لا يختلف اثنان علي ان الغالبية العظمي من فئات وشرائح المجتمع تعرضت لظلم بين وغبن كبير علي مدي حكم نظام الرئيس المخلوع مبارك ، ولا يختلف اثنان ايضا علي ان ابناء المحروسة من الموظفين والعمال ومحدودي الدخل والفقراء لديهم مطالب مشروعة واحتياجات ضرورية ، قد تصل الي ابسط متطلبات الحياة الانسانية من مأكل ومشرب وملبس . الا ان السعي الي تحقيق هذه المطالب من خلال عودة المظاهرات والاحتجاجات الفئوية التي تعطل عجلة العمل والانتاج في وقت نحن في امس الحاجة لدوران هذه العجلة ، هو ما يحتاج الي اعادة النظر والتفكير ، ويدفعنا الي السؤال الاهم.. وهو ايهما افضل الحصول علي مكاسب فردية ومؤقتة ام مساعدة وطننا علي النهوض مرة اخري لبناء اقتصاد قوي لنا ولاولادنا واحفادنا . لقد تخيلت ان انتخاب رئيس جديد لمصر ، سيؤدي الي اختفاء مثل هذه المظاهرات الفئوية الي الابد حيث ننظر جميعا الي مستقبل مصر وليس الي اسفل اقدامنا حيث المكاسب الفردية والمؤقية . ولقد فوجئت بعودة المظاهرات الفئوية من جديد وبشكل مكثف ، وهذه المرة امام القصر الجمهوري في مصر الجديدة. نعم ..معظمنا لديه احتياجات ضرورية وانية .. ونعم ..الرئيس وحكومته ،التي لم تتشكل بعد، عليهما توفير هذه الاحتياجات وفي اسرع وقت ممكن . ولكن هل الوقت مناسب الان ؟! .. وهل يقع الرئيس وحكومته المرتقبة في "فخ " هذه المظاهرات ويتفرغان لها ويضيعان الوقت والجهد وموارد الدولة في محاولة لارضاء اناس اصواتهم عالية ، رغم اعترافي الكامل بحقهم المشروع في هذه المطالب ، كما هو الحق لجميع ابناء المحروسة . لقد كانت تجربة حكومة الدكتور عصام شرف مريرة مع هذه المظاهرات واضاعت الكثير من الوقت والجهد والموارد في محاولة لارضاء اصحاب الاصوات العالية ، وذهبت حكومة شرف دون ان تنفذ المنتظر منها كحكومة ثورة جائت لانقاذ البلاد من عثرتها. ووقعت حكومة الدكتور كمال الجنزوري في نفس الخطأ ، وان كان بدرجة اقل ، واضاعت جزئا كبيرا من اعمالها واجتماعاتها لحل مشاكل المتظاهرين والمحتجين. والسؤال.. هل يواصل الرئيس الجديد وحكومته نفس الخطا ، ويتفرغان للاستجابة لهذه المطالب الفئوية التي لا تنتهي؟! في الحقيقة انا اعتقد ان اول استجابة لمظاهرة فئوية واحدة من تلك المظاهرات التي تتواتر علي القصر الجمهوري، سيؤدي الي اندلاع العشرات ، ولا ابالغ اذا قلت المئات، من الاحتجاجات الفئوية ، وستعود مرة اخري عمليات قطع الطرق وتعطيل مرافق الدولة والاضرار بالممتلكات الخاصة والعامة ،من اجل الضغط علي الرئيس وحكومته للاستجابة لمطالب المحتجين. وحتي لا نعود الي هذا المأزق مرة اخري ، فنصيحتي للرئيس هي عدم الاستجابة للمطالب الفئوية ، حتي وان كانت لجموع الصحفيين اللذين انتمي اليهم ، كما انصح ايضا بالضرب بيد من حديد لاي انسان ، حتي وان كان اخي، يسعي الي اعادتنا مرة اخري الي الفوضي وانتهال سيادة القانون . وفي نفس الوقت انصح الدكتور محمد مرسي بسرعة العمل علي اعادة دوران عجلة الانتاج ، والتي يجب ان يسبقها اعادة الامن والاستقرار للشارع المصري ، وقبل كل ذلك النظر الي البسطاء والمحتاجين وصغار العمال والموظفين ومحدودي الدخل والفقراء ، حتي لا يكون هؤلاء هم وقود الثورة القادمة ، ولانهم هم بالفعل الاولي بالرعاية ، واعتقد ان ذلك هو افضل حل للمظاهرات الفئوية التي تستنزف موارد الدولة لصالح فئة محدودة.