سوزوكي توقف إنتاج سيارتها «سويفت» بسبب قيود التصدير الصينية على المعادن النادرة    تجارة الخدمات بالصين تسجل نموًا سريعًا في أول أربعة أشهر من عام 2025    شركة يابانية تفشل مجددًا في أول محاولة هبوط خاص على سطح القمر بآسيا    هيئة دولية لدعم فلسطين: «مماطلة» إسرائيلية في مفاوضات وقف العدوان على غزة    ريبيرو يحاضر لاعبي الأهلي بالفيديو    حسام المندوه يعلن تولى جون إدوارد منصب المدير الرياضى للزمالك    حمدي فتحي: التواجد مع الأهلي شرف لي.. وأثق في قدرتنا على تقديم بطولة مميزة    الشناوي: المشاركة فى مونديال الأندية إنجاز كبير.. وحزين لرحيل معلول    «الأرصاد» تكشف عن حالة الطقس اليوم السبت.. والعظمى بالقاهرة 36    وفاة سائق سيارة إسعاف أثناء عمله بمستشفى بني سويف التخصصي    أجواء فرحة العيد في حديقة الحرية أول أيام عيد الأضحى| فيديو    الأكاديمية المصرية للفنون بروما تُطلق مُبادرة الجوار    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    ولي العهد السعودي: نجاح خدمة ضيوف الرحمن نتيجة جهود الدولة في رعاية الحرمين والمشاعر المقدسة    "الخارجية الفلسطينية" تُرحب برفع عضوية فلسطين إلى "دولة مراقب" في منظمة العمل الدولية    فولودين: الحكومة الألمانية تثير الصدامات بين روسيا وألمانيا    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع في جلسة نهاية الأسبوع    «محدش يروح لجزار».. تحذير من الذبح خارج المجازر الحكومية    زيزو: جميع الأمور فى الزمالك غير مستقرة إلا الجمهور فقط.. ولهذا السبب اخترت الأهلي    كرواتيا تكتسح جبل طارق بسباعية نظيفة في تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم    زيزو يفجرها: أنا اتهنت في الزمالك.. وده سبب اختياري الأهلي    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. 42 شهيدا بغزة منذ فجر أول يوم العيد.. انتخابات مبكرة بهولندا في 29 أكتوبر المقبل.. إسقاط مسيرة استهدفت موسكو.. وبوتين يهنئ المسلمين بعيد الأضحى    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    "ب3 جنيه" تتفسح بحديقة صنعاء فى كفر الشيخ خلال العيد.. ملاهى وخضرة.. فيديو    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    «الطقس× العيد».. استمرار الارتفاع في درجات الحرارة مع «اضطراب الملاحة والشبورة والرياح» بالمحافظات    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    فيفا يدخل ابتكارات تقنية غير مسبوقة فى كأس العالم للأندية 2025    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    بصورة مع والدته.. حسن شاكوش يحتفل بعيد الأضحى    اليوم.. فرقة رضا فى ضيافة "هذا الصباح" على شاشة إكسترا نيوز    عرض الفيلم المصرى happy birthday بمهرجان ترابيكا بحضور أوسكار إيزاك    فرصة مميزة على الصعيد المالي.. توقعات برج الحمل اليوم 7 يونيو    لا تنخدع بالنجاح الظاهري.. برج الجدي اليوم 7 يونيو    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    احذر من الإسراع في تخزين اللحوم النيئة داخل الثلاجة: أسلوب يهدد صحتك ب 5 أمراض    ترامب: ماسك فقد عقله ولا أنوي الحديث معه الآن    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    زيزو: جمهور الزمالك خذلني وتعرضت لحملات ممنهجة لتشويه سمعتي (فيديو)    بعد غياب 5 سنوات، مفاجأة في لجنة تحكيم "ذا فيوس كيدز" الموسم الجديد    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    رئيس الشئون الطبية ب التأمين الصحى يتفقد مستشفيى صيدناوي والمقطم خلال إجازة العيد    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    مع قرب انتهاء أول أيام عيد الأضحى.. الغرف التجارية: لا داع للقلق السلع متوفرة.. شعبة الخضروات: انخفاض ملحوظ في الأسعار.. المخابز: لا توجد إجازة لتلبية احتياجات المواطنين    رواتب مجزية| 25 صورة ترصد آلاف فرص العمل الجديدة.. قدم الآن    المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية يصوت بالإجماع لصالح رفع عضوية فلسطين إلى دولة مراقب    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    أهالي السويس يؤدون صلاة العيد في 123 ساحة وسط تنظيم وتأمين شامل (فيديو)    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حدث وما قد يحدث في مصر
نشر في الوفد يوم 28 - 06 - 2012

هو طبعاً حدَثٌ إيجابيٌّ كبير أن تنتهي العملية الانتخابية في مصر بهدوءٍ وبشكلٍ سلمي، وبلا اضطراباتٍ أمنية تُعطّل هذا الحدث الإيجابي المهم. وهذا أمر يُسجَّل لمصر وشعبها وحكومتها وقضائها ومؤسستها العسكرية.
هو حدثٌ إيجابيٌّ أيضاً أن يتمّ التسليم بنتائج الانتخابات بلا تلاعبٍ أو تزوير لنتائج فرز الأصوات، حيث سرت شائعات كثيرة عن إمكانيّة ذلك بعد أن أعلن كلٌّ من المرشّحين (مرسي وشفيق) عن فوزه بالجولة الثانية حتّى اللحظات الأخيرة التي سبقت إعلان النتائج الرسمية.
هو حدث إيجابي أن تؤكّد كلمة الرئيس المنتخب محمد مرسي، بعد إعلان فوزه، على وحدة الشعب المصري وعلى ضروة بناء نهضة مصرية تؤكّد دورها القيادي، كما أنّه أيضاً لأمرٌ مهم أن تتوافق قوى "ثورة يناير" مع الرئيس المنتخب على قضايا ذات علاقة بمرحلة التحوّل الديمقراطي في مصر.
لكن كل هذه الإيجابيات التفصيلية تدخل الآن في مرحلة التساؤلات الكبرى عن مستقبل مصر وعن دورها العربي والإقليمي المنشود. ففي واقع الحال المصري الآني، هناك رئاسة فازت بالانتخابات في الجولة الأولى بنسبة حوالي 25% من أصوات المقترعين الذين كانوا أصلاً حوالي نصف عدد من يحقّ لهم الإقتراع. أي عملياً، استطاع الرئيس الجديد خوض الجولة الثانية بسبب تأييد وتصويت حوالي أقلّ من 12% من المصريين لصالحه. ثم جاءت الجولة الثانية لتجعله رئيساً بأصوات حوالي نصف عدد المقترعين الذين أيضاً كانوا ما يُقارب نصف عدد من يحقّ لهم الإقتراع. فربع عدد المصريين هم الذين اختاروا فعلياً الدكتور محمد مرسي رئيساً الآن لكل مصر. وهنا التحدّي الأكبر أمام الرئيس الجديد بأن يكون فعلاً رئيساً لكل مصر لا لربع عدد سكانها، لكن المشكلة التي ستبرز أمام هذا التحدّي الكبير هي كيفيّة تعامل الرئيس الجديد مع "حركة الأخوان" التي جاء منها، وكمرشّحٍ لها، ولم يكن هو بموقع المسؤول الأول فيها. فهل سيضطّر للعودة إلى "مرشد الحركة" في القضايا المفصلية خلال فترة حكمه؟ وهل يستسيغ ذلك الأرباع الثلاثة من مجموع المواطنين المصريين؟! وهل هذا أصلاً سلوكٌ دستوري؟! وماذا في حال حدوث تناقضٍ في المواقف والرؤى بين "حركة الأخوان" وبين مؤسساتٍ دستورية أو مع غالبية كبيرة من المصريين على قضايا عامّة، كما حدث في تجربة الأشهر الماضية من إخلال لحركة "الأخوان" بوعودٍ وتعهّدات أعلنتها ولم تلتزم بها؟!.
إنّ الواقعية تفرض الآن عدم تكبير الآمال والأحلام بما يؤمَّل به من مصر خلال هذه المرحلة. فالأرضية السياسية والدستورية للبناء النهضوي المنشود مصرياً ما زالت رخوةً جداً وربما غير متوفّرةٍ بعد. ومرجعية القرار السياسي والأمني غير محسومةٍ بعد، وستأخذ فترةً من الوقت قبل وضوحها. والتدخّل الخارجي في الشؤون المصرية ما زال قائماً بأشكال مختلفة. ومن غير المعروف بعدُ ما هو مصير صلاحيات الرئاسة أو مصير المؤسسة التشريعية (مجلس الشعب)، ولا مصير التعديلات الدستورية ولا طبيعة هيئة إعداد الدستور.. وهي كلّها عناصر مهمّة جداً لتحديد طبيعة المستقبل السياسي لمصر ولكيفيّة أداء الرئيس الجديد ومدى إمكانات نجاحه أو فشله في تنفيذ برنامجه وتعهّداته.
أمّا عن التدخل الخارجي، فالسؤال المهمّ، والذي لا إجابة واضحة بعدُ عنه، هو كيفيّة تفسير الموقف الأميركي الذي تربطه، من جهة، علاقةٌ جيّدة مع "المجلس العسكري"، وكانت له الكلمة الفصل مع النظام السابق، وكان داعماً، من جهةٍ أخرى، بشدّة لإعلان فوز المرشح الدكتور محمد مرسي وأوّل المهنّئين له بالرئاسة!!. فهل يدخل ذلك ضمن مشروع "تدجين" التيّارات السياسية الإسلامية في البلاد العربية ومقايضة وصولها للحكم بتنازلات سياسية خارجية، لها علاقةٌ مثلاً بالموقف من إسرائيل ومن العلاقة مع "حلف الناتو"؟!. ألم يدعُ الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن، في اجتماع "الناتو" عام 2004 في إسطنبول، إلى أن يأخذ العالم الإسلامي بالنموذج التركي في الحكم الذي يقوده تيّار سياسي إسلامي، لكن على قاعدة نظام ديمقراطي منضوي إلى حلف "الناتو" ويقيم علاقات طبيعية مع كلّ جواره الإقليمي، بما في ذلك إسرائيل؟!.
طبعاً، في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية كانت خيارات المصريين ومشاعر العرب واضحةً وموزّعة بين تيّاراتٍ سياسية مختلفة تنافس ممثلون عنها بينهم حمدي صباحي، الذي كان يُعبّر بشكل واضح عن آمال قوى الثورة المصرية وطلائعها الشبابية، لكن نتائج الجولة الأولى أدّت إلى حصر التنافس بين محمد مرسي وأحمد شفيق ممّا جعل هذه القوى والطلائع مضطّرةً إلى الخيار الصعب، كالذي وقعت فيه ثورات تحرّرية عديدة خلال حقبة الخمسينات من القرن الماضي، ومن ضمنها "ثورة يوليو"، حيث كان العالم مفروزاً بين "يمين رأسمالي" و"يسار شيوعي" وكلاهما لم يكونا معبّريْن عن آمال وطموحات هذه الثورات التحرّرية، فكانت خيارات مواقفها صعبة ومكلفة جداً رغم وضوح هُويتها الوطنية والقومية المستقلة، والتي جرى التعبير عنها في ابتداع منظمة "سياسة عدم الانحياز والحياد الإيجابي". فهذا ربّما ما تحتاجه قوى التغيير والثورة التي لا تجد نفسها الآن ممثّلةً في حكم مصر القادم، من وضوح في الهُوية الفكرية المستقلة ومن بناء لمؤسسات شعبية ناجحة تضمن لها الاستقلال السياسي والقدرة على التأثير الإيجابي في المجتمع وفي الحركة السياسية.
حتماً ستنشغل مصر كثيراً خلال المرحلة القادمة بأمورها الداخلية، في منطقةٍ لا تنتظر فقط "عودة مصر" بل يُحاول البعض استباق عودتها والإسراع في ترتيب أوضاع كيانات وأوطان وأنظمة تُحيط في مصر جنوباً وغرباً وشرقاً. بل لذلك نجد هذا الدعم والترحيب الغربي بنجاح قوى سياسية دينية بالوصول للحكم، حيث لهذه القوى سجلٌّ سلبيٌّ كبير في تاريخ العلاقة مع القطبين الشيوعيين في مرحلة الحرب الباردة (روسيا والصين)، وهما القطبان اللذان يُنافسان الآن الغرب و"حلف الناتو" على قيادة العالم وثرواته ومواقعه الإستراتيجية.
إنّ أوضاع دستورية وقانونية، إضافةً لتفرّق قوى الثورة، هي التي أوصلت المصريين إلى الخيار الصعب بين مرشّح "حركة الأخوان" أو مرشّح "النظام السابق". فلو جرى فعلاً تطبيق قانون العزل السياسي على المرشح أحمد شفيق، بسبب مسؤوليته عن "موقعة الجمل" خلال "ثورة يناير"، لكان حتماً المرشح حمدين صباحي هو الفائز الآن بمسؤولية رئاسة الجمهورية. لذلك، فمن غير المعلوم بعد كيف ستكون الأوضاع السياسية في مصر خلال المرحلة القادمة، وكيف ستتغيّر موازين القوى على الأرض، ومن الذي ستدعمه القوى الخارجية ومن ستحارب، ومن سيصنع القرارات السياسية والأمنية الحاسمة في بلدٍ تتنافس فيه مرجعيات دستورية وعسكرية و"ميادينية"، وتُراهن إسرائيل على بقائه ضعيفاً متصارعاً مع نفسه، ومشلول الحركة خارج حدوده!.
ويا ليت الرئيس الجديد الدكتور محمد مرسي، وهو الذي رئِس "حزب الحرية والعدالة"، قد أشار أيضاً في خطابه الرئاسي الأول، حينما تحدث عمّن لهم الفضل بوصوله إلى منصب الرئاسة، إلى "ثورة يوليو" التي ربما قصّرت فعلاً في المسألة الديمقراطية كأحد أجنحة "الحرية"، لكنّها نجحت حتماً في معارك التحرّر الوطني وفي استقلال الإرادة الوطنية المصرية، ولأنّها حققت "العدالة" الاجتماعية للشعب المصري. فلولا "ثورة يوليو" ما كان ممكناً للدكتور مرسي (وغيره من ملايين الشعب المصري) أن ينهي تعليمه الثانوي ولا الجامعي، وهو ابن عائلة مصرية محدودة الدخل، فكسْر احتكار التعليم العالي للعائلات الميسورة من خلال تعميم التعليم المجاني كان أحد أبرز الإنجازات الاجتماعية لثورة يوليو، هذه الثورة التي انقلب عليها وعلى مسارها السياسي والاجتماعي، نظام السادات- مبارك السابق، تماماً كما هي المخاوف الآن من محاولات الانقلاب على "ثورة يناير".
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.