهم على بناء وطن طابعه الكفاح الشريف والنية المخلصة، وباتت الإنجازات المتلاحقة والمشروعات العملاقة التى تحققت فى مصر على مدار السنوات الأخيرة، لا سيما فى مجالات البنية الأساسية والتجمعات العمرانية الجديدة والطاقة وغيرها من المجالات، شاهداً على أصالة الإبداع وقوة الإرادة المصرية للتقدم وبناء مستقبل أفضل، وتكوين اقتصاد قومى قوى وراسخ، وقاعدة صناعية حديثة تكون قاطرة لهذا الاقتصاد، كما أكدت للجميع سلامة المسيرة التنموية وصدق توجهاتها وسعيها الجاد لتحقيق الواقع الأفضل والحياة الكريمة لكل مواطن. واستطرد السيسى: مصر عانت خلال السنوات الماضية من تحدياتٍ جسيمة، ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية، ولعلكم كنتم تدركون أنه لا سبيل للتغلب على تلك التحديات إلا بالعمل الجاد والمستمر، والصبر على النتائج، فالأمم لا تبنى إلا بمجهودات أبنائها المخلصين، وليس بالأمانى والشعارات». وأكد السيسى أنه لولا برنامج الإصلاح الاقتصادى الشامل، الذى تحمله شعب مصر لما كان من الممكن أبداً وضع حلول جذرية لمشكلات الاقتصاد المصرى المزمنة، التى تراكمت وتفاقمت عبر سنوات وعقود طويلة دون حلول حقيقية، وهو ما عملت الدولة على مواجهته بإجراءات علمية شاملة، حتى إن كانت قاسية. وأشار إلى أن بشائر الإصلاح الاقتصادى بدأت تنعكس بالأرقام على تحقيق معدلات إيجابية للنمو، كما تكلل التوجه الإصلاحى للدولة بتدشين عقد اجتماعى جديد.. قامت بسواعد العمال الذين أسهموا بجهودهم وفكرهم فى إعلاء أوطانهم، وليس أدل على ذلك من حزمة الإجراءات التى تم الإعلان عنها مؤخراً وشملت، ضمن أمورٍ أخرى، زيادة الأجور لجميع العاملين فى الدولة، وزيادة الحد الأدنى للمعاشات، وإقرار علاوة دورية سنوية وعلاوة استثنائية، وهى القرارات التى تؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، عبور مصر لمرحلة عصيبة من تاريخها وتعكس تقدير الدولة لحجم التضحيات التى تحملها شعب مصر العظيم، الذى كان شريكاً فى الإصلاح، فالمواطن المصرى هو البطل الحقيقى فى إنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، وتحمل الكثير من أجل عودة الثقة فى الاقتصاد المصرى ووضعه على الطريق السليم، ليس فقط للجيل الحالى، ولكن للأجيال القادمة من أولادنا وأحفادنا. وأضاف الرئيس إن ما نشهده اليوم من تغيرات متسارعة فى أساليب العمل والإنتاج، تدفعنا إلى المنافسة والمشاركة والمتابعة من خلال التدريب والاطلاع على تجارب الأمم الأخرى وإطلاق إرادة الإصلاح والتحديث فى نفوسنا لنكون قادرين على تطوير قدراتنا نحو الأفضل، والتأثير بالإيجاب فى ركب الحضارة الإنسانية. وأكد السيسى أن من يريد أن يجد له المكان المناسب فى العصر الحديث، ينبغى أن يتحلى بأعلى درجات التفانى والإتقان فى عمله، وأن يجتهد لاستيعاب ثورة المعلومات والطفرة الهائلة التى يشهدها العالم فى الابتكارات وتطبيقات التكنولوجيا البازغة. واختتم السيسى كلمته بالقول: أذكركم بأن العمل هو الفضيلة التى تفصل بين الحلم والواقع، وإن مصر لتمضى قدماً بكل السبل فى تجسيد هذا الشعار من خلال تبنى نهج تنموى طموح وشامل ومستدام، من أجل مستقبل أفضل لأجيال شابة وصاعدة، ونحن على ثقة تامة، بأننا بالإرادة والعزم، قادرون بعون الله تعالى على تحقيق رؤيتنا المضيئة التى نحلم بها لهذا الوطن، فتحية لكل عامل من أجل الوطن فى جميع المواقع، فأنتم الركيزة المتينة لهذا المجتمع، وسبيله الرئيسى للبقاء والاستمرار، وقوته الدافعة نحو النمو والازدهار، وأؤكد لكم أنكم ستجدوننى دائما إلى جانبكم، منحازاً لقضاياكم، وداعماً لحقوقكم، وأجدد لكم عميق اعتزازى بكم وبعطائكم وعزيمتكم الصادقة، وأهنئكم جميعاً بعيدكم وكل عام وأنتم بخير».