«أبوشقة» حكم بين جميع الوفديين ويقف على مسافة واحدة وليس له قائمة أو شلة المغردون خارج «بيت الأمة» مدفوعون لهدم الحزب والتشهير بقياداته لأغراض خاصة بتر العضو المعتل يكون خيار الطبيب أحيانًا للحفاظ على الجسد الوفد لن يخضع لأصحاب المصالح ولن يتراجع عن دوره فى قيادة العمل السياسى والانحياز للدولة الوطنية الديمقراطية تقوم على الرأى والرأى الآخر، ومن مظاهر المجتمع الديمقراطى تقبل نتائج المنافسة الشريفة.. حيث تبدأ باعتراف الذى لم يوفق بالنتيجة، ويسلم على الفائز، وينخرط مرة أخرى تحت لواء المؤسسة التى ينتمى إليها، ويقدم لها برنامجه للاستفادة منه لأن الهدف هو نجاح المؤسسة وليس نجاحه هو الشخصى، ويبدأ من جديد يصحح أخطاءه التى أدت إلى إحجام جمهور الناخبين عن منحه أصواتهم، وهذا ليس عيبًا فيه وليس عقابًا منهم له ولكن هي قواعد السياسة المطبقة فى كل المجتمعات الديمقراطية.. فهناك فائز وهناك مهزوم، وغالب ومغلوب، لا توجد ديمقراطية تفصيل، ولا ديمقراطية قطاع خاص، إذا جاءت بى فهى ديمقراطية، وإذا أقصتنى فهى «ديكتاتورية»!! ولد حزب الوفد من رحم الحركة الوفدية وفى فمه ملعقة من ديمقراطية لم يبارحه طعمها ومذاقها حتى اليوم، وتحمل من أجلها الكثير منذ عهد زعمائه التاريخيين «سعد» و«النحاس» و«سراج الدين» وورثها منهم بهاء الدين أبوشقة رئيس الحزب الحالى أطال الله فى عمره ومتعه بالصحة، دافع «أبوشقة» عن هذا الميراث الغالى الذى يعلم أنه بدونه لن تتقدم الأمم، وعض عليه بالنواجذ وترجمه عمليا فى انتخابات الهيئة العليا التى جرت يوم 9 نوفمبر 2018، وكان بعض أعضاء الهيئة العليا قد اقترحوا على المستشار بهاء الدين أبوشقة اجراء انتخابات مبكرة للهيئة العليا بدلا من انتظار مدتها القانونية التى كانت ستستمر إلى مايو القادم، فكّر «أبوشقة» فى الأمر وعندما أصروا على رغبتهم، قرر طرح الاقتراح للتصويت لاستطلاع رأى الأغلبية فوافق على إجراء الانتخابات 37 عضوا منهم الأعضاء الذين خسروا الانتخابات التى جرت يوم 9 نوفمبر 2018 وكان عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع التصويت 42 عضوا، أى أن الأغلبية الكاسحة لأعضاء الهيئة العليا السابقة وافقت على الانتخابات المبكرة. لم تكن المهمة سهلة، فالحزب خارج منذ فترة قليلة من انتخابات رئيسه الذى تسلمه وصندوقه فارغ، وجريدة تعانى من ضعف الإمكانيات المالية، وطيور هاجرت من الحزب أو أجبرت على الهجرة قبل تسلمه المهمة، وكان على الحزب أن يمارس دوره المطلوب للوصول إلى المكانة اللائقة به، وتحمل «أبوشقة» المسئولية، وقرر العمل على عدة محاور فى وقت واحد، تطوير الحزب، حتى يليق بالوفديين، والإعداد لانتخابات الهيئة العليا الجديدة بناء على رغبة أعضائها. وقال «أبوشقة» قولته التى لا تقبل المساومة أو التردد أو الارتجاف أو التراجع، أنا حكم بين جميع الوفديين فى هذه الانتخابات، أعضاء الهيئة الوفدية المنتشرون فى جميع محافظات الجمهورية هم أصحاب القرار فى انتخابات هيئة حزبهم العليا، ليس لى قائمة، ولا شلة، ولا أحد محسوب علي، ولا أنا ضد أحد، أنا سأعمل مع جميع الفائزين فى هذه الانتخابات، وأعتز بالذين خاضوا المنافسة ولم يوفقوا، وأدعوهم للاستمرار فى عطائهم لحزبهم العريق، وانتظار فرصة أخرى لأن الحزب لجميع أبنائه، وأصدر أبوشقة قرارا بدعوة الهيئة الوفدية لانتخاب الهيئة العليا، ووفر كافة التيسيرات للأعضاء فى الحضور إلى مقر الحزب فى بولس حنا لأداء واجبهم الانتخابى كما أسند عملية الانتخابات الى المجلس القومى لحقوق الانسان من بدايتها حتى إعلان النتائج لم يشهد هذا اليوم أى خروج عن تقاليد الوفد، فمر كعرس للديمقراطية، تمكن جميع المرشحين من الدعاية لأنفسهم وتمكن الناخبون من الإدلاء بأصواتهم وظهرت نتائج الانتخابات وفاز 50 مرشحا بعضوية الهيئة العليا من 116 متنافسا وفاز 5 مرشحين بعضوية السكرتارية الوفدية من 21 مرشحا بعد منافسة شريفة كانت مقدماتها نزيهة من خلال عرض أسماء المرشحين أبجديا فى مكان واضح للناخبين الذين مارسوا حقهم فى اختيار ممثليهم فى خيام إلكترونية لأول مرة، وبعد اعتماد نتيجة انتخابات الهيئة العليا دعا ابو شقة الأعضاء الجدد الى اجتماع «الثلاثاء» الماضى تم خلاله تشكيل المكتب التنفيذى وترشيح نواب رئيس الحزب وأمين الصندوق، وجرت أيضاً انتخابات ديمقراطية وفاز النائب الخلوق فؤاد بدراوى بمنصب سكرتير عام الحزب بالتزكية وانتخاب فيصل الجمال أميناً للصندوق، وجمال شحاتة أمينا مساعدا وانتخاب حسين منصور وطارق سباق وياسر الهضيبى وسليمان وهدان وعبدالعزيز النحاس نوابًا لرئيس الحزب، وانتخاب عصام الصباحى وطارق تهامى وكاظم فاضل وأنور بهادر وعباس حزين للسكرتارية المساعدة، وانتخاب صفوت عبدالحميد ومحمد الزاهد ومحمد حلمى سويلم وأحمد جاويش أعضاء بالمكتب التنفيذى. لم يكن هذا النجاح الذى حققه الوفد فى ترتيب البيت من الداخل وليد صدفة، كما لم يكن قبول ابو شقة لرغبة الوفديين فى رئاسة الحزب فى هذه المرحلة الحرجة بحثا عن شهرة أو جريا وراء مناصب فهو لديه أعباء تكفيه ولكنه قبل المسئولية فى تحدٍ وهو يعلم انها صعبة، وطلب من الوفديين جميعا ان يعينوه على القيام بها. وقرر منذ اليوم الأول أن الوفد ليس للوفديين فقط، فهو لجميع المصريين وبدأ بعودة الطيور المهاجرة الى حزبهم وقبلوا دعوته لهم، ثقة منهم فى أنه خير من يقوم بهذه المهمة ليجمع شمل الوفديين. كما تلقى أبو شقة طلبات بالمئات من مثثقفين وأدباء واعلاميين وشخصيات عامة للانضمام الى الحزب وأخد صوت الوفد يعلو فى الشارع السياسي، وقال أبو شقة قولته الشهيرة لا ديمقراطية بدون حزب الوفد، وأن الوفد ينحاز الى الدولة الوطنية، ولا يعارض من أجل المعارضة ولا ينهج أسلوب التهييج والشتائم، ولكنه يسعى الى معارضة موضوعية تكشف أخطاء الحكومة وتقدم الحلول لها، وتؤيد القرارات التى تصدر عندما يجد أنها فى صالح الوطن والمواطن. طموح أبو شقة هو أن يكون الوفد فاعلا فى الحياة السياسية، ويسعى الى تطبيق المادة الخامسة من الدستور التى تتناول النظام السياسى الذى يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها وتلازم المسئولية مع السلطة، واحترام حقوق الانسان وحريته. وفى سبيل تطبيق هذا النص تعهد أبوشقة بأن حزب الوفد سيخوض جميع الانتخابات القادمة سواء فى المحليات أو البرلمان والانتخابات الرئاسية القادمة التى يعد لها شباب الوفد من الآن. أبوشقة ينحاز للدولة ويحترم القانون واللوائح، فالقانون عنده وهو رجل القانون هو الفصل بين أى نزاع، لأن البديل عن القانون هو الغوغاء وإلقاء الاتهامات الجزافية والتشويه، فكل ذلك يواجه بالقانون الذى يكشف الحقائق وباللوائح التى تحدد خط السير وكشف أى خروج اذا وقع. سياسة الوضوح والمكاشفة والمصارحة والشفافية هى أقرب الطرق للوصول الى الحقيقة، أما الغمز واللمز والتشهير فمجاله مكان خر لا يصلح أن يدور فى المؤسسات العريقة، التى تأخذ من الديمقراطية منهجها ومن النور قراراتها، ومن العمل وبذل الجهد انجازاتها، الذين يظهرون فى الظلام أشباح، والذين يتواجدون فى النور شهداء إنجاز وعمل، الذين يرفضون قواعد العمل الديمقراطى مخربون، الذين يشككون فى الحقائق لا يرغبون فى الاصلاح، وهناك فرق بين الذين يبنون والذين يهدمون الديمقراطية لها بابان باب دخول وآخر للخروج، الذى يرضى بالديمقراطية لابد أن يضع فى مقدمة برنامجه أنه قد يخرج لأن أمره يحكم عليه الآخرون، لا أحد يفرض نفسه على قواعد الديمقراطية. الوفد كيان ديمقراطى قوى يذهب المختلفون ويبقى الوفد، المعارك المفتعلة التى يختلقها المختلفون على نتائج انتخابات الهيئة العليا لن تهز هذا البنيان الراسخ فى عمق التاريخ، فالحزب ليس غطاءً يحتمى به أحد، ومحاولات البلبلة وضرب الاستقرار لن تحقق أهداف الكارهين للنجاح الذى حققه الوفد فى الفترة الأخيرة.. الوفد قادر على الرد على كل الذين يحاولون التأثير على مسيرته، بعد أن فوض الوفديون، على رأسهم أعضاء الهيئة العليا رئيس الوفد فى الرد على الذين خرجوا عن الخط الديمقراطى وعمدوا الى التطاول والتشهير، هناك لائحة، وهناك قانون، وهناك قرارات اتخذت وستتخذ، هناك قرارات ضرورية رغم قسوتها، فالأطباء أحيانا يقررون بتر عضو معتل حفاظاً على الجسد اذا فشل العلاج بالأدوية. الوفد لا يريد أن يغرد أبناؤه خارج السرب، ولكنه لن يخضع لأى عمليات ابتزاز أو تشهير، الذى يعود فمرحبًا به، والذى يأخذ الجانب الآخر فستكون الملاحقات الجنائية والمدنية هى الخيار الذى يردع كل من يحاول تشويه الحزب. الوفديون فى جميع المحافظات يؤيدون جميع القرارات التى يراها أبوشقة ضرورية للحفاظ على بيت الأمة، ضد معاول الهدم التى يدبرها قلة خرجت عن الخط العام للحزب، وتحاول هدمه لمصالح بعضها معروف وبعضها سيكتشف خلال الأيام القادمة، لن يكون الوفد إلا للوفديين ولجميع المصريين الذين يؤمنون بمبادئه ولن تقوم حياة سياسية على أساس سليم بدون الوفد الذى أعلن انحيازه الصريح للدولة الوطنية وللمواطن.