هل من حق رئيس الجمهورية أن يحدد سياسة مصر مع غيرها من الدول دون التشاور مع كل المؤسسات الرسمية للدولة؟! أقول ذلك بناء علي ما أعلنه الدكتور محمد مرسي الرئيس المنتخب منذ ساعات.. فقد أعلن الدكتور مرسي أهمية قيام علاقات قوية مع إيران، بحكم أنها مع مصر اهم القوي الاقليمية الآن علي الساحة.. هنا لنا رأي آخر.. حقيقة كان النظام السابق يقوم بعملية تحجيم هذه العلاقات سواء بسبب ضغوط أمريكية لحصار إيران.. أو بسبب قيام إيران باستفزاز الشعور الوطني المصري بإطلاق اسم خالد الإسلامبولي قاتل السادات علي أحد شوارع طهران.. وان يجىء الآن الرئيس الجديد ويعلن استعداده لتقوية هذه العلاقات، التي تقف عند مجرد مكتب للعلاقات وليست سفارة أو حتي قائماً بالأعمال. ان أبسط ما يقال أن الرئيس الجديد يعمل علي نسيان أن هناك من قتل الرئيس الأسبق أنور السادات، وأن القتلة ينتمون إلي تيار اسلامي معين.. فأن يجىء الآن الرئيس الجديد ليتخذ هذه الخطوة فهل معني ذلك أنه يؤيد قتل الرئيس السادات، بدليل التغاضي عن تمجيد إيران للمتهم الاول الذي أدين بقتل السادات وهو خالد الاسلامبولي، فما الذي يحمله هذا الاتجاه الجديد في العلاقة بين القاهرةوطهران.. ونعترف بأن السياسة تري أن لا عداوة دائمة.. ولا حتي صداقة دائمة.. بل هناك مصالح دائمة.. وان هذا الاعتراف يقتضي منا ان ننسي موقف إيران من قضية مقتل السادات منذ أكثر من 30 عاماً، وان علينا أن نبدأ بناء علاقة جديدة بين البلدين بحكم أنهما من أكبر القوي السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة.. وان عدد سكان البلدين يكاد يكون متساوياً.. أم أن الاتجاه الجديد يقوم علي اساس أن إيران دولة إسلامية ذات توجه ثوري معاد لأمريكا ولإسرائيل معاً.. وان مصر «الجديدة» يحكمها الآن رئيس اسلامي يعبر عن تيار اسلامي معين يعترف بعدائه لإسرائيل.. وهل هذا مؤشر لسياسة معينة، وأن هناك من يسعي لإنشاء تحالف اسلامي ضد إسرائيل ويجعلها هذا التحالف المنتظر بين شقي الرحا، او بين المطرقة والسندان.. ولكن هذا الوضع يجب مناقشته علي أعلي مستوي، خصوصاً ان من يفكر في ذلك سوف يغير استراتيجية سياسية استمرت عشرات السنين تقوم علي اساس علاقة خاصة بين مصر والسعودية.. وبين مصر وباقي دول مجلس التعاون الخليجي.. نقول ذلك لأن إيران تحتل 3 جزر تابعة لدولة الامارات منذ نوفمبر 1971 هي جزر أبو موسي وطنب الكبري وطنب الصغري، وان هذا الاحتلال تم من أيام حكم الشاه السابق وتم تصعيده مع قيام الثورة الإسلامية علي يد الخوميني.. هنا نري ان علاقة مصر بدولة الامارات المؤيدة بدعم السعودية وباقي دول مجلس التعاون في قضية هذه الجزر المحتلة.. فهل تضحي مصر بعلاقتها مع هذه الدول العربية الصديقة.. وان ننسي هذه العلاقات المميزة بالذات بين القاهرةوأبوظبي، وقد كانت دولة الامارات من اكبر الدول التي مدت يديها لمصر سواء قبل حرب 1973 أو اثناءها.. ثم بعدها. ولا أحد ينسي الشيخ زايد بن سلطان ودوره العظيم لمساعدة مصر في صراعها مع إسرائيل.. وكيف ان أبوظبي كانت في مقدمة الدول التي وقفت مع مصر.. ثم هل ننسي أن الاستثمارات السعودية والاماراتية هي من أكبر الاستثمارات، وفي كل المجالات.. وهناك مشروعات ضخمة للدولتين داخل مصر.. فهل يا تري يحسب الرئيس الجديد كل هذه العناصر.. وان يحاول ان يدقق في مكاسب مصر أو خسائرها بسبب تغير هذا الاتجاه.. ثم هل ينسي الرئيس المنتخب أن إيران تدعم النظام الحاكم في سوريا بكل اخطائه وقتله لأبناء شعبه منذ شهور.. وان ايران تقدم الاسلحة والدعم السياسي والبترولي لسوريا؟. أنا نفسي لا يمكن ان أنسي لأنني أري أنه لا فرق بين قتل سوري أو قتل مصري فهل يا تري يدعم الرئيس المصري الجديد نظاماً يساعد في قتل أبناء الشعب السوري. وأقول للدكتور مرسي: نعم لرفع مستوي العلاقات بين القاهرةوطهران.. ولكن ليس إلي حد تناسي العلاقات الممتازة بين مصر والسعودية والامارات وغيرها من دول الخليج العربية.. هنا نقول للرئيس الجديد ليس من حقك اتخاذ قرار حيوي كمثل هذا القرار بين القاهرةوطهران.. ويجب ان تسبقه دراسات ومناقشات بين الاجهزة المصرية الرسمية والشعبية.. اللهم إلا إذا كان الرئيس الجديد يبدأ حكمه الجديد بقرار منفرد هو بكل المقاييس ضد المصالح العليا للأمة المصرية.. وأنه في هذا الشأن يؤيد جريمة قتل الرئيس الراحل أنور السادات.. علينا أن نفكر ألف مرة.. ونتناقش ألف مرة وان نضع مصالح مصر فوق أي اتجاه ديني أو سياسي جديد يقلب الاوضاع السياسية في المنطقة رأساً علي عقب.