سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الاقتصاد يدفع فاتورة الصراع بين «العسكري» و«الإخوان» تجميد مشروعات بقيمة 300 مليون دولار وتعليق قروض لمصر ب3 مليارات دولار
البورصة خسرت 17 مليار جنيه في ثلاثة أيام والموازنة الجديدة غير شرعية
مازال الارتباك وعدم الحسم هما سيدى الموقف علي كافة الاصعدة والمجالات سياسية واقتصادية واجتماعية في المشهد الحالي الذي يشبهه الخبراء بالحرب الباردة بين المجلس العسكري والتيارات الإسلامية والأحزاب السياسية والائتلافات الثورية، فما بين النفي والتأكيد لوفاة الرئيس المخلوع حسني مبارك.. والنفي والتأكيد لفوز كل من محمد مرسي مرشح الحرية والعدالة برئاسة الجمهورية ومنافسه الفريق أحمد شفيق.. واحتفالات مؤيدي الطرفين بالفوز والترقب الحذر المشوب ببعض التهديدات بمزيد من الفوضي.. ونفس الأمر فيما يخص العمل بالموازنة الجديدة للعام المالي الجديد التي لم تقر من مجلس الشعب المنحل فهناك من يقول بحق العسكري في اعتمادها والعمل بها ومن يقول الاستمرار بالعمل بالسابقة لحين الفصل في الطعن المقدم ضد قرار الحل.. أصبحت كافة القرارات معلقة وغير محسومة وكان الاقتصاد هو الخاسر الأكبر حيث خسرت البورصة ما يقرب من 17 مليار جنيه منذ بداية الأسبوع وتجمدت كثير من الخطط الاستثمارية للمؤسسات الاقتصادية لحين الوقوف علي وضع واضح ومحدد للبلاد. بعض الخبراء يرون الاحداث تدفع بالاقتصاد للدخول في نفق مظلم خاصة ونحن علي ابواب شهر رمضان الذي يتضاعف فيه حجم استهلاك المصريين لكافة السلع فيما يري البعض الآخر أن تأثير هذه الأحداث مؤقت علي القطاعات شديدة الحساسية للاحداث الاقتصادية كالبورصة وجذب الاستثمارات الأجنبية إلا أنها سرعان ما يزول أثرها ويعاود الاقتصاد نشاطه ولكن علي أسس وقواعد جديدة أكثر شفافية لصالح الغالبية العظمي من الشعب وليس فئة محددة. في تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» قالت إن المساعدات المقدمة من الهيئات الدولية لمصر للمساعدة في عمليات التنمية ودعم الميزانية معرضة للخطر، اثر قرار حل البرلمان والتوترات السياسية المصاحبة للانتخابات الرئاسية والخلافات والصراعات علي السلطة التي جعلت المشهد السياسي المصري أكثر غموضاً. وقالت الصحيفة إن قرار حل مجلس الشعب واضطرابات المشهد السياسي قد يعصف بحوالي 300 مليون دولار من مشروعات خلق الوظائف في مصر قام بتمويلها كل من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، فضلاً عن تقويض جهود شهور عديدة من المساعى المبذولة من البنك فى سبيل العمل مع المشرعين لإرساء خطة تنمية تمتد لمدة 18 شهرًا، بهدف تطوير وتحسين البنى التحتية فى مصر، وتأسيس حكومة جيدة، وخلق وظائف جديدة، وإرساء نظام ضمان اجتماعى آمن. كما أن الدعم المقدم من صندوق النقد الدولى لدعم الميزانية فى مصر معلق حتى تعيين حكومة فى البلاد خلفا لحكومة الجنزورى لإدارة وتقديم الدعم السياسى للاصلاحات الاقتصادية وضمان تطبيقها. وقال دبلوماسيون ومصرفيون إن صندوق النقد الدولى قام بتعليق 32 مليار جنيه استرلينى مقدمة كقروض، بهدف استعادة الثقة باقتصاد وتحرير وتمويل المستثمرين والمانحين الدوليين. بالاضافة إلى ضرورة ايجاد تسوية لتفادى حدوث انخفاض فى قيمة العملة بصورة عشوائية وفوضوية، كما أوضحت الصحيفة أن المركزى المصرى قام بإنفاق حوالى ثلثى الاحتياطى من العملات الأجنبية فى محاولة لحماية الجنيه المصرى، حتى وصل إلى 15٫5 مليار دولار فى نهاية شهر مايو، بما يغطى حوالى ثلاثة أشهر من الواردات، ووفقا لما سبق فقد أوضحت الصحيفة أن تمويل البنك الأوروبى لخطط الاصلاحات فى مصر معرض بدوره للخطر. الدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد السابق يصف المشهد الحالى بالسيئ ويحذر من خطورة الوضع على الاقتصاد الذى يدفع دائما ثمن التوترات السياسية - على حد قوله - مشيرا إلى ضياع الأمل فى إحياء الاقتصاد المدمر عقب انتخاب الرئيس بعدما تحولت الانتخابات الرئاسية إلى صراع شرس على السلطة مؤكدًا عدم اهتمام جميع الأطراف بالاقتصاد سواء المواطنين أو مرشحى الرئاسة والتيارات المختلفة قائلا أن احياء هذا الاقتصاد مرة أخرى بات أملاً بعيد المنال حال استمرار الوضع على ما هو عليه فمعدلات التضخم وصلت إلى 12٪ والاستثمارات الأجنبية تراجعت إلى أقل من 20٪ عما كانت عليه وانخفض معدل النمو الاقتصادى إلى 1٫5٪ وتضاعفت معدلات البطالة وتراجعت معدلات السياحة إلى الثلث وطالب السعيد بسرعة حسم جميع المشكلات والمواقف حتى لا يتفاقم الوضع أكثر وتصبح عودة الاقتصاد حلماً يصعب تحقيقه مؤكدا أن هوية الاقتصاد المصرى سوف تتحدد طبقا لأيديولوجية الرئيس المقبل. «الوضع الاقتصادى الحال يهدد بالعودة لنقطة الصفر التى أعقبت ثورة 25 يناير حيث يمر الاقتصاد بصعوبات كبيرة خاصة فى ظل حالة عدم التيقن فيما يتعلق بمن سيكون هو متخذ القرار المقبل، كما أن التوقعات الاقتصادية العالمية السيئة ستؤثر على انتعاش تدفق الاستثمارات والسياح». حسب رؤية الدكتور هانى سرى الدين رئيس هيئة سوق المال السابق قائلا: إن أهم التحديات التى ستواجه المسئولين خلال الفترة المقبلة هى عدم وجود سيولة كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية وأن الحاجة الملحة حاليا هى وجود ضمان لتمويل كاف لحماية الاقتصاد خلال العام المقبل، مما يستلزم وجود خطة متوسطة الأجل لتخفيف العبء على الميزانية وتحقيق نمو أسرع وأشمل مشيرا إلي إمكانية تحقيق ذلك من خلال توفير التمويل المنظم السهل للشركات والمشروعات الصغيرة الداعمة للصناعات الكبيرة، وفيما يخص الوضع الحالي للبورصة قال «سري الدين» إن تحرك البورصة وصعودها مرهون بالاستقرار السياسي وتقبل المواطنين لنتائج الانتخابات الرئاسية ورغبتهم في اعادة عجلة النمو للدوران وحذر من اطالة فترة القلق وعدم الاستقرار علي الوضع الاقتصادي الذي سندفع جميعاً ثمن تدهوره اكثر مما هو عليه الآن. الدكتور حازم الببلاوي وزير المالية السابق يقول إننا اصبحنا نسير معصوبي الاعين ولا يمكن ان نتوقع ما الذين يمكن ان يحدث غدا محذراً من عدم امكانية تحمل الاقتصاد المصري المزيد من التخبط وعدم الاستقرار السياسي الذي يأخذنا لهوة سحيقة حسب وصفه سندفع ثمنها جميعا وهو ما اكده محمد المرشدي رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان الذي يري في الصراع علي السلطة والرغبة من قبل حزب الحرية والعدالة في الاستحواذ علي كافة المؤسسات التشريعية والتنفيذية والرئاسية سببا فيما وصل إليه حالنا الآن من عدم استقرار وغموض وتهديد للوضع الاقتصادي قائلاً إن حتي الطرح لمشروعهم فضفاض وعام وغير مجد لعودة النمو الاقتصادي ويحتاج لتمويل ومبالغ باهظة لا يمكن توفيرها إلا بالقروض والمعونات او طبع المزيد من البنكنوت الذي سيهوي بقيمة الجنيه وطالب المرشدي بالتكاتف والتحرك السريع لحسم الامور والاستقرار السياسي بشتي الطرق لإعادة الروح للاقتصاد الذي بات يلفظ أنفاسه الاخيرة في ظل الوضع الحالي. ومن أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بالاحداث كان القطاع المصرفي الذي تعرض للعديد من الاختبارات الصعبة خلال الفترة الماضية حسب الخبيرة المصرفية لميس نجم المدير التنفيذي لسيتي بنك التي اشادت بكفاءة القطاع المصرفي الذي نجح في تجاوز كافة العقبات مسترشدة بالتقرير المنشور في صحيفة نيويورك تايمز حول اداء القطاع المصرفي المصري ورؤي خبراء الاقتصاد والتمويل حول مستقبل القطاع في مصر، حيث كشفت الصحيفة اوجه التباين في تقييم الخبراء لأداء القطاع المصرفي المصري، حيث يوجد من ينادي بتكليل جهوده التي حالت دون وقوع كارثة مالية محققة، وهناك من ينتقد بشدة السياسات الائتمانية وتأثيرها السلبي علي قطاع عريض من المشروعات الصغيرة والمتوسطة في السوق المصري. أضافت أن التقرير رصد مدي تمكن البنوك المصرية بشكل عام من تطهير الميزانيات من أغلب الميادين والقروض المتعثرة، ونجحت في التغلب علي سلبيات الإرث الاقتصادي علي مدار خمسين عاما، وهو انجاز يدعو للفخر والاشادة، وتابعت ان السوق المصري يضم 39 مؤسسة مصرفية نجحت في تحقيق ارباح قوية منذ عام 2004 وحتي تفاقم الأزمة المالية العالمية في عام 2008. مشيرة إلي التحديات والازمات التي واجهت القطاع المصرفي المصري منذ قيام الثورة وانتهاء حكم الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير 2011 ومنها انخفاض قيمة العملة وهروب رؤوس الأموال الاجنبية، وغيرها من العقبات التي تركت البنوك في مواجهة صعبة من ديون الدولة، وقالت لميس إن التعديلات التي شهدها القطاع المصرفي طوال العشر سنوات الماضية ساهمت إلي حد كبير في الحفاظ علي تماسك القطاع وتعزيز قدرته علي مواكبة الاوضاع غير المواتية، إلا أنها حذرت من استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي التي تضرب الاقتصاد بقوة وتهدد بالمزيد من انخفاض قيمة العملة المصرية وهروب رؤوس الأموال الاجنبية وتراجع الدخل من العملة الصعبة إلا أنها عبرت عن تفاؤلها من امكانية حفاظ القطاع المصرفي علي تميزه الذي جنب مصر ازمات عديدة مدمرة ضربت الاسواق العالمية شرط عودة الاستقرار والأمان السياسي والاقتصادي.