هناك قلق بالغ وشديد جداً من قرب انتهاء الفترة الانتقالية واعتلاء عرش البلاد رئيس جديد دون وجود دستور، ما يعنى أن الرئيس الجديد سيحكم بسلطات مطلقة فى ظل غياب الدستور، وهذا ما تحدثت عنه كثيراً فى هذا المكان وحذرت مراراً وتكراراً عندما قلت إن «جماعة الإخوان» تماطل فى إصدار تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور مع أن الرئيس الجديد أصبح على مشارف العرش.. وهذا القلق هو ما عبر عنه المهندس نجيب ساويرس فى مقاله المنشور يوم «الاثنين» الماضى بجريدة «المصرى اليوم»، عندما قال إن الرئيس الجديد سيحكم بسلطات مطلقة فى ظل عدم وجود دستور، ونزيد عليه أننا بهذا التصرف «نقوم بصناعة ديكتاتور جديد للبلاد سواء كان عن قصد متعمد أو بدون قصد». ونفس هذا القلق الذى ساورنى وأصاب «ساويرس» وكل إنسان وطنى، هو ما جعل المجلس الاستشارى يتقدم باقتراح إلى المجلس العسكرى، بانتزاع تشكيل الجمعية التأسيسية من يد «الجماعة» التى تماطل فى إصدارها، أو إصدارها حسب هواها ومزاجها، ما تسبب فى صدور حكم قضائى ببطلان التأسيسية الأولى. ولا تزال «الجماعة» تصر على هذا الالتفاف على تشكيل التأسيسية فى سابقة غير معروفة رغم قرب اعتلاء الرئيس الجديد عرش مصر. لذلك فإن الاقتراح الذى تقدم به المجلس الاستشارى إلى المجلس العسكرى، كان يجب أن يكون قبل ذلك بكثير، لكن بما أن هذا قد حدث ولو متأخراً فإن هذا يعد خطوة مهمة جداً، لسحب تشكيل «التأسيسية».. من الجماعة، واختيار أعضاء اللجنة من خارج البرلمان الذى يماطل ويرفض إصدار الدستور.. سحب تشكيل «التأسيسية» من يد التيار الدينى خطوة مهمة جداً لمنع الالتفاف على حكم القضاء الإدارى الذى ألغى قرار التأسيسية الأولى، بوضع مشروع قانون يمكن نواب «الجماعة» من اختيار أعضاء اللجنة ووضع الدستور حسب توجهات الجماعة. وهذا يدفعنا بالضرورة إلى تعديل المادة «60» من الإعلان الدستورى والمتعلقة بتشكيل التأسيسية خلال أيام، هذا ما اقترحه المجلس الاستشارى بهدف تشكيل الجمعية «التأسيسية» قبل انتهاء الفترة الانتقالية والمتبقى عليها حوالى «9» أيام.. وأعلن سامح عاشور رئيس الاستشارى مخاوفه من انتهاء الفترة الانتقالية دون تشكيل التأسيسية فى ظل محاولات بعض القوى وعلى رأسها «الجماعة» تفويت فرصة وضع الدستور، ولابد من الفصل بين السلطات وتنظيم العلاقة بين مؤسسات الدولة. واقتراح الاستشارى بشأن تشكيل التأسيسية، يهدف إلى عدم استحواذ وهيمنة فصيل سياسى بعينه أو حزب بذاته، وضمان استقلال اللجنة التى تضع الدستور خلال الفترة المقبلة، وبذلك نضمن تفويت ما تبقى من وقت قليل على اعتلاء الرئيس الجديد العرش.. ولابد من سرعة تشكيل التأسيسية لمنع دخول مصر فى حالة فراغ سياسى ودستورى وقانونى بما يضيع على الجميع حقه فى إصدار الدستور خلال المدة المتبقية.. هنا تبقى ضرورة إصدار إعلان دستورى مكمل يشمل تعديل المادة «60» يحدد صلاحيات الرئيس المقبل الذى بات وشيكاً.. لم يعد هناك وقت لأى تراخٍ أو مماطلة وهذا هو رأى كل العقلاء فى هذا البلد، ولم يعد هناك وقت للخوض فى مهاترات الذين يجرون البلاد إلى فراغ دستورى، ويشغلون الرأى العام بقضايا فرعية لا تسمن ولا تغنى من جوع.. مصر أبقى من الجميع الذين يجرون البلاد إلى المزيد من الفوضى والاضطراب، وعدم إصدار تشكيل التأسيسية، وتأخير إعلان الدستور يعنى واحداً من اثنين: رئيس بدون صلاحيات يحكم مصر، أو رئيس ديكتاتور.. وفى الحالتين هذا مرفوض جملة وتفصيلاً.