تزداد المخاوف من استخدام السرنجات العادية كونها تتسبب في الإصابة بفيروسات كبدية مثل "سي وبي" إضافة إلى الإيدز حال تكرار استخدامها، أو "وخز" الفريق الطبي حال تعامله مع المرضى. وبحسب الأرقام المعلنة عن منظمة الصحة العالمية 2014، مايقرب من 1.7 مليون شخص أصيبوا بعدوى فيروس بي، و315 ألف شخص بفيروس سي، و33800 حالة بالإيدز عالميًا بسبب استخدام السرنجات غير الآمنة. لذلك قررت وزارة الصحة والسكان، منع استخدام السرنجات العادية "10 سم"، أو أقل منعًا باتًا، اعتبارًا من منتصف يونيو 2020، والاستعانة ب "السرنجات ذاتية التدمير"، في خطوة جريئة منها للقضاء على فيروس سي نهائيا في مصر، ومنع انتشار أي أمراض معدية أخرى. فهى خطوة جديدة تحققها مصر في حربها ضد الفيروسات الكبدية والأمراض والأوبئة المُعدية، التي تنتقل بسبب استخدام السرنجة أكثر من مرة، فقد تم توقيع عقد شراكة بين الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات "فاكسيرا" ووزارة الإنتاج الحربي، وشركة أبوظبي للمستلزمات الطبية، لتوريد وتركيب خط إنتاج لمصنع السرنجات ذاتية التدمير بمدينة السادس من أكتوبر. بروتوكول بين الإنتاج الحربي و فاكسيرا وشركة إماراتية: تتعاون وزارة الإنتاج الحربي والشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات "فاكسيرا" بتحديث مصنع إنتاج السرنجات ذاتية التدمير الذي توقف منذ عام 2002 لأسباب مادية، إذ تقدمت 14 شركة عالمية لتوريد خطوط الإنتاج للمصنع، من بينها 5 شركات معتمدة من منظمة الأممالمتحدة للطفولة "اليونيسيف"، ووقع الاختيار على شركة إماراتية، وتقدر تكلفته المالية ب400 مليون جنيه، وسيتم تمويل المرحلة الأولى من خلال منحة حصلت عليها وزارة الصحة من البنك الدولي تقدر ب5.2 مليون دولار، ومن المقرر أن ينتج المصنع الجديد 150 مليون سرنجة سنويًا. ماهى سرنجات ذاتية التدمير : والحقن الذكية أو الآمنة او ذاتية التدمير، هي حقن تستخدم لمرة واحدة فقط، ويكون من الصعوبة تكرار الحقن بها، وتوجد أنواع منها يتم كسر المكبس تلقائيا داخل الحقنة بعد استخدامها اول مرة، ويوجد في البعض الآخر مشبك معدني يعوق المكبس بحيث لا يمكن جذبه إلى الخلف، بينما تنسحب الإبرة في البعض الآخر إلى داخل أنبوب الحقنة بعد استخدامها مباشرة. صاحب فكرة إنشاء المصنع: ما يجهله الكثيرون هو صاحب فكرة إنشاء مصنع للسرنجات ذاتية التدمير والذي يعود تاريخه لعام 2002، عندما تعاقد الدكتور محمد العبادي، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للمصل واللقاح "فاكسيرا" الأسبق على خط لإنتاج السرنجات ذاتية التدمير للأنسولين واحد سنتيمتر التي تؤخذ التطعيمات بها، وكان في خطته أن يتم توريد سرنجة مع كل حقنة تطعيمات، وتم توريد خط إنتاج بالكامل، ولكن واقعة القبض على العبادي تسببت في وقف الإنتاج وتعثر استكمال المصنع. أسباب فشل المشروع قديمًا : كان خط السرنجات الجديد ينقصه "السوفت وير" نتيجة تأخر سداد ثمنه للشركة الموردة، وحين توليت إدارة شركة خدمات نقل الدم بفاكسيرا في 2013 كان من ضمن المشروعات، ثلاثة مصانع لإنتاج المحاليل ومشتقات الدم، والسرنجات ذاتية التدمير الذي لم يستكمل تنفيذه رغم وجود الآلات اللازمة، ولكن غياب "السوفت وير" الذي يقوم بتشغيل الماكينات وخط الاختبار تسبب في التراجع عن المشروع. قرار وزارة الصحة المصرية الجديد : أعلنت وزارة الصحة، أن الوزارة ستمنع نهائيًا استخدام الحقن العادية، والاستعانة ب"ذاتية التدمير"، وتوفير ما تحتاجه المستشفيات والقطاع الصحي من سرنجات جديدة، وأن هناك مصنعًا يعمل بالفعل في أسيوط على إنتاج السرنجات ذاتية التدمير، ولم تكن تتعامل معه الوزارة في توفير احتياجاتها، خاصة أنها كانت تستخدم السرنجات العادية. خبراء يعلقون على السرنجات ذاتية التدمير: من جانبه أكد الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، أن هذه السرنجات ستقلل نسب العدوى بأمراض الدم، بشكل كبير للغاية، موضحًا أن انتشار بعض الفيروسات مثل فيروس سي وغيرها من الفيروسات، يرجع لاستخدام السرنجات الطبية أكثر من مرة، مما يتسبب في نقل الأمراض. وأعرب الطاهر، عن تمنيه زيادة قدرة المصنع لتغطية كافة احتياجات السوق المصري، مطالبًا بوقف بيع السرنجات العادية في الأسواق، للقضاء على عدوى أمراض الدم. ومن جهته قال الدكتور حاتم البدوي، سكرتير عام شعبة الصيدليات بإتحاد الغرف التجارية، إن السرنجات ذاتية التدمير، خطوة جيدة في القضاء على نقل الأمراض، كما لا تسمح لان يكون هناك امكانية استخدامه أكثر من مرة، كما يحدث في السرنجات العادية والتي تستخدم حاليًا. وأشار البدوي إلى أنه من المفترض أن يكون هناك حوار بين وزارة الصحة وشعبة الصيدلة بالغرف التجارية، حتى نعرف كيفية وصول "السرنجات" لنا وهل سيتم تصنيعها أم لا، خاصة أننا كدولة لا نصنعها كاملة بل نقوم بتصنيع المحقن البلاسيتكي فقط ويتم استيرد "السن" المعدن. ولفت إلى أن هناك عدة اسئلة يجب أن يكون لها اجابات قبل البدء في اتخاذ قرار كهذا، خاصة أننا دولة مستهلكة للسرنجات بشكل كبير، منها: "هل سيتم تصنيعها كاملة هل سيتم استيراد جزء منها، أو فتح خطوط استيراد من اماكن معينة"؟. وأكد ان شعبة الصيادلة تستجيب للقرارات التي تصدرها وزارة الصحة، خاصة وأن هذا المشروع أمن قومي، ويساهم في خفض الاستيراد وزيادة نسب التصدير، مشيرًا إلى أن أهم فائدة لهذه السرنجة هي تفاديها للعدوى. وبدوره أكد الدكتور جمال عصمت، أستاذ الكبد عضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، مستشار منظمة الصحة العالمية للفيروسات الكبدية، أن السرنجات ذاتية التدمير، خطوة في غاية الأهمية، وستقلل نسب الإصابة بالفيروسات الكبدية، نظرًا لأنها تستخدم لمرة واحدة فقط. وكشف عصمت أن هناك أفرادًا وجهات تعيد استخدام السرنجات أكثر من مرة، ودليل ذلك عندما نحسب كمية السرنجات المنتجة والمستوردة، ونقارنها بالكميات التي تذهب للمحرقة، نجد أن هناك فارقًا كبيرًا بينهم، فإذا لم يكن يتم استخدامها مرات عديدة، فأين يذهب هذا الفارق؟. وأوضح أستاذ الكبد عضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية أن السرنجات ذاتية التدمير، كانت من ضمن مطالب اللجنة القومية في عام 2014 للقضاء على فيروس سي، واشترطنا آنذاك أن يكون سعرها، نفس سعر السرنجات العادية، لأن السعر مهم للغاية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي نعيشها. يذكر أن المصنع الجديد سيكون الأول فى مصر وإفريقيا فى مجال تصنيع السرنجات ذاتية التدمير، والثانى فى الشرق الأوسط.