شهد العالم أجمع حدثًا فريدًا سيذكره التاريخ الإنساني على مر الأزمنة فقد إجتمعت الطوائف المسيحية الأرثوذكسية و الكاثوليكية مع العالم الإسلامي المتجسد في شخص الأزهر الشريف ,في لقاء يحمل عنوان " الأخوة الإنسانية" الذي بدأ صباح يوم الأحد الموافق3 فبراير الجاري و إستمر حتى اليوم الثلاثاء, فقد ترأس هذا اللقاء كل من رموز العالم المسيحي و الإسلامي على إراضي دولة الإمارات العربية المتحدة. تابعت أعين العالم هذا الحدث التاريخي الذي جمع بين قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية و بابا الفاتيكان , و فضيلة الإمام الاكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف, وقد نتج عنه توقيع وثيقة تحمل عنوان "الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك", والتى تضمنت العديد من مبادئ الديانات السماوية التى تحمي الإنسانية و تأمر بالتعايش في سلام و محبة , و تعتبر هى الوثيقة هى الأبرز والأهم في تاريخ العلاقة بين الأزهر الشريف و بابا الفاتيكان، كما تعد من أهم الوثائق في تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية, حيث أنها نتاج عمل مشترك وحوار متواصل استمر لأكثر من عام ونصف بين الإمام الأكبر والبابا فرنسيس، وتحمل رؤيتهما لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين اتباع الأديان، والدور الذي ينبغى للأديان أن تقوم به عالمنا المعاصرو مواجهة الفكر المتطرف المتشدد , بالاضافة إلى ذلك فقد وقع سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ,على حجر أساس بناء جامع الإمام الطيب وكنيسة البابا فرنسيس في أبو ظبي. كما شاركت الكنائس القبطية الكاثوليكية و الأرثوذكسية في فاعليات هذا اللقاء فقد منذ صباح اليوم الأول فقد وصل غبطة البطريرك إبراهيم إسحق بطريرك الأقباط الكاثوليك بمصر ,صباح يوم الاحد الماضي من أجل المشاركة في هذا الحدث , وهو وصل قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية و الوفد المرافق له إلى دولة الإمارات وهفى الزيارة الأولى لقداسته بمنطقة الخليج العربي حيث استقبله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقدمت مجموعة من الأطفال باقات من الورود . و تكون الوفد المرافق لقداسته من الكاردينال بياتروبارولين أمين سر دولة الفاتيكان والكاردينال ليوناردو ساندري عميد مجمع الكنائس الشرقية والكاردينال فرناندو فيلوني عميد مجمع تبشير الشعوب ورئيس الأساقفة إدجار بينا بارا رئيس سكرتاريا الدولة ورئيس الأساقفة فرانشيسكو مونتيسيلو باديللا السفير البابوي والأسقف ميجيل أ، وأيوزوجوكسوت أمين سر المجلس الباباوي للحوار بين الأديان, والأسقف بول هندر الكبوشي النائب الرسولي لجنوب الجزيرة العربية ,والمونسينيور جانلوكا بيزولي مسؤول في أمانة سر الدولة ,و الأب سيمون بيتر لوكيامونزي سكرتير السفير البابوي ,والأب مايكل أوسوليفان المنسق المحلي للزيارة البابوية ,والأب أنطونيو سبادارو اليسوعي مدير مجلة شيفيلتا كاتوليكا والدكتور باولو روفيني عميد مجمع التواصل ,و قد تخللت هذه الزيارة سلسلة من جلسات النقاش وورش العمل التي تجمع مختلف الأديان السماوية. وترأس غبطة البطريرك إبراهيم إسحق باكورة جلسات المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين، بمشاركة واسعة لقيادات دينية وشخصيات فكرية وإعلامية من مختلف دول العالم، تحت عنوان "منطلقات الأخوَّة الإنسانية" الداعية إلى إرساء ثقافة السلم، وترسيخ مفهوم المواطنة، ومواجهة التطرف الديني من منطلقات واقعية لتحقيق الأخوة الإنسانية المنشودة. و عقدت الجلسة النقاشية الأولى بمشاركة كل من "أ.نورة الكعبي وزير الثقافة وتنمية المعرفة في دولة الامارات العربية المتحدة، و د. نبيلة مكرم وزير الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج من جمهورية مصر العربية، و د. فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، و د. تشونغ أوك لي رئيسة المركز الإسلامي في هامبورغ سابقا، إلى جانب الكاهنة" كوشو نيوانو" رئيس منظمة كوسي كاي من اليابان والكاهنة "ماري سول فيلافون، راعي الكنيسة المثيودية الاتحادية" , و تضمنت هذه الجلسة المفاهيم الانسانية و التعايش السالم الذي تدعوا لها الديانات السماوية كما عبر الحاضرين على أهمية إجتماع قداسة البابا وفضيلة الإمام الأكبر مضيفين إلى ان هذه الزيارة تعد مناسبة مثالية لتستعيد الأديان السماوية دورها الحقيقي في القيادة المعنوية للعالم، عبر تسليط الضوء على القيم الأخلاقية في هذه الأديان ولعب دور مشترك يساهم في محاربة التطرف وتعزيز أواصر الاخوة بين البشر. كما شاركت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الممثله في نيافة الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي ، ونيافة الأنبا يوليوس وقيادات دينية تابعة إلى الكنائس المصرية في العديد من جلسات و ندوات المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية, معبره عن أسمى معاني الوحدة بين الأديان ,فقد ترأس الأنبا إرميا القداس الإلهي بكاتدرائية الأنبا أنطونيوس بأبو ظبي, بمشاركة نيافة الحبر الجليل الأنبا يوليوس,و الوفد المشارك ولفيف من الآباء الكهنة و الشمامسة و أبناء الكنائس القبطية و العربية , و أقام طقوس القداس والصلوات و رفع البخور بالإضافة إلى تطيب المذبح و الخبز المقدس و ترتيل بعض آيات الكتاب المقدس والعديد من الطقوس القبطية . وإختتم اليوم البابا فرنسيس الزيارة التاريخية بإقامة قداس إلهي ختامي جمع بين قيادات دينية كاثوليكية و أرثوذكسية من مختلف العالم , يعتبر هذا الحدث الذي جمع أبرز الرموز الاسلامية والمسيحية و الثقافية والفكرية والإعلامية من مختلف دول العالم بمثابة درع الامان الذي يواجه الافكار المتشدد و الارهابية و يحمى المجتماعات الانسانية وكما يهدف إلى تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر وأهميته ومنطلقاته وسبل تعزيزه عالمياً.