[معهد القلب بحاجة ملحة لدعم مادى!] د. محمد نصر - تصوير - طارق الحلبى حوار أمانى سلامة منذ 1 ساعة 23 دقيقة لا يستطيع أحد أن ينكر أن ملف الصحة فى مصر من أهم وأصعب الملفات التى تواجه الرئيس القادم وهو أيضاً من أكثر هموم الشعب المصرى ألماً.. «الوفد» فى حكومته الموازية اهتم بهذا الملف الخطير وتبنى مشروعاً للتأمين الصحى وبرنامجاً للرعاية الصحية كلف به الدكتور محمد نصر، أستاذ جراحة القلب، وزير الرعاية الصحية فى الوفد، وهو فى الوقت ذاته عضو اللجنة العامة لإعداد مشروع التأمين الصحى الجديد فى الدولة فى حواره مع «الوفد» أكد أن قلب مصر بخير ومازال ينبض بالخير وقوى وقادر على مواجهة كل الصعاب مهما رأينا فى الشارع من خلافات فكرية واختلافات متباينة فى وجهات النظر، كما أنه وضع روشتة لعلاج الكثير من هموم قطاع الصحة وآليات تنفيذها للخروج بهذا الملف الخطير إلى بر الصحة، خاصة للمواطن الغلبان!! كجراح قلب كبير كيف ترى حالة قلب مصر الآن؟ - قلب مصر الآن بخير ومهما رأينا فى الشارع من خلافات فكرية واختلافات متباينة فى وجهات النظر فهذه علامة صحية تؤكد أن هناك سحباً من الديمقراطية بدأت تسرى أرض مصر بأمطارها فالخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، وقد تختلف ونتصارع ولكن عند الوصول إلى خط النهاية نحترم الفائز ونسانده حتى يأتى موعد المسابقة الجديدة لنبدأ من جديد فى التصارع، ولذلك فأنا شخصياً متفائل بكل ما يحدث الآن على أرض مصر فالمواطن المصرى، أصبح قادراً على أن يقول «لا»، ولن يكون هناك فرعون بعد ذلك فى مصر أبداً، وبذلك فلا خوف من أن يأتى أحمد شفيق أو مرسى فلقد أصبح للشعب كلمة، وأصبح للرأى العام سلطته التى تجعل الحاكم يأخذ المحاذير قبل أن يتخذ القرار. ولكن هناك من يقول إن الشعب المصرى لا يستطيع ممارسة الديمقراطية ومازال يسيطر عليه فصيل أو فصيلان؟ - إذا تحدثنا عن الديمقراطية فلابد أن نعلم أن للديمقراطية والتعبير عن الرأى حدود، وهناك خط أحمر لا يستطيع أحد أن يتجاوزه فمن غير المسموح أن يتطاول أحد على أحد، أو يهاجم أحد على أساس عنصرى أو لون أو جنس أو دين وكما نرى فى كل البلاد الديمقراطية فإن هناك قوانين تمنع التعصب الأعمى والدينى والعرقى واللونى، وإذا اتفقنا على هذا فى دستورنا الجديد فالجميع أن ينفذ ما يريد وأن يشارك فى رأيه فيما يريد دول أن يتخطى ذلك الخط الأحمر الذى يجرح حقوق الإنسان، ولذلك فأنا متفائل وإن شاء الله اقتربنا من الاستقرار رغم كل ما نراه من شواهد وقد أثبت الشعب المصرى رغم كل ما تراه أنه فى وقت الحسم ناضج. كيف ترى الخريطة الصحية لمصر الآن؟ - المشكلة الحقيقية فى الرعاية الصحية فى مصر تكمن فى القصور فى الرعاية الصحية لفترات طويلة رغم التقدم فى مجالات كثيرة ولكن بصورة متذبذبة دون تنسيق مثل الزيادة الأذينية التى أصابت مبارك والتى تجعل كل عضلة تعمل لوحدها دون تنسيق، ولذلك فلابد من إعادة هيكلة الصحة، وأعتقد أن برنامج حزب الوفد فى هذا المجال يعتبر برنامجاً عقلانياً يساعد على استخدام الموارد المتاحة فى تحسين الأداء، وعليه فلقد أصبح هناك 3 محاور لإصلاح الصحة فى مصر أولهما وجود نظام تأمين صحى شامل وثانيهما تقليل تكلفة العلاج وثالثهما زيادة موارد الصحة. ما آليات تنفيذ تلك المحاور؟ - بالنسبة للمحور الأول أن يكون هناك نظام تأمين شامل ولكن مع المحافظة على جزء من العلاج المجانى بالمستشفيات العامة فى الحالات البسيطة بمعنى أنه لابد أولاً من زيادة موارد التأمين الصحى من خلال مشاركة كل من له بطاقة رقم قومى فى هذا التأمين حتى من لديه من المواطنين تأمين صحى آخر وهذه فكرة الدكتور محمد معيط، مساعد وزير المالية، عضو لجنة التأمين الصحى، والجزء الثانى فى أن يشارك المواطن ب1٪ من راتبه ويشارك صاحب العمل ب2٪ من الراتب وتحسب هذا المشاركة من الراتب الأساسى وهذا بالطبع خطأ كبير لأن وكيل الوزارة مثلاً الذى يحصل على 7 آلاف جنيه فى الشهر يدفع 1٪ من راتبه الأساسى بينما العامل الذى راتبه كلياً 600 جنيه يدفع أيضاً 1٪ ومعنى ذلك أن الفقير هو الذى يمول علاج الغنى ولذلك فلابد من حساب المشاركة فى التأمين الصحى من دخل المواطن حتى تزيد موارد التأمين الصحى ونؤمن مستقبل المواطن عندما يصل لسن المعاش ويصبح يدفع المواطن 1٪ من دخله وصاحب العمل 2٪، ويدفع نصف فى المائة عن الزوجة وعن كل طفل يعلوه وبذلك يزداد الصرف على المواطن بمبلغ تقريبى يوازى ألف جنيه فى العام وبالتالى فإن الصحة تحتاج إلى 85 مليار جنيه فى السنة!! كذلك لابد أن تدفع الصناعات الملوثة للبيئة جزءاً للصحة مثل التبغ والأسمنت. وكيف يمكن تقليل تكاليف العلاج أو الرعاية الصحية؟ - يتم تقليل التكاليف فى إطار إعادة هيكلة الصحة عن طريق أن تقوم مراكز البحث والجامعات بتوجيه الاستثمارات ورجال الأعمال لإنشاء صناعات المستهلكات الطبية والأدوية فى مصر، وهو دور الأطباء والباحثين من الأطباء لكى يقللوا تكلفة العلاج مثلاً هناك شركات مصرية تنتج الخيوط الجراحية سعرها عُشر المستورد لابد من تشجيعها وزيادة الاستثمار فى هذا المجال وأن يحاول الباحثون فى مراكز العلم والمستشفيات بتحسين تلك الصناعات من خيوط جراحية والمؤكسدات لجهاز القلب الصناعى، بعض الأجهزة والأدوية الأساسية والأنابيب والخراطيم وكلها تبدو صناعات صغيرة ثم تكبر لتتحول إلى صناعات كبيرة وتكون الفائدة فى تقليل التكلفة العلاجية، وفى الوقت نفسه تخلق فرص عمل ثم تعطينا منتجات تكون قابلة للتصدير وهى خطة عامة فمثلاً هناك جهاز يسمح لعضلة «القص» لتسليك الشريان الثديى لنزرعه على الشريان التاجى هذا الجهاز ب26 ألف جنيه، ولكن العاملين بمعهد القلب اخترعوا الصفيحة تقوم بنفس الأداء المطلوب ب150 جنيهاً وأصبحت الناس فى البلاد من حولنا تطلب الصفيحة، معنى ذلك أننا قادرون على الابتكار أكثر من التقليد وعلى ذلك كثير. ثالثاً: تسعير الخدمة الطبية بمعنى أن هناك عشوائية فى الأجور والأسعار فى الخدمة الطبية فى مصر فهناك فرق طبى تجرى جراحة فى مستشفى ما بألف جنيه مثلاً والفريق نفسه بالإمكانيات نفسها والطقم الطبى ب10 آلاف جنيه، وذلك لأن هناك عشوائية، ورغم أننا فى اقتصاد حر لا نسعر الدواء أو العلاج ولكن نستطيع أن نحدد قيمة لتلك الخدمة بحيث إن المواطن عندما يدفع عن معرفة فإذا دفع سعراً مغالى فيه يعرف السعر الحقيقى، وكيف يتم ذلك فى كثير من البلاد يستخدمون نظام الوحدات الاقتصادية بأن تكون وحدة الجراحة (ج) ووحدة الباطنة (ب) ووحدة التحاليل (ت) وحدة الأشعات (أ) وتقرر لجنة من المالية والصحة أن قيمة ال(ج) 100 جنيه ثم تقرر اللجان المتخصصة أن الزيادة ب100 جنيه والقلب المفتوح مثلاً ب1000 ج والكيماوى للسرطان 1000 ب وممكن أن يكون هناك ب1، 2، 3 حسب الدرجات هذه الطريقة للتسعير سوف تسمح لأى تأمين صحى أن يغطى التكلفة، وأن يكون هناك نظام للتأمين الصحى الشامل يأخذ فى الاعتبار مصلحة المستفيد والمسعر للخدمة أو من ناحية أخرى يسمح هذا النظام للحالات التى يحتاج فيها المواطن للتأمين الصحى والحالات البسيطة التى يمكن أن تجرى مجاناً فى المستشفيات العامة، فتقول إنه حتى 100 ج يدفعها المريض ومن 100 إلى 300 ج يغطى جزئياً فوق 300 ج بذلك يسمح أن تركز موارد التأمين للحالات التى يحتاجها المريض فالجراحات الخطيرة والأمراض السرطانية، والأدوية الغالية الثمن، أما الحالات البسيطة فستوفر وتعتمد على العلاج المجانى وهذا يعتبر نموذجاً مشتركاً للتأمين الصحى الشامل والعلاج الصحى البريطانى. وماذا عن الحالات الحرجة أو الحوادث؟ - يتيح النظام الجديد للمواطن إذا أصيب بمرض أن يدخل للمستشفى ويقدم له العلاج فوراً فى المستشفى التى يريدها وتصدر فاتورة بقيمة العلاج ترسل للجهة التى تغطيه والتأمين الصحى فى هذه الحالة يقوم بتغطيته من واقع التسعيرة التى اتفقنا عليها ولكن لكى يستطيع المواطن الذهاب لأى مستشفى فلابد هنا إذن أن تخضع جميع المستشفيات العامة، والخاصة للجنة عليا من الجيش والشرطة والجامعة توزع المرضى والأدوية وهنا توفر توزيع عدالة الخدمة الطبية وبذلك لن يكون لدينا قوائم انتظار لأننا سوف نوفر أماكن على مستوى الجمهورية فى العام والخاص. لجنة طبية عليا!! ما دور وزارة الصحة هنا إذن؟ - التأمين الصحى هنا ومن خلال تلك اللجنة يغطى الفحوصات التى تتطلب حقه وكل العلاج والدواء يغطيها التأمين الصحى، أما إذا كان هناك حملة دعائية لمنع التدخين وزيادة الرياضة والتوعية الصحية فهنا يأتى دور وزارة الصحة فى تغطية ذلك!! فى هذا الإطار ما رأيك إذن فى الميزانية المحددة للصحة فى مصر؟ - ضعيفة ولابد أن تزيد ولابد ألا تقل بأى حال من الأحوال عن 15٪ من الموازنة العامة إن لم يكن أكثر، ففى وقت من الأوقات كانت الميزانية المخصصة للإعلام 17٪ فكيف ذلك والصحة كانت 11٪ لابد من زيادتها كلما أمكن مع زيادة الموارد ما عدا الأدوية الأساسية. كيف ترى الانفلات الأمنى فى المستشفيات بعد الثورة؟ - كان لى كلمة فى حالات الانفلات الأمنى فى معهد القلب قلت للأطباء الصغار إذا أجريت عملية أو جراحة وفشلت وتطاول أهل المريض عليك فيجب على الطبيب أن يتعلم كيف يحتوى الناس، ففى حالات المرضى لابد من التدريب على احتواء المريض وأهله سواء فى نجاح العلاج أو فشله، والمشكلة تأتى من بعض شباب الاحتواء الذين تنقصهم خبرة التعامل مع المجتمع فلا يكفى أن تكون ماهراً كطبيب ولكن لابد أن يكون لديك من الذكاء الاجتماعى ما تستطيع به احتواء المواقف وهو ما ينقصنا فى تدريب شباب الأطباء. كيف ترى التركيز الإعلامى على المصابين والشهداء والمرضى فى المليونيات والاعتصامات؟ - أعتقد أن العلاج الطبى يحتاج بخاصة للمرضى والمصابين فى أحداث كتلك إلى وقار علمى وسرية وخصوصية للمريض ولا يحتاج إلى شو إعلامى حتى نستطيع أن نقدم العلاج بصورة جيدة، فإذا كانت الكاميرا موجهة للعلاج فقد يخاف الطبيب من أن يلجأ إلى قضية المريض بحاجة إليها لتساء سمعته عند الفشل ولذلك علاج المرضى والجرحى لابد أن يتم بهدوء بعيداً عن أعين الإعلام، ويستطيع هنا المتحدث الرسمى أن يعطى للإعلام ما يشاء بعيداً عن تقديم العلاج للمرضى. المظاهرات والاعتصامات الفئوية للقطاع الطبى كيف تراها؟ - من الممكن دائماً احتواء المطالبين والتحدث معهم للوصول إلى اتفاق فأحد المشاكل الأساسية فى خلال المرحلة الانتقالية السابقة أن قيادات البلد لم تكن تتحدث لتشرح الأمر للناس وكان من الممكن احتواء الكثير من الأزمات بالحديث وتذكر نكسة 67 كانت مصر فى نكسة واقتصادها مدمر وجيشها مدمر وكان الناس يتقبلونها بخطبة عبدالناصر ولابد من الانتهاء قولاً من الفترة الانتقالية ووجود رئيس ومتحدث رسمى يكلم الناس ويحتويهم ويهديهم. معهد القلب ماذا يحتاج لإنجاز مهامه على أكمل وجه؟ - معهد القلب مثله مثل باقى المعاهد فى مصر بحاجة ملحة لدعم مادى، خاصة أن الشباب الصاعد به من الجراحين أصبحوا على مستوى عال ويعملون ليل نهار بدءوا يقومون بالأبحاث ويرسلونها للمؤتمرات العالمية وإذا زادت موارده زاد تقدمهم!!