فى الوقت الذى اعتبر فيه مراقبون يوم السبت الماضى، الذى تم تسليم السلطة فيه من المجلس العسكرى إلى رئيس منتخب هو الدكتور محمد مرسى يوماً تاريخياً. أكد مراقبون أن هذا اليوم إيذاناً ببدء الصراع بين العسكرى والإخوان على صلاحيات الرئيس والسيطرة على مقاليد السلطة. السيناريوهات حول ما يحدث فى مصر خلال الشهور القليلة المقبلة، من حيث شكل الحكومة التى سيتم تشكيلها ورأى المجلس العسكرى فيها، وكذلك شكل الصراع بين الطرفين وهل سيحتدم لنجد أنفسنا كما يحذر البعض أمام السيناريو الجزائرى عام 1991، والذى انتهى بمصادمات عنيفة بين المؤسسة العسكرية والقوى الدينية، أسفرت عن سقوط أكثر من 270 ألف قتيل. المشهد السياسى مازال معقداً فى ظل إصرار الجماعة على عدم حل مجلس الشعب وهو ما انعكس فى خطاب «مرسى» من جامعة القاهرة، الذى أكد فيه عودة المؤسسات المنتخبة، وبين المجلس العسكرى الذى يصر على الهيمنة والسيطرة الكاملة على صلاحيات الرئيس. وجاء تأكيد «مرسى» فى خطاباته على عدم التهاون فى أى صلاحية من صلاحيات رئيس الجمهورية، مشدداً فى خطابه الذى وجهه فى ميدان التحرير على أن «الثوار والميدان هم مصدر السلطة والشرعية التى لا تعلو عليها شرعية»، ينذر ببدء الصراع على السلطة، فما شكل هذا الصراع ومداه؟ اعتبر الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الصراع أمراً طبيعياً، لأنه جزء من قواعد لعبة السياسة فحتى لو عادت القوات المسلحة إلى ثكناتها، فسوف تنبثق مصادر للصراع السياسى داخل معسكر الرئيس وخارجه، فالسياسة هى الصراع حول القيم السياسية والمصالح لذا فأمر طبيعى حدوث صراع مع الرئيس، بل داخل حزب الحرية والعدالة نفسه، خاصة أننا نتعامل مع ظاهرة سياسية جديدة خرجت من جماعة تنظيمية سرية. لافتاً إلى حدوث صراع من قبل التيارات المختلفة على روح الرئيس سواء القوى السلفية أو المدنية أو غيرها جميعها يسعى لتأثير على التوجهات السياسية، وعملية صناعة القرار عبر التقرب إليه. وتابع «عبدالفتاح»: «إذا استمر نمط تطور الخطا للرئيس (مرسى) كما نلاحظ بما يعنى استبعاده العناصر التقليدية المحيطة به، فهذا يعنى اكتسابه مزيداً من الجماهيرية، تؤثر على شعبيته ومن ثم قدرته على انتزاع صلاحياته وفرض رؤاه السياسية، بما يترتب عليه إعادة توزيع مراكز القوى داخل الجماعة، وعلى وجه الخصوص المهندس خيرت الشاطر ودكتور محمود عزت. وأضاف «عبدالفتاح»: على المدى البعيد سوف تتقوض وتتغير جماعة الإخوان لأننا أمام جماعة من البشر لها انتماءات ومصالح اقتصادية، ولسنا أمام حالة متحفية أو شبح، بل هم جزء من حركة الصراع السياسى، سوف يؤثرون ويتأثرون بالصراع الذى ستشهده الأيام المقبلة. وأكد المحلل السياسى أن جماعة الإخوان سوف تلجأ إلى بناء تحالفات جديدة ضد المؤسسة العسكرية، وكذلك الأمر نفسه للمؤسسة العسكرية التى ستحاوط نفسها باتفاقات مع جهات عدة لإحداث نوع من توازن القوى فى الشارع، مشيراً إلى بدء الصراع الفعلى بين الرئيس والعسكر حول صلاحياته وتفسير حكم عدم بطلان الأساس القانونى الذى تم اختيار البرلمان السابق عليه، وما يحدث من تجاهل من قبل جماعة الإخوان بصدور هذا الحكم قبل ذلك 3 مرات وتطبيقه دون أن يحتج أحد عليه. وعن إمكانية تكرار سيناريو الجزائر فى 1991، استبعد «عبدالفتاح» ذلك قائلاً: السيناريوهات التى تحدث فى بلدان أخرى قد تكون غير صالحة فى بلدان أخرى، فالمؤسسة العسكرية ربما تخلف سيناريو آخر على غير مستوى السيناريو الجزائرى لكن يضمن لها مصالحها. الفقيه الدستورى عاطف البنا، يرفض مصطلح «صراع» بين العسكر والإخوان، مطالباً بترك الرئيس يحصل على صلاحياته التى كفلها له الإعلان الدستورى فى 30 مارس 2011، باعتبارها صلاحيات معقولة، وحاول الإعلان المكمل الالتفاف عليها، أكد «البنا» أن الرئيس يستطيع عبر الزخم الشعبى المؤيد له، والسبل الدستورية والقانونية أن يسترد جميع صلاحياته من حق فى التشريع والموازنة العامة دون الدخول فى صراعات كبيرة. لفت «البنا» إلى تأكيد «مرسى» فى خطاباته المتتالية، على تمسكه بجميع صلاحياته، بما يعد رسالة مهمة عليه أن يعيها جيداً المجلس العسكرى، مشيراً إلى وجود دعاوى فى مجلس الدولة لإلغاء قرار حل مجلس الشعب، والطلب المقدم إلى الجمعية العمومية للفتوى والتشريع لتفسير هذا الحكم، وما يترتب عليه من إعادة الانتخابات على جزء قليل من مقاعد البرلمان، لافتاً إلى أن أى خلاف فى الرأى أمر وارد ولا يرتفع إلى مستوى الصراع. من جانبه، قال عصام الشريف، المنسق العام للجبهة الحرة للتغيير السلمى، إن يوم تسليم السلطة كان به نوع من الطمأنينة، متوقعاً حدوث صراع مع المجلس العسكرى على الصلاحيات، لكن حجم هذا الصراع يتوقف على شكل التفاهمات التى تمت قبل إعلان النتيجة بين العسكرى ومكتب الإرشاد، مؤكداً أن الأشهر الثلاثة المقبلة سوف تشهد صراعاً كبيراً من أجل التخلص من الإعلان الدستورى المكمل والحصول على صلاحيات الرئيس، ومن ثم فإن على القوى السياسية والحزبية والمدنية أن تتحد ليعود العسكر إلى ثكناتهم، ونتجاوز فكرة وجود ذريعة لاستمرار العسكر فى الحكم. ولفت «الشريف» إلى أن المجلس العسكرى نجح فى تقفيل عدة ملفات مهمة منها الموازنة بما لم يدع مجالاً للتحليق أمام «مرسى» خاصة أن كل شىء تم بشكل قانونى ودستورى وبما لا يمكن الطعن عليه. وقال عبدالغفار شكر، وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى، القيادى السابق بحزب التجمع، إننا على أعتاب مرحلة جديدة قدم فيها رئيس جمهورية وعوداً نرجو تنفيذها، مشيراً إلى وجود ملامح صدام وتنازع بين الرئيس والقوات المسلحة، على صلاحياته ومستقبل مجلس الشعب، مؤكداً أن الأيام المقبلة ستشهد مفاوضات من شأنها حسم هذا الخلاف الدائر بين الطرفين.