وزارة الإنتاج الحربى تنافس العالم تحت شعار «مصر تستطيع»

اللواء يسرى النمر رئيس مجلس إدارة مصنع 200 الحربى ل«الوفد»:

«مصر تستطيع».. هذا ما وضعته القيادة السياسية فى مصر شعارًا لمرحلة البناء والتنمية، من أجل بناء مصر الجديدة القوية، وبناء على خطط استراتيجية خطت مصر خلال الخمس سنوات الماضية خطوات واسعة نحو الحلم المصرى، ببناء جيش قوى، وما بين تنويع مصادر الأسلحة، والتطوير داخل كافة قطاعات القوات المسلحة، ودخول أحدث الأسلحة العالمية للخدمة من حاملات طائرات مروحية، وطائرات هجومية، وأجهزة دفاع جوى، وفرقاطات بحرية ولنشات صواريخ متطورة، كانت وزارة الإنتاج الحربى تدعمها القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة، تترجم وبكل قوة شعار «مصر تستطيع» إلى إنتاج يليق بمكانة مصر القوية، التى استطاعت فى فترة وجيزة فرض إرادتها فى كافة المحافل الدولية، وكان معرض «إيدكس 2018» الدولى للصناعات الدفاعية، والذى أقيم للمرة الأولى على أرض مصر مفاجأة للعالم، وكل الدول الكبرى المشاركة، بعرض منتجات حربية أذهلت المصريين والأجانب، ومن هذه المنتجات العربات المدرعة ST100، ST500 وهى إنتاج مصرى 100% وتتفوق على أحدث مدرعة فى العالم الآن من حيث الصناعة والتكنولوجيا ولها مواصفات عالمية وجذب الجناح الذى عرضت فيه العربة كل زوار المعرض المصريين والعرب والأجانب.
من داخل مصنع إنتاج وإصلاح المدرعات (مصنع 200 الحربي) التابع لوزارة الانتاج الحربى تجولت «الوفد» داخل خطوط إنتاج العربات المدرعة وسط كتيبة من المهندسين والعمال المهرة الذين يسابقون الزمن لإنتاج أحدث المدرعات، بالتكنولوجيا المتطورة، وذلك لتوفير منتج مصرى يليق باسم مصر وقادر على منافسة المنتجات العالمية فى الأسواق.
فى البداية كان اللقاء مع اللواء يسرى محمود حسن النمر - رئيس مجلس إدارة مصنع إنتاج وإصلاح المدرعات (مصنع 200 الحربي) الذى بدأ كلامه قائلًا إن المصنع أنشئ عام 1987 بناءً على اتفاقية بين مصر وأمريكا لتصنيع مشترك لدبابة القتال الرئيسية M1-A1 واستغرق بناؤه 3 سنوات وتم افتتاحه عام 1990 وكانت المرحلة الأولى للتدريب وإعداد الكوادر الفنية داخل مصر وفى أمريكا حتى تم خروج أول دبابة مُصنعة بالكامل داخل المصنع فى عام 1992 ومنذ هذا الوقت والمصنع يقوم بإنتاج الدبابة حتى أصبحت مصر تمتلك ثانى أسطول دبابات بعد امريكا من هذا الطراز ويتم التطوير طبقا لأحدث التكنولوجيات العالمية.
مر المصنع بعدة مراحل خلال 11 عامًا لتعميق التصنيع المحلى، فى المرحلة الأولى كان يأتي جسم الدبابة مصنعا من امريكا ونحن نكمل تركيب باقى الأجزاء ثم بدأنا فى صناعة البرج وبعد 4 مراحل توصلنا لتصنيع الجسم وباقى الأجزاء ونستورد من أمريكا أجزاء بسيطة ووصل حجم المنتج المحلى إلى ما يقارب 80% من تصنيع الدبابة بالكامل.
كيف أصبح مصنع 200 الحربى إحدى قلاع الصناعات العسكرية فى مصر والشرق الأوسط؟
أهم ما يمتلكه المصنع هو العامل والفنى المدرب وبصراحة العامل المصرى لديه سرعة بديهة فى تلقى التدريب بل التجويد فى التدريب والتصنيع المتميز أكسبه ثقة بعد تخطى 4 مراحل فى الإنتاج حتى وصل إلى مهارة لا تتوفر حتى فى المصانع الأمريكية المماثلة لصناعة الدبابة M1-A1.
وأصبحت الاتفاقية المصرية مع الجانب الأمريكى تمنح المصنع حق تنفيذ أى تعديلات جديدة على الدبابة طبقا للمهام القتالية، فقط نقوم بإخطار الجانب الأمريكى ثم نضيفها على التصنيع، وهذا يوضح أن العقلية المصرية كمستخدم أو مُصنع تستوعب كل هذه التكنولوجيا وقادرة على الصناعة بمفردها والمنافسة أيضًا.
هل المصنع قادر على الابتكار والتطوير فى صناعة المدرعات دون شراكة خارجية؟
هناك رؤية مستقبلية لدينا تتمثل فى أن يكون «الإنتاج الحربي» مؤسسة صناعية متطورة تعمل كمصدر رئيسى لتسليح قواتنا المسلحة وحريصة على تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد المصرى ومشاركة فى المشروعات القومية فى إطار استراتيجية التنمية المستدامة لمصر-2030.
وهذا ما حدث فى إنتاج المدرعتين ST100 ، ST500 وهما من تصميم وتصنيع مصرى بالكامل.
ما هى المواصفات التى تتميز بها العربة المدرعة ST100 عن مثيلاتها فى العالم؟
- التقيم الأساسى للمعدة أو المدرعة هي:
أولا: القدرة على المناورة : وهى
سرعة عبور العوائق المختلفة على الأراضى الوعرة.
ثانيا : مستوى الحماية للأفراد والقدرة على البقاء مؤمنة كطاقم أطول فترة ممكنة حتى التزود بالوقود.
ثالثا :القدرة النيرانية وامتلاكها للذخائر المختلفة وإمكانية التزود بعدد من الأجهزة المعاونة كالشوشرة أو أجهزة (GPS).
وتتميز هذه العربة عن مثيلاتها فى السوق العالمى بالسرعة العالية فى المناورة تصل إلى 140 كم فى الساعة بالإضافة إلى أنها تحقق الكثير من مستويات الأمان للطاقم أهمها: أنها مضادة لطلقات المدفع عيار 14.5مم، مضادة للتفجير فجسم العربة مصمم على تحمل يصل إلى 10 كجم تفجير من مادة TNT الشديدة الانفجار دون أى إصابة للجسم أو الأفراد. والعربة يمكن تجهيزها بتجهيزات مختلفة تُشكل (10) عربات مختلفة على حسب طبيعة المهام اللازمة، فجسم العربة مكون من قطعتين الكيل وهو القطعة الأساسية المزودة فيها التكييفات والبطاريات وأجهزة التحكم يتم تركيبها على جزء آخر متحرك ولا تحتاج للقدوم إلى المصنع لأن تركيب العربة بباقى الاجزاء صمم بدقة بحيث لا يستغرق تركيبه سوى 20 دقيقة فقط والقطعة الثانية هى الكابينة الموجود بها الطاقم. وأهم الطرازات التى يمكن أن تجهز بها العربة (سيارة إسعاف – ناقلة جند – عربة قاذف صاروخى أو مقذوفات مضادة للطائرات أو الدبابات - عربة لإزالة أو رص الألغام الأرضية) كل هذه الملحقات يتم تجهيز العربة بها طبقًا للمهام المكلفة بها داخل مسرح العمليات المشاركة فيها.
ما هى أهم المنتجات التى يقوم المصنع بانتاجها؟
فى البداية أحب أن أوضح أن وزارة الإنتاج الحربى تعمل فى المقام الأول على تلبية متطلبات القوات المسلحة من الأسلحة والذخائر وإجراء الإصلاح والعمرات للمعدات المشاركة فى التدريبات وميادين القتال ثم المساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة والمشاركة فى المشروعات الصناعية والتنموية والقومية بالدولة اعتمادًا على إمكانياتها التكنولوجية.
والمصنع لم يكتف بصناعة الدبابات M1-A1 والعربات المدرعة بل يقوم بتصنيع مشترك مصري-أمريكى لدبابات النجدة الثقيلة والتى تم إنتاج عدد كبير منها لتأمين احتياجات القوات المسلحة من دبابات النجدة التى تعمل داخل الوحدات والجيوش.
بالإضافة إلى إنتاج المقطورات الثقيلة حمولة 70 طنا بالتعاون مع شركة «أوشكاش الأمريكية» ثم قمنا بتصميم وإنتاج مقطورة جديدة أيضًا بحمولة 70 طنا بإنتاج مصري 100% وتفوقنا فى الإنتاج على الأخرى التى كنا نصنعها بالتعاون مع الجانب الأمريكى، وقمنا باستغلال ذلك فى إنتاج مقطورات ثقيلة مختلفة الحمولة من (29 طنا و40 طنا و50 طنا حتى 70 طنا) ونقوم بتجهيزها طبقًا لطلب الجهات المدنية والعسكرية، فالقوات المسلحة تطلب عددا من المقطورات الثقيلة التى تحمل عليها الدبابات والجهات المدنية تطلب منها القلاب أو المجهزة بصندوق أو ثلاجة، ويقوم المصنع بتصنيع خزانات الوقود المختلفة لصالح شركات البترول للمواد الكيماوية ومختلف السوائل بكافة السعات طبقا للمطلوب من سعة ( 5 أطنان حتى 500 طن) بالإضافة إلى صناعة كوبرى الاقتحام والتدخل السريع بحمولة قدرها (70 طنا) يصلح لتركيبه على النيل أو على ضفاف قناة السويس.
كما يشارك المصنع مع صندوق تحيا مصر فى إنتاج العربات المجهزة للوجبات السريعة التى تقدمها وزارة التضامن للشباب بأسعار مخفضة وبتسهيلات فى السداد للقضاء على البطالة بين الشباب، ففى البداية قام المصنع بتصميم عربة مجهزة بثلاجة وبوتاجاز وفرن وخلاطات وميكرويف وتم عرضها على وزارة التضامن الاجتماعى وتم إدخال تجهيزات جديدة عليها، وقمنا بالتغيير وصنعنا منها عددا
كبيرا يتناسب مع الشباب من عربات صغيرة محملة على تروسيكل حتى مقطورات كبيرة وبدأنا بتصنيع عدة عربات لصالح شارع (306) الذى تم افتتاحه فى مصر الجديدة بالقاهرة منذ حوالى شهرين وخلال أيام سيتم افتتاح شارع مماثل له فى المعادى وقام المصنع بعمل كل التجهيزات الخاصة به بداية من تصميم السيارات التى سيستخدمها الشباب حتى الديكورات والتجهيزات الهندسية للشارع بالتعاون مع باقى أجهزة الدولة فى المعادى، وهذه السيارات نحن نقوم بإنتاجها لصالح صندوق تحيا مصر بدون هامش ربح تسهيلًا على الشباب للقضاء على البطالة.
هل يستطيع المصنع تلبية أى طلبات من تصنيع عربات الشباب لباقى المحافظات؟
المصنع جاهز لتلبية أى متطلبات لمصر كلها، وأيضا للتصدير. فالمصنع أصبح لديه خط إنتاج لهذه العربات بكافة انواعها ولدينا الإمكانيات المؤهلة لتصنيع أى كميات، ولكن المصنع لا يتعاقد مع أفراد إنما هيئات أو مصالح أو شركات، لأن الإنتاج كبير ولكن المصنع يقدم خدمة متميزة أعلى من الموجودة فى المصانع الأخرى المشابهة، وأيضا بأسعار منافسة لتوفير فرص عمل مناسبة للشباب. فهناك عربات يستطيع العمل عليها أكثر من شاب يقومون بعمل شركة مساهمة فيما بينهم ويتقدمون لوزارة التضامن الاجتماعى التى تقوم بمخاطبتنا وأظن أن الوزارة تقدم تسهيلات كثيرة للشباب، لإتاحة الفرصة لعمل مشروعات صغيرة لتحسين مستوى دخلهم.
العمالة بالمصنع:
يعمل بمصنع( 200 الحربي) حوالى (2500) عامل ومهندس وفنى من أمهر العمالة الفنية المدربة بالعالم بشهادة الشريك الأمريكى، التقت «الوفد» بعدد من المهندسين والعمال والفنيين داخل المصنع:
قال المهندس محمد بيومى المدير التنفيذى لخط تصنيع العربات المدرعة ST100، ST500 إننى أعمل فى المصنع منذ 25 عامًا مع أول دبابة خرجت من إنتاج المصنع، وأنا شاهد على هذا الحدث الذى كان نقله نوعية متطورة فى صناعة أول دبابة مصرية بالمشاركة من الجانب الأمريكى.
وأضاف «بيومي» أن عملى بالمصنع يشعرنى بالفخر، لأننى أصنع ما يكفى لمتطلبات القوات المسلحة ويحقق الاكتفاء الذاتى لجيشنا للحفاظ على أمن مصر القومى. أما عندما بدأنا إنتاج العربات المدرعة ST100 كان هناك شعور آخر مختلف تمامًا هو أننى أقوم بإنتاج منتج مصرى 100% ولا أستطيع أن أصف مدى السعادة التى تغمرنا أنا والفنيين والعمال مع كل مسمار وقطعة نقوم بصناعتها وتركيبها. شعور فعلًا لا يوصف ويدفعنا للعمل بكل طاقة وقوة وحماس لمزيد من التطوير لمنتج يحمل اسم مصر ويليق بعظمتها ومكانتها بين دول العالم كله.
أما «محمود فوزى محمد»- فنى كهرباء يقول: أقوم بالعمل على ماكينة لحام عازل للأسلاك الكهربائية التى تدخل فى الضفائر الخاصة بالعربة ST100 وهو موضوع معقد، ولكننى أعمل فيه بحب لأن هذه العربات منتج يحمل اسم مصر ولى الشرف أن أكون من المشاركين فى إنتاجها وبالرغم من دورى البسيط إلا أننى أشعر بالفخر.
ويؤكد مصطفى جويدة - فنى تركيبات - أنه يعمل بالمصنع منذ 12 عاما فى تركيب وإصلاح الدبابة M1-A1 والآن فى تركيب ضفيرة العربات ST100، ST500.
وأضاف جويدة أن عملى مبنى على التخطيط أولًا يقوم المهندسون بعمل الرسومات الهندسية بأطوال الأسلاك والقطع الداخلية ونحن نقوم بترتيبها حسب الرسومات بالضبط ثم نجمعها مع بعض لتكون الضفائر الكهربائية التى تزود بها جسم العربة من الداخل.
ويضيف «مصطفى أحمد» - فنى تفتيش يعمل ب (مصنع 200 الحربي) منذ 25 عاما قائلا: عندما بدأنا العمل فى المصنع تم تدريبنا على أحدث نظام لحام فى العالم ويتم تدريبنا كل فترة على الجديد، وهذا الموضوع يجعلنا نصقل خبراتنا من خلال العمل والتدريب المستمر حتى نواكب أحدث التكنولوجيات فى مجالنا الصناعى ونستوعب العمل الموكل لنا من قبل الإدارة.
وأكد «مصطفى» أن العمالة التى تعمل فى مصانع الإنتاج الحربى مثلهم مثل الجنود على جبهة القتال يحملون اسم مصر داخل كل عمل يقومون به وأنا سعيد لأنى جزء من ترس يتحرك فى ثبات ويحاول أن يرجع مرة أخرى العصر الذهبى للمصانع الحربية.
ومن داخل أضخم المبانى الإنتاجية فى (مصنع 200 الحربي) بل فى منطقة الشرق الأوسط التقينا بالمهندس محسن منصور - رئيس قطاع الانتاج والذى بدأ كلامه قائلا : شيد المبنى على مساحة (550) مترا طولا فى (152) مترا عرضا ولا يوجد مبنى مغلق فى منطقة الشرق الأوسط بهذه المساحة وأهم المنتجات التى ننتجها هنا فى خطوط إنتاجنا هى الهياكل المعدنية الكبيرة مثل الهناجر التى تستخدم فى تجهيز مناطق التنمية الصناعية والأوناش مختلفة الأحجام بالإضافة إلى الألواح المعدنية المستخدمة فى إنتاج جسم الدبابات والمدافع والعربات المدرعة، أى أن هذا المكان هو الذى يقوم بإعداد أكبر قطعة فى كل المعدات سواء العسكرية أو المدنية وصناعة خزانات الوقود المحمولة على السيارات وأيضا المدفونة تحت الأرض، والمبنى مصمم بحيث يكون الضغط الجوى فى الداخل أعلى من الخارج ليحمى الأجهزة والمعدات من التراب ولا يعرضها للصدأ.