لا تزال جرائم قتل الأخ لأخيه قائمة منذ فجر البشرية عندما أقدم قابيل على قتل أخيه هابيل حتى الآن، حيث شهدت الأسر المصرية جرائم قتل لأخوة بأيدى أشقائهم، بعدما دخل الشيطان بين الأشقاء الثلاثة فسد كل الطرق والحلول وتنتهى بمقتل شقيقهم الأصغر، لنرى الجانى والمجنى عليه إخوة أشقاء يحملون نفس الاسم والدم والجينات. وفى قضيتنا الدم أصبح مياهاً.. وصلة الرحم هانت عليهم، ودخل الشيطان بينهم، فبسطوا يدهم لقتل شقيقهم، واستدرجوا بها الضحية، ونصبوا لها الكمين الذى أنهوا به حياته من أجل إرشادهم عن بعض المسروقات التى سرقها من أحد منازل القرية، إلا أنه رفض ليتعدوا عليه بالضرب بالأيدى والعصى حتى فقد وعيه، وافتعلوا واقعة وهمية تناول جرعة من المواد المخدرة، وفقا لما ذكره أشقاؤه الثلاثة، لتضليل الشرطة والهرب بفعلتهم، إلا أن عدالة السماء وتحريات رجال الأمن كانت لهم بالمرصاد ليفتضح أمرهم وجريمتهم. بدأت القصة بوصول «محمود» إلى مستشفى ميت غمر العام بالدقهلية، فاقد الوعى ليلفظ أنفاسه الأخيرة، وادعى أشقاؤه الثلاثة أنه الشقيق الأصغر لهم، وأن سبب الإغماء تناوله جرعة زائدة من المواد المخدرة، لتضليل الشرطة والهرب بفعلتهم. وحال تلقى اللواء محمد حجى، مدير أمن الدقهلية، إخطارا من ضباط وحدة مباحث مركز شرطة ميت غمر، وانتقالهم لبحث مكان الواقعة، وفحص الجثة تبين أن بها كدمات وآثار ضرب ونزيف، ووجود آثار دماء على التبن وعصا غليظة فى الحظيرة، وبانتداب الطب الشرعى والاطلاع على تقرير مفتش الصحة، تبين أن سبب الوفاة هو الضرب الذى أدى إلى الموت، مما دعا اللواء محمد شرباش، مدير مباحث المديرية، إلى الشك فى سبب الوفاة وبعدم معقولية ما أقر به أشقاء المجنى عليه، مقارنة بالإصابات الظاهرة بجسده، ووجَّه ضباط وحدة مباحث المركز بالتحرى حول الواقعة للوقوف على حقيقتها. توصلت التحريات إلى كذب رواية الأشقاء الثلاثة «ربيع، وحامد، وسامح» حيث كانوا قد تواجدوا بحظيرة الماشية وبصحبتهم محمود شقيقهم القتيل. كما أسفرت التحريات عن قيام أشقاء المتوفى باصطحابه داخل حظيرة المواشى، للضغط عليه ليرشدهم عن بعض المسروقات التى سرقها من حظيرة مواشى داخل القرية، متمثلة فى سرقة مبيدات زراعية وأسلاك الكهرباء من الحظيرة، إلا أنه رفض فتعدوا عليه بالضرب بالأيدى والعصى حتى فقد وعيه بل مات. جسد لهم الشيطان فكرة وقام الأشقاء الثلاثة بنقله للمستشفى، واختلقوا واقعة تعاطيه المواد المخدرة للهروب من جريمتهم. ضبط الأشقاء الثلاثة واعترفوا بارتكاب الواقعة واختلاق أنه توفى بسبب جرعة مخدرات زائدة، هربا من المسئولية. أمر أحمد أبوالسعود مدير نيابة مركز ميت غمر، بإشراف المستشار محمد أبوثريا المحامى العام لنيابات جنوبالدقهلية، بمعاينة مكان الواقعة، ليكتشف أثناء فحص الحظيرة، وجود عصا عليها آثار دماء، وعلى الفور طلب التحفظ على الأدوات الموجودة بالحظيرة، وأمرت النيابة بحبس الأشقاء أربعة أيام على ذمة التحقيقات. وأسدل الستار على أبشع الجرائم التى نجح فيها الشيطان ليوقع بين الأشقاء الأربعة ليقضى على الشقيق الأصغر بدم بارد، مفارقا الحياة، وتنتهى حياة الإخوة الثلاث بالسجن، المشمول بعذاب الضمير، وفى النهاية سقط قناع صلة الرحم. جريمة اهتزت لها القرية الصغيرة.. دمرت الأسرة بأكملها أربعة أشقاء اختفوا من القرية بلا رجعة أحدهم قتل ضربًا من أشقائه والثلاثة الآخرون تواروا خلف الأسوار أيضاً دون رجعة ينتظرون الحكم عليهم بتهمة قتل شقيقهم الأصغر.. الذى تألم طويلاً وكثيرًا.. واستعطفهم أكثر كى يعفوا عنه وكى يثبت لهم أنه ليس بسارق لكن هيهات لا حياة لمن تنادى، الإخوة الثلاثة تحولوا إلى شياطين لا تسمع ولا ترى سوى أن شقيقهم الأصغر سرق وأخفى المسروقات ولابد من قتله أو جعله يعترف بما لا يرتكب، ولكن كان القدر أرحم عليه منهم فقد خلصه من تعذيبهم وبطشهم وجبروتهم.. مات.. هرب من التعذيب والظلم إلى الموت.. وسيق الثلاثة إلى الحبس وانتهى أربعة أشقاء فى لحظة واحدة، لحظة عميت فيها العيون والضمائر والقلوب والعقول.. سيطر فيها الشيطان وانتصر.