تظل مسألة ضبط الأسواق ومنع التلاعب بالموازين والمكاييل ، أحد المتطلبات الضرورية لتحقيق العدل ، ومنع الاضرار بالمستهلك ، والمؤسف أن هناك طرقا وأساليب متنوعة للغش والخداع يمارسها التجار والبائعون من منعدمى الضمائر على أرباب الأسر ، للمبالغة فى الكسب من أقواتهم دون وجه حق.. الموازين احد اخطر الاجهزة التى يتم التعامل بها فألاعيب البائعين والتجار لا تنتهى ، وحينما يكتشف المواطن تلك الخدع تظهر اخرى جديدة ، وحتى ان رأى المستهلك بعينه الغش فى الموازين فلا يمكنه الاعتراض فلا يوجد حينها من يحيمه وقد يجهل الى اى جهة يذهب لمواجهة هذا الغشاش .. نظرات المستهلك الى ايدى البائعين لن تفيد فى شىء فهناك اسرار وخبايا وضعوها فى الموازين لن يكتشفها الا موظفو هيئة الصكوك والموازين والبالغ عددهم 63 مفتشا على مستوى الجمهورية، مكلفين بالتفتيش والمراقبة على أداء بائعى المنتجات والخدمات السلعية كافة، التى تخضع للقياس والأوزان والعجيب ان هذا العدد القليل موزع على 55 مكتبا بجميع المحافظات، ورغم أن عملهم يتلخص فى ضبط المخالفات والتجاوزات، ومحاسبة المخطئين، بعد التأكد من انضباط حركة البيع والشراء، إلا أن الواقع المرير يكشف عكس ذلك فلا يوجد نظام أو متابعة رقابية وإشراف مستمر على البائعين.. ولا محاسبة للمتلاعبين بأقوات المصريين. الذهاب إلى الأسواق عادة يومية يقوم بها الجميع الرجال والنساء وحتى الاطفال الصغار لشراء احتياجاتهم المعيشية من خضراوات وفواكهه ولحوم وبقوليات، ولا يخلو يوم من الجدال الطويل والفصال مع البائعين بسبب «جنون الأسعار»، وان نجحت فى خفض سعر السلعة فانت لست الفائز فلن تستطيع ان تخدع البائع لانه ببساطة قد سرقك دون ان تدرى ، لأنه وببساطة موازين البائعين مختلة من اجل حصد مكاسب يومية ، ولا يقف الحد عند الميزان فقط فمحطات الوقود والغاز ومصانع التعبئة التى تخدع المواطنين بعبارة الوزن بعد التعبئة. الموازين انواع وكل سلعة لها ميزان خاص بها فميزان بائعى الخضراوات والفاكهة هو الميزان «الطبالي»، ويختلف عن الميزان «الالكتروني» الذى يستخدمه بائعو اللحوم والمستخدم فى محلات السوبر ماركت وشاع استخدامه بكثرة فى أغلب المحلات التجارية ومعظمها صينى الصنع وسهل التلاعب بها . بحى الجمالية وتحديدا شارع بيت القاضى احد قلاع بيع الموازين فى مصر ذهبنا لنرصد عن قرب انواع الموازين واسعارها ولان السلعة التى يكون الطلب متزايدا عليها تكون فى المقدمة فكان الميزان الالكترونى صاحب نصيب الاسد من البيع فأغلب المحلات كانت تضعه فى مقدمة العرض وكانت اجابات معظم البائعين عن السبب فى انتشار الطلب على هذا النوع تدور حول معنى أن لكل عصر احتياجاته وكل بائع يحاول ان يتجنب الخسائر فالميزان القديم كان يكلف البائع خسائر بسبب فروق الميزان اما الالكترونى فالوزن مظبوط ولا توجد به اى فروق.. اتجهنا إلى أقدم ورش تصنيع الموازين فى مصر، ومنها ورشة المرحوم على عفيفي، أقدم صانعى الميزان الذاتى الذى يرجع عهده إلى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. على عبد الفتاح احد اشهر صانعى الموازين بحى الجمالية اشار الى ان صناعة الموازين اول بند فى تعلم صناعتها هو الحفاظ على القيم والأخلاق فمن يصنع الميزان على علم بان بين يديه أمانة لا يراقبه إلا الخالق وهو من جعله يتقنها وعليه ان يحترم تلك الامانة. ويكمل «عبدالفتاح» أن الموازين لها عده انواع وأسماء ايضا ومنها الميزان الذاتى ويحمل مؤشرا فى المنتصف لتوضيح الوزن المطلوب فيتم التلاعب فيه عن طريق تفريغ الخزنة الموجودة أسفل السنجة المعيارية وذلك ليسرق البائع من 50 إلى 100 جرام، وهنا لا يرى المشترى المؤشر ثابتا بل يتعمد البائع عدم ثبات المؤشر حتى لا يكتشف المشترى السرقة، إلى جانب تغير الكفة التى توضع يمين الميزان حيث يختلف وزن الكفة بين الموازين وحتى يتاكد المستهلك من صحة الميزان اولا عليه ان يرفع السنجة المعيارية من فوق الميزان ليرى ان المؤشر عند الرقم صفر . اما النوع الثانى يسمى الميزان الطبالى وهو الاكثر شيوعا لدى بائعي الفاكهة والخضراوات ويدمغ كل عام كباقى الموازين، ولا يستطيع البائع خداع الزبون أثناء الشراء فى ذلك الميزان لأنه يتم تصنيعه بحرفية شديدة، ولكن ما يحدث هو التلاعب بالسنج المعيارية والتى تحمل أرقام الأوزان، وفيها يتم تفريغها من الرصاص، حيث تحتوى كل سنجه معيارية على ختم من الرصاص موجود فى تجويف أسفلها، وهنا لا يستطيع البائع كشفها إلا بفحص السنجة المعيارية. وواصل عبد الفتاح أشهر صانعى الموازين :هناك ايضا الميزان الالكترونى وهو الأكثر شيوعا عند البائعين ولا يستطيع المستهلك كشف الاعيب ذلك الميزان لأسباب كثيرة حيث يتكون الميزان من أكواد الكترونية ، يستطيع البائع بعد وضعها أن يعطى للميزان قيما معينة بحيث يجعل نصف الكيلو فوق الميزان يقرأ 800 جرام وهنا يكون غش المشترى فى 200 جرام والأخطر من ذلك هو حساسية الميزان حيث يتم جعل درجة حساسية الميزان تبدأ من واحد جرام وحتى 10 جرامات وهنا تكون درجة حساسية الميزان عالية لدرجة تجعل المشترى يشك ألف مرة فى الوزن وهو يحمله فى يده ويشعر أن الوزن غير حقيقى حيث يحسب الهواء الموجود داخل الاكياس اثناء الوزن . وأوضح، أن البائع الغشاش يلجأ الى الحيل لجذب المستهلك بالأسعار المخفضة وهو ما يحدث فى الأسواق المفتوحة والكبيرة واشهر تلك الاسواق هو سوق العتبة وخاصة الباعة المتجولين حيث نجد أسعارا أقل من الطبيعى وهذه حيلة شيطانية للإيقاع بالضحايا وحتى إن اكتشف المشترى حقيقة الخدعة فلا يستطيع الحديث والمطالبة بحقه خوفا من الشجار مع البائعين وهناك خدعة اخرى يقوم خلالها البائع بوضع الميزان فوق عربية نص نقل ويجذب عددا كبيرا من المستهلكين بالسعر الخيالى وبعد ان يكون قد باع للكثير ينطلق بسيارته، حينها لن تجده مرة اخرى . اما أسعار الموازين تبدأ من 600 جنيه وحتى 18 الف جنيه وكل بائع وحسب احتياجاته فهناك من يستعمل «الطبالي» وهناك من يشترى «الالكتروني» لتقليل الخسارة فى الوزن أو لغرض سرقة الزبون اما الاكثر استخداما فى المحلات المعروفة هو الميزان الذاتى. على محروس أحد باعة الموازين أكد أن «الخوف من الله والضمير هما الرقيب على صانعى الموازين، مؤكداً أن هناك طرقا للسرقة تتم بطريقة شيطانية وهى عن طريق وضع ثقل ملفوف فى كيس بلاستيك وربطه داخل الميزان من الأسفل وبالطبع يتم وضع هذا الثقل من ناحية كفة الميزان المخصصة لوضع الخضار والفاكهة وذلك لسرقة المستهلك ، وهناك حيلة أخرى لكنها قديمة وفيها يقوم البائع باستخدام كفتين مختلفتين فى الوزن، وهناك من يبدل الجزء الحديدى الموجود أسفل الكفة بآخر أثقل وزنًا يثبتها فى الخفاء أسفل الكفة المخصصة لوضع الخضار أو الفاكهة.