مع دقات التاسعة من صباح يوم 21 مارس، من كل عام، تفتح حديقة الأورمان أبوابها للزوار بمعرض سنوى حتى 3 مايو.. وبمجرد عبور بوابة الحديقة الرئيسية، والتى يعود تاريخها لعهد الخديو إسماعيل عام 1875، ستجد نفسك وسط الجنة، فالأشجار والزهور المنتشرة حولك لا حصر لها، ويحتل كل نوع من الأزهار جانبا فى الحديقة التى تزيد مساحتها على 95 فدانا، ورغم تقلبات الأحوال الجوية فالزوار فى توافد مستمر. المعرض كل عام يأتى بجديد، فبعض المستوردين يلجأون إلى استقدام أنواع جديدة من النباتات لجذب الزوار لها، فالعام الماضى كانت شجرة «البرونوفلسيا» أو كما يطلق عليها «الأمس واليوم والغد» كانت الأكثر شهرة فى المعرض وهذا العام كانت الأشجار المقزمة هى ما لفت انتباه رواد المعرض ولفتت أشجار البرتقال والخوخ المقزمة انتباه المواطنين وأكد لهم أصحاب المشاتل أنها جيدة الثمار فطول الشجرة لا يتجاوز المتر ومع هذا تنتج ثمارًا ناضجة من البرتقال والخوخ وتتراوح قيمة ما تنتجه بين 200 إلى 300 جنيه. الجديد هذا العام استحواذ المكسرات واهتمام الزوار حيث كانت أشجار الكاجو والبندق وعين الجمل من بين المعروضات بعضها يمكن أن ينمو ويثمر لدينا فى مصر مثل «عين الجمل» والتى تحتاج لرعاية عامين حتى ترى ثمارها ووصل سعر شجرة الكاجو لسعر 150 جنيها. ولا ينتهى المعرض عند الزهور، فالمشغولات اليدوية كان لها نصيب ايضا من المعرض حيث ظهرت بعض الاساور اليدوية الملابس المصنوعة من الغزل إلى جانب بعض الألعاب والعرائس المصنوعة بالأيدى وتتراوح الأسعار من 5 جنيهات حتى 500 جنيه. أما عن الصباريات فكانت هذا العام الأكثر انتشارا خاصة صباريات الزينة، حبث اعتمد صناعها على تصميم أشكال للأطفال توضع فى غرفهم وتكون على شكل عرائس أو احواض صغيرة على شكل شعارات الأندية المصرية. الزراعة المائية والمعروفة باسم «الاكوابونيك» وهى بدون تربة كانت أيضا داخل المعرض حيث ظهرت التقنية من خلال توفير نظام معين يتم تركيبه فى شرفة المنزل أو أى مكان آخر، وتشجع الأفراد على الزراعة والعمل على الاكتفاء الذاتى من عدد من الفاكهة ا فى بيوتهم، دون الحاجة لامتلاك أراضٍ أو حتى وجود تربة. الأسعار داخل المعرض بدأت من 5 جنيهات للشتلات الصغيرة كالنعناع والبردقوش والريحان ووصلت ل3 آلاف جنيه وهى «زهرة السبستيان» حيث يصل ثمن الحجم الكبير منها ل3 آلاف جنيه بحسب أحد عارضى الزهور وأكد أن سبب ارتفاع ثمنها يعود لصعوبة إنتاجها كالزعفران على سبيل المثال؛ فثمنه مرتفع نظرًا لأن استخراج كمية قليلة منه يحتاج لزراعة كمية مهولة من الزهور. وضمن الجديد داخل المعرض، كانت شجرة «الاستيفا» وهى نبات يشبه أوراق النعناع وله فوائد كثيرة وخاصة لمرضى السكر. فتناولها لا يؤثر على نسبة السكر فى الدم، وذلك لعدم امتصاص جزيئات الستيفيا فى الدم مثل الجلوكوز. وتحتوى نبتة «الاستيفيا» أيضا على كمية كبيرة من المركبات المضادة للأكسدة، مثل الفلافونويد والتربينات، كما تعتبر غنية بالبروتين والحديد والبوتاسيوم والمغنيسيوم والصوديوم. ولا يتوقف المعرض عند عرض الزهور وبيعها فالحيوانات أيضا كانت لها زبائنها حيث قام عدد من أصحاب محلات الحيوانات الأليفة بحجز أماكن لعرض القطط المنزلية والديوك وأسماك الزينة إلى جانب الطاووس، وكانت الأوانى الفخارية هى ايضا محط انظار الزوار حيث ظهرت اشكال وانواع جديدة جذبت عددًا كبيرًا للشراء إلى جانب احجار الرخام المستخدمة فى التزيين. ومن بين المعروضات أيضًا «عيش الغراب»، الذى يحمل 6 أنواع يتم ترويجها وهى «الشامبنيو والبارتبيللو والمحارى جريه الرمادى والمحارى جريه الأصفر والكينج أويستر»، والتى تحتوى على فوائد صحية كبيرة لجسم الإنسان. ومن يذهب لمعرض حديقة الأورمان لابد أن يذهب إلى موقع صالون «إيديتور» التابع للمعرض الذى تُعقد فيه ندوات ومؤتمرات متخصصة فى الزهور والنباتات للعارضين وضيوفهم من الخبراء المصريين والأجانب. معروضات أسوان مع اقتراب شهر رمضان ظهرت معروضات اسوان حيث تم عرض جميع منتجات البشرة إلى جانب البلح والياميش ولجأ الكثيرون إلى شراء البلح لانخفاض أسعاره، كما كان لوزارة الزراعة نصيب من تلك المنتجات ،فعرضت مجموعة من المنتجات الغذائية والعسل وشتلات الخضراوات الفلفل والطماطم والباذنجان وتراوح سعر الشتلة بين جنيه واحد إلى 5 جنيهات. المهندس هانى طه، أحد مشرفى المعرض أكد أن المعرض هو أكبر معرض للزهور على مستوى الشرق الأوسط، ودائماً ما يكون هناك نباتات حديث الزوار وهذا العام زهرة «الجاردينيا» والتى جاءت من الصين هى الأكثر طلبا وتتميز برائحتها المميزة وسعرها بين 50 جنيهاً حتى 600 جنيه، الزهرة داخلية لا تتعرض للشمس الا أن هذا العام قام المهندسون باستخراج انواع تتحمل الشمس وهناك زهرة البغبغان وجاءت من جنوب أفريقيا وكان سعر الشتلة فى الخارج 500 دولار ولكن بعد أن حصلنا عليها وقمنا بزراعتها أصبح سعرها 20 جنيهاً فقط، وهناك زهرة «ترومونسيا ترى ستار» وجاءت من هولندا وكان سعرها يصل إلى 800 دولار والآن بعد أن قمنا بعمليات الانتخاب لتناسب البيئة المصرية أصبح سعرها 70 جنيهاً فقط. وحيد مصطفى جاء زائرا من السويس لحديقة الأورمان، يرى أن«المعرض ينقصه مزيد من عروض المنتجات الأوروبية خاصة أشجار الزينة؛ فى حين تتواجد النباتات الأوروبية النادرة وبوفرة، على الرغم من ارتفاع أسعارها عن العام الماضى». وأشاد «مصطفى» بفكرة المعرض وقال: المعرض من الأشياء التى نجحت فيها وزارة الزراعة وبقوة منذ 86 عامًا، فهو تجمع كبير للعارضين من كل محافظات مصر، فضلًا عن أنه يضم زهورًا ونباتات نادرة، لكن أمرًا واحدًا يجب تداركه وهو التأخير فى تنظيمه حيث بدأ يوم 21 مارس، على الرغم من أنه كان من المفترض أن يبدأ منذ منتصف فبراير، وهذا ما اعتدناه منذ سنوات عديدة». ويضيف: المعرض لا غبار عليه فى كل شىء سواء التنظيم أو التوزيع، والأسعار تبدأ من 35 جنيها إلى 100 ألف جنيه، ويحوى أنواعا نادرة، من الزهور: كالاثيا، شفليرا، دراسينا مارجيناتا، أبصال الهياسنت، أبصال التوليب، الأجلونيما، العصاريات، بوتس، كلانشو، كروتون، السانسفيرا، سنجونيوم، البامبو، انتوريوم، بنت القنصل، فلانجيوم، يوكا، الكالا، بنت القنصل، بيجونيا، فيكس مطاط، فيكس ليراتا»، لافتًا إلى أنه يُفضل لهذه النباتات الإضاءة القوية داخل المنزل. سارة محمد، إحدى زائرات المعرض قالت إنها تزور المعرض لأول مرة وقد استمتعت بالمناظر الطبيعية الخلابة، واشترت أكثر من نوع للزهور والنباتات بمختلف الأسعار التى تتميز بانخفاضها، حيث لا يتجاوز سعر البيع 150 جنيهًا لجميع زهور الربيع، إلى جانب منتجات وزارة الزراعة الطبيعية كالعسل والشوفان. والمعروف أن حديقة الأورمان بالقاهرة أنشئت عام 1875، وكانت فكرة إنشائها ترجع إلى الخديو إسماعيل عندما قام بزيارة إلى غابات بولونيا بباريس خلال إحدى زياراته حيث دفعه حبه الشديد للجمال إلى قرار إنشاء حديقة الأورمان بالقاهرة لنقل ما شاهده فى غابات بولونيا بمساعدة خبير فرنسى ومزارع مصرى، وكانت الحديقة جزءاً من قصر الخديو، وكانت تسمى بحدائق النباتات بالجيزة، ولشغف الخديو بالجمال وحبه للحدائق فقد أنشأها لغايته الخاصة، وجلب إليها من مختلف أنحاء العالم العديد من الأشجار والشجيرات والأزهار النادرة. وكان يطلق عليها فى البداية اسم حديقة الليمون، حيث أنشئت لإمداد القصور الملكية بشتلات الموالح، واحتوت على 100 ألف شتلة ليمون وبرتقال ويوسفى حتى قرر الخديو إسماعيل نقل غابات بولونيا إلى مصر، فتم استقطاع أرض الموالح واستعان بخبير فرنسى ومزارع مصرى فى زراعة الحديقة التى صممت على الطراز الفرنسى الذى يتميز بالتصميم الهندسى المنتظم. تتميز الأورمان كذلك عن غيرها من الحدائق بمبنى خاص يعرف باسم «المعشبة النباتية» يضم حوالى 5 آلاف نموذج نباتى مجفف، بينها نباتات جُمعت من معظم الحدائق المصرية وصحاريها ووديانها، وهى المعشبة التى أسسها الخبير النباتى محمد درار. وقد أنشأ «درار» بالحديقة كذلك قسماً خاصاً لتبادل البذور المحلية مع الحدائق العالمية والجامعات والمراكز البحثية، حيث يتم تبادل البذور المطلوب زراعتها تحت ظروفنا المناخية والعمل على أقلمتها لزيادة الثروة النباتية فى الحديقة. وحديقة الأورمان فضلاً عن اعتبارها مزاراً ترفيهياً يقصده الباحثون عن الطبيعة والجمال، فهى أيضاً كما يذهب الدكتور سيد حسين، مدير الحديقة، «مزار علمى يقصده ويتردد عليه طلاب كليات الصيدلة والطب فضلاً عن طلاب كليات العلوم والزراعة وباحثي المركز القومى للبحوث الزراعية، لأخذ عينات طبية وصيدلية واستخراج مواد فعالة منها، والتعرف على النباتات النادرة الموجودة بها. واشتهرت حديقة الأورمان باستضافتها «معرض زهور الربيع»، منذ ما قبل ثورة 23 يوليو 1952، حيث كان أشبه بساحة يتبارى فيها باشاوات ذلك الزمان فى استعراض نباتاتهم النادرة مقابل جوائز يتسلمونها من الملك شخصياً. وتنقل المعرض بعد الثورة أكثر من مرة بينها وبين حديقتى الأسماك والمتحف الزراعى، ليعود إلى الأورمان بشكل مستمر منذ عام 2004 وحتى الآن فى صورة أكثر شعبية، مع وجود عشرات «المشاتل» العارضة، وعشرات الآلاف من الزائرين الباحثين عن جمال الطبيعة فى «الأورمان» ومعرضها لزهور الربيع.