خطوة فريدة من نوعها، جاءت في إطار الترابط الاخوي وعمق العلاقات القوية التي تجمع بين الازهر الشريف والفاتيكان اللذان يعدان أكبر رموز دينية في العالم، إذ وقع بالامس الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان على وثيقة "الاخوة الانسانية" وذلك خلال فعاليات أعمال المؤتمر العالمي للاخوة الانسانية الذي تحتضنه العاصمة الاماراتية أبو ظبي. وأبرز ما جاء في نص الوثيقة التأكيد على أهمية إحياء السلام العالمي والعيش المشترك ونبذ العنف والتطرف، وأن هدف الاديان الاول والاهم هو الايمان بالله وعبادته، وحث جميع البشر على الايمان بأن هذا الكون يعتمد على إله يحكمه وأعطانا هبة الحياة لنحافظ عليها، وأن حماية دور العبادة من معابد وكنائس ومساجد واجب تكفله كل الاديان والقيم الانسانية والاعراف الدولية وانتهاك واضح للقوانين الدولية. كما نصت الوثيقة على أن الارهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الاسوأ ليس نتاجًا للدين بل هو نتيجة لتراكمات المفهوم الخاطىء لنصوص الاديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي لذا يجب وقف دعم الحركات الارهابية بالمال أو بالسلاح أو التخطيط أو التبرير أو بتوفير الغطاء الاعلامي لها وإدانة التطرف بكل أشكاله وصوره. وفي هذا الصدد، قال الشيخ عبدالعزيز النجار، عضو مجمع البحوث الاسلامية، إن وثيقة "الاخوة الانسانية" التي وقعها الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر وبابا فرنسيس بابا الفاتيكان خلال فعاليات أعمال المؤتمر العالمي للاخوة الانسانية الذي تحتضنه العاصمة الاماراتية أبو ظبي تؤكد على سماحة الاديان وتبرز جوانب العظمة في القواسم المشتركة بين الرسالات السماوية. وأشار النجار، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، إلى أن الوثيقة جاءت من أجل معالجة الامور الخاصة ببناء أخلاق وسلوكيات الانسان بل جاءت امتدادًا واستنباطًا من وثيقة المدينةالمنورة التي صنعها نبينا محمد "صلى الله عليه وسلم" لتؤكد على التعايش السلمي بين جميع الاديان الثقافية المتعددة المختلفة رغم اختلاف الجنسيات والمعتقدات وتؤكد على مدى العمق الفكري بين مؤسسة الازهر والفاتيكان. وأكد عضو محمع البحوث الاسلامية، على أنه من الضروري أن تتبنى الحكومات والبرلمانات العربية والعالمية في جميع الدول وثيقة"الاخوة الانسانية" وتقوم بتفعيلها وترعاها وسائل الاعلام المختلفة وكذلك المعنيين من الوزرات مثل الشباب والتعليم وجميع الجهات التنفيذية من أجل نزع فتيل الفتنة ونشر ثقافة التعايش السلمي، ونتمكن من الهدف المرجو بالقضاء على الفتنة التي تعوق النمو الاقتصادي والتقدم السياسي وتؤدي إلى تفكك الاوطان وضرب البنية الفكرية لاي مقترح. وذكر الدكتور شوقي عبد اللطيف، وكيل أول وزارة الاوقاف الاسبق، إن وثيقة "الاخوة الانسانية بأبو ظبي تعد وثيقة تاريخية للتأكيد على قيمة الانسان وإرثاء حقوقه على مبادىء الشريعة الاسلامية. وأوضح عبداللطيف، أن العالم اليوم في أمس الحاجة إلى من يأخده بزمامه إلى الامن والسلام؛ نظرًا لما يشهده من حروب مدمرة وإرهاب على أرض كل دولة مزق وشتت مؤسساتها بسبب المفهوم الخاطىء السقيم والبعد عن القيم والاخلاقيات، لذلك فإن هذه الوثيقة ستسهم في نبذ العنف والتطرف. ولفت وكيل أول وزارة الاوقاف الاسبق، إلى أن وثيقة "الاخوة الانسانية" جاءت في وقتها لتعيد للبشرية حقوقها المهدرة وأنه ليس هناك فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، فضًلا عن أنها تهدف لتحقيق التقارب بين بني البشر على اختلاف أوطانهم، مستشهدًا بذلك بوثيقة رسولنا الكريم " محمد" صلى الله عليه وسلم" عندما صنع وثيقة المدينة بيديه وأرسى فيها حقوق الانسان على اختلاف دينيه ووطنه وجنسه ولونه، وأعطت لكل إنسان حقه بغض النظر عن عقيدته في الدين. وتابع عبداللطيف حديثه قائًلا" يجب نشر هذه الوثيقة على أرض الواقع من خلال تفعيل دور أجهزة الاعلام والمؤسسات المعنية والدينية والاجتماعية ووزارات التعليم والجامعات، وأن يكون للامم المتحدة النصيب الاوفر منها لترسيخ مبادىء الوثيقة عمليًا على أرض الواقع. ونوه الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقع عليها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وبابا فرنسيس بابا الفاتيكان خلال فعاليات أعمال المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي تحتضنه العاصمة الإماراتية أبو ظبي تعد ركيزة أساسية لإعلاء السلام بين شعوب العالم. وأضاف كريمة، أن الإسلام دائمًا ما يدعو إلى زمالة الشرائع السماوية دون إقصاء أو تهميش لواحد منها وأن العلاقات بين الأمم والشعوب تقوم على الحق وليس الجنس أو اللون أو العقيدة؛ ومعالجة أفكار التعسف والتكفير لذلك فإن هذه الوثيقة بمثابة صرح للإخاء الديني بين الأديان. ودلل أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر على وجهة نظره قائًلا "الإسلام دعانا للحوار مع أهل الديانات الأخرى لتوطيد العلاقات الإنسانية وكان ذلك واضحًا عندما عقد رسولنا الكريم "محمد" صلى الله عليه وسلم صحيفة المدينة لإعلاء السلام بأسمى صوره، ونزع فتيل الحروب السياسية بين الشعوب والدول لينعم الجميع، مناشدًا المؤسسات التنفيذية والنظم السياسية وأجهزة الاعلام بضرورة تفعيل ونشر هذه الوثيقة حتى يعم الرخاء والسلام في العالم بأسره.