استضاف اليوم الخميس، اللقاء الفكري بالقاعة الرئيسية بمعرض الكتاب، البروفيسور الإيطالي كلاوديو لو ياكونو، رئيس معهد الدراسات الشرقية بروما، وترجمة الحوار من الإيطالية إلى العربية الدكتورة نجلاء والي، أستاذة اللغة العربية وتقنيات الترجمة بجامعة تورينو. قالت الدكتورة نجلاء ان الكاتب أستاذًا للتاريخ الإسلامي بجامعة نابولي في 1976 حتى 2011، له العديد من المؤلفات منها؛ "بعث العالم العربي في الفترة 1970ل 1988"، وتاريخ العالم الإسلامي، وآخر كتبه "محمد خاتم الأنبياء" في عام 2011، ويشغل حاليًا رئيس معهد الدراسات الشرقية بروما، والمعهد وهي هيئة مستقلة تحصل على التمويل من الجامعات ووزارة التعليم. والمعهد دشن ثلاثة سلاسل لترجمة الأدب العربي والأعمال الكلاسيكية، وتاريخ الأدب العربي بالتعاون مع الهيئة المصرية للكتاب. اكد المستشرق الإيطالي أن "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا أبدًا"، و ان الدراسات الاستشراقية والمعرفية، بدأت من القرن الثاني عشر عندما أدرك الغرب ضرورة التقارب المعرفي بين الشرق للغرب، فكانت البداية مصاحبة لصحوة الغرب حين أدرك الأهمية الكبيرة للكتب العربية في الفلك والرياضيات، ولا ننسى أبدًا العالم الفلكي ابن جابر والخوارزمي في الرياضيات الذين قدموا خدمات جليلة للإنسانية والثقافة، فلازالت إيطاليا تستخدم الأرقام العربية الهندية، وهناك أيضًا نقطة مهمة وهي وجود الفاتيكان الذي يهتم بالداراسات الإسلامية والقرآن، وحفز الفاتيكان نفسه على إقامة مراكز لدراسة اللغة العربية في جامعات أوروبية وعن طريق المراكز البابوية تمت ترجمة القرآن الكريم، وكذلك ترجمة العديد من كتب التراث الإسلامية، ولا يخفى على أحد الأقسام العربية في الجامعات العريقة في إيطاليا، إذ عرفت إيطاليا العالم والإسلامي والعربي قبل تاريخ 1979". وحول أشهر أربعة مستشرقين إيطالين الذين درسوا الأدب العربي في القاهرة، ودرس على أيديهم عميد الأدب العربي طه حسين، قال "العلاقات بين مصر وإيطاليا قوية منذ العصر المملوكي زادت هذه الروابط في عهد محمد علي باشا الذي بنى مصر الحديثة، فقد عُرف بسياسته الانفتاحية مما شجع العديد من الإيطالين إلى السفر إلى مصر، بخاصة بعد إنشاء الجامعة المصرية الخديوية في عام 1908، وشجع الملك فؤاد الذي درس في إيطاليا بتورينو، وكان من المحبين لإيطاليا، فشجع على استقطاب أساتذة الجامعات من ايطاليا، فأول من حضر من إيطاليا المستشرق الكبير.. المعروف بأبحاثه في الدراسات الإثيوبية وكان معنيًا بأصل الجنس العربي". وذكر المستشرق الإيطالي موقفًا يؤكد اهتمام المصريين بالعلم والعلماء الأجانب، وقال "كان جويدي ضعيف الصوت ولم يكن هناك ميكرفونات، فعينت له الجامعة المصرية، أحد المصريين ليردد بصوت جهوري ما يقوله الأستاذ ويعيد الدرس على الطلاب"، مشيرًا إلى أن الحفاوة التي وجدها (جويدي) وحسن الاستقبال العظيم في مصر شجعه على دعوة زملاء آخرين له كان منهم؛ الفونسو نالينو (أستاذ طه حسين)، وجيرادو ميلوني، اينيستتو جويدي، ودافيد سالتيلانا، درس على أيدي هؤلاء الأربعة المستشرقين، طه حسين عميد الأدب العربي، والكاتب الكبير أحمد أمين". وأكد المستشرق الإيطالي أن تاريخ الشرق والغرب ليس مليئًا بالحروب والصراعات فحسب، وإينما ثمة صفحات بيضاء في تاريخ الحضارتين، وقال "من خلال دراستي وجدت أنه على الرغم من كثرة الحروب تاريخيًا إلا أن ثمة تبادل ثقافي والتجار في زمن الخلافة الفاطمية وكان هناك اربعة مراكز رئيسية في إيطاليا والتي كانت تعج بالتبادل التجاري مع مصر وبلدان شمال افريقيا وذلك قبل الف عام. وقال "النتيحة التي توصلت إليها أن السر يكمن في الاقتصاد، فعندما تتحسن الاحوال يمولون إلى التعامل السلمي". وتحدث عن "معهد الدراسات الشرقية"، وقال "هو بيتي الأول فقد دخلته في عام 1964، ولم أخرج منه حتى الآن، فهو تأسيس عبقري ففي عام 2021، يحتفل بمئوية هذه المعهد وفكرة انشائه كانت محاولة للاقتراب من العالم العربي ليس على أساس أنها ثقاقة مسلية أو غريبة، ولكن باعتبار أن الحضارتين يشكلان حلقة وصل مهمة". وأشار إلى أن المعهد من مميزاته أنه يضم دار نشر وانشأ مجلة مهمة وتدعى "الشرق الحديث"، وهذه المجلة تعني بشئون ليس علي مستوى الثقافي ولكن الشئون السياسي للدول العربية، وهي تعتمد في نشراتها على التواصل المباشر مع المصادر الإعلامية المصرية والعربية من خلال الجرائد والمجلات التي تصدر في العالم العربي وترجمتها، وأحد أهم هذه المصادر جريدة الأهرام، التي تمثل جسر أساسي في الاطلاع على الشأن العربي والمصري. وأوضح أن المعهد لديه مكتبة عظيمة تضم 30 ألف مجلد فقط عن العصر الأدبي الحديث، و15 ألف مجلد عن كتب التراث والأدب القديم. وحول اهتمامات المستشرقين الإيطاليين بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل، قال "بالطبع ساهم فوز نجيب محفوظ بنوبل على التركيز أكثر على إبداعه والأدب العربي عمومًا، لكن في الوقت نفسه، إيطاليا ترجمت لنجيب محفوظ الكرنك وتحت المظلة قبل فوزه بنوبل". وتطرق في حديثه إلى هجرة الأجانب إلى إيطاليا وقال "إيطاليا شهدت أعدادًا كبيرة من الهجرة وهذه الأعداد كانت من بلاد الوطن العربي، والآن دخلت من باكستان وإثيوبيا وإريتريا وهذا الأعداد الكبيرة اُستقبلت بنوع من الغداء خاصة في الشمال، وسبب هذا العداء ليس مبنيًا على أسباب دينية أو سياسية وإنما ولكن لظروف اقتصادية ". إذ رأى الإيطاليين أن المهاجرين يمثلون للإيطالين تهديد ويزاحموهم في العمل والسكن وفرص الحياة المختلفة وهنا ياتي دور الجامعات الايطالية التي تدرس بها اللغة العربية حيث يتم من خلالها عقد لقاءات في التليفزيون التي توضح أن من ياتون الي ايطاليا يبحثون عن فرص في حياة كريمة كما حدث في القرن الماضي للإيطاليين، مشيرًا إلى أن جده كان علي وشك ان يهاجر الي أستراليا، فكانت إيطاليا بلد يهاجر منها العديد من المواطنين كي يحصل عن فرص عمل ومنهم من آتى إلى مصر. وانتقد السلطات الإيطالية في موقفها من عدم استقبال السفن التي تأتي إلى إيطاليا وقال "هذه المواقف التي تتمثل في رفض الجانب الآخر، أعتقد أنها مبنية على أساس الجهل فالمرء عدو ما يجهل، فضلا عن السياسة اليمينية التي تميز الثقافي والعرقي وكل هذا بالطبع غير مرحب به". وعن معرض القاهرة الدولي للكتاب في مقره الجديد، قال "ذُهلت عندما زرت معرض القاهرة في مقره الجديد بالتجمع الخامس، فقد زرت معرض الكتاب في مقره القديم أربعة مرات، ولكن للوهلة الأولى شعرت بالحيرة والإعجاب الشديد". ورأى المستشرق الإيطالي أن المعرض بهذا الشكل أكثر تنظيما ومريح للعين، كذلك من ناحية العرض والمساحات الواسعة، وتعدد دور النشر والفعاليات الثقافية، وقال "أشعر بسعادة بالغة لوجود عدد كبير من الشباب الذين يقرأون ويشاركون في هذا الحدث الثقافي الكبير". [31/1 8:25 م] +20 101 388 4386: ضمن محور الكتب المؤسسة للثقافة العربية، احتفى معرض القاهرة الدولي للكتاب، بالقاعة الرئيسية، اليوم الخميس، بكتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" لرفاعة الطهطاوي، وناقشه؛ الدكتور أحمد درويش، والدكتور زكريا الرفاعي، وأدار المناقشة؛ كمال مغيث. تخليص الإبريز في تلخيص باريز، هو الكتاب الذي ألفه رفاعة رافع الطهطاوي عندما رشحه الشيخ حسن العَطَّار إلى محمد علي بأن يجعله مشرفاً على رحلة التلاميذ إلى باريس في فرنسا ليكون المشرف عليهم ويرعاهم ويسجل أفعالهم. نصحه مدير الرحلة الفرنسي بأن يتعلم اللغة الفرنسية وأن يترجم مدوناته في كتاب وقد ألف عدة كتب وقضى خمس سنوات في التدوين والترجمة في كتاب تخليص الإبريز في تلخيص باريز. بقى الطهطاوي في باريس من 1324 إلى 1347. هذا الكتاب يعد اوفى مصدر مباشر لدراسة البعثة التعليمية المصرية التي ارسلت إلى باريس جامعاً عن باريس وصورة فرنسا في ذلك الوقت إذ أنه يحوى معلومات تاريخية وجغرافية وسياسية واجتماعية فقد كان رفاعة الطهطاوى يشيد بما يعجبة وينتقد ما لا يعجبه ويعقد المقارنات بين أحوال فرنسا وأحوال مصر التي ينبغى إصلاحها. في كلمته، قال الدكتور زكريا الرفاعي،أستاذ الأدب الحديث بجامعة المنصورة، إن تجربة رفاعة رافع الطهطاوي بحاجة إلى الاستلهام، وكتابه "تلخيص الإبريز في تلخيص باريز" يمثل مرجعًا لمشروعه الأدبي، إذ كان الطهطاوي معنيًا في المقام الأول بالإصلاح هو ومعاصريه، مشيرًا إلى أن التعليم في مصر منذ عهد رفاعة الطهطاوي وحتى اللحظة المعاصرة يعد اشكالية كبرى في قلب إشكالاتنا الحضارية والثقافية في مصر. وأكد "الرفاعي" أن الطهطاوي يعد أحد أعلام مصر الثقافية، وأحد أعمدتها التعليمية على مدى العصور، فهو أول من دعوا للتوفيق بين الحضارتين الغربيةوالشرقية على مستوىى التعليم، وحرص على نقل ما هو إيجابي من الغرب مبتعدا عن ما هو سلبي في رأيه، وقد اكمل مسيرته علي مبارك. وأوضح أن كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" يعد هو الكتاب العمدة والمرجع الرئيسي لتجربة الطهطاوي، إذ ينطوي على نظرة متسامحة مع الاخر الحضاري، ويعكس هذا التوجه بعمق لدى الطهطاوي، كما انه يلقي نظرة متعمقة في التراث الاسلامي تجمع بين المعاصرة والأصالة بشكل جدلي. وقال "الطهطاوي كان واعيا بالظرف التاريخي والإجتماعي الذي يعيشه لذا فقد قام بالعديد من التعديلات تفاديا لسخط المجتمع وانتقاده للكتاب في ذلك الوقت، حيث ثقافة طهطاوي في باريس شكلت بعدا خطيرا للغاية". ورأى أن جدل إشكالية التعليم في مصر الآن، ستحسم إذا أدركنا أن التعليم خادما الدولة، أم أنه وسيلة لتخريج موظفين في مجالات العمل العام على اختلافها، مشيرًا إلى أن هناك فترات شهد فيها التعليم قفزات مختلفة، غير أننا لا نستطيع أن نقرر انها كانت قفزات كيفية وليست كمية، نظرا لغياب الروية الفلسفية لدينا لهذه القضية بالغة الأهمية. فيما قال الدكتور أحمد درويش، إن البعثة الاولي التي سافر فيها الطهطاوي إلى باريس لم تكن البعثة الأولى في تاريخ البعثات المصرية علي عكس ما هو شائع، إذ كان لمحمد علي رؤية تعليمية وتنويرية وتنافست البلدان الأوروبية لنيل شرف تلك البعثة و تنازعت فرنسا و إيطاليا. وأضاف "البعثة الأولى كانت إلى إيطاليا وكانت عبارة عن طالب واحد لكن البعثة كانت جس نبض لأن المحافظين ورجال الدين والدولة العثمانية أنابوا محمد علي ببعث طالب إلى بلد قريبة من الفاتيكان لذا فضل محمد علي أن تكون البعثة الثانية إلى بلد أقل حساسية وهي فرنسا، ثم بدأ الحديث عن من له الحق في السفر وفي أي التخصصات التي تصنع النهضة وتم بعث جميع الأفراد في التخصصات العملية التي تفيد الجيش وطائفة المتمصرين لم يكن فيها احد من ابناء الفلاحين ولا المصريين الخلص ولا اصحاب الدراسات الانسانية". وأوضح "لكن الشيخ حسن العطار وكان شيخ الأزهر وكان متفتحًا وموضع ثقة محمد علي فأشار عليه أن يرافق البعثة واحد من شباب الشيوخ ويكون ضمن المنظمين، فكان الطهطاوي ضابطا في الجيش ومن أصحاب الربط والأشراف والعلم الديني وكان مهمته المراقبة الدقيقة ليست في الصلوات والسلوك لكن كتابة التقارير المنتظمة عن مدي الالتزام المبعوثين بالدراسة". وأضاف "لكن رفاعة الطهطاوي تلقى من حسن العطار توجيها آخر قال نحن لم نقرا عن مدينة باريس فهلا كتبت شيئا نسمية الايوان النفيس في مدينة باريس، لكن الطهطاوي كان اكثر ذكاءا من استاذه وعندما انتهي منه انتهي عنوانا غاية الخطورة يلخص نظرته". وأضاف "ومن اجل الابريز جعل باريز بالزين وليس الغرض من العنوان السجع الابريز هوليس الذهب كما هو شائع كتلة الحجر المعدنية الموجودة في باطن الارض وفيها نسبة متكررة من المعادن الخسيسة والنفيسة تستحق الحفر ، كانت نظريته تتلخص في ان الحضارة الاوروبية كالابريز فيها كمية كبيرة من المعادن الخسيسة كمية من النفيسة ولا يمكن ان نقبلها كلها للنفيس او نرفضها للخسيس". واستطرد "لكن علينا ان نخلصها كلها من الابريز حتي ننتقي النفيس ونترك الخسيس وتلك نظرية نحن في حاجة اليها اليوم .لكن علينا ان نخلصها كلها من الابريز حتي ننتقي النفيس ونترك الخسيس وتلك نظرية نحن في حاجة اليها اليوم". ورأى أن الطهطاوي بدأ بكراسة كبيرة حملها معه، وعندما وصل الي مارسيلسا انبهر ولم يخفي انبهاره وكان أبرز ما انبهر به هو المقهي ورصد بدقة المظاهر الايجابية الموجوده فيه. ورأى أن الفرق بين رفاعة الطهطاوي وطه حسين كمفكرين لهما روى خاصة بهما في التعليم هو ان الطهطاوي كان أكثر وسطية وتوازنا في رؤيته مقارنة بطه حسين، إذ أن عميد الأدب العربي يرى أن مستقبل مصر ينبغي أن يرتكز على انفصالها عن محيطها الإقليمي، ومن هنا صنفه البعض كداعية للتغريب، مشيرا الى انه كان اكثر اندفاعا في حب الحضارة الغربية، اما الطهطاوي فكان في موقع يمكن ان نصفه بالإصلاحي في مقابل الثورية.