مستقبل وطن: ننقل آمال ورغبات المواطنين ونساهم فى المساعدة فى حل مشاكلهم    "الرفات الأخير".. حكاية مصرى من وادى القمر".. قريبًا على قناة "الوثائقية"    وزير الزراعة للقناة الأولى عن العلاقة مع جهاز مستقبل مصر والقطاع الخاص    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    تشكيل توتنهام هوتسبير الرسمي لمواجهة بودو جليمت    تموين القليوبية يحبط ترويج لحوم مجهولة المصدر في مصنع غير مرخص    كبير الأثريين: المتحف المصرى الكبير هدية مصر للعالم وأيقونة تترقبها الإنسانية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    الزمالك يكشف إصابة المهاجم عدي الدباغ    أحمد موسى عن خطة ترامب لغزة: نتنياهو المستفيد الأكبر    ضبط 2.7 طن دقيق مدعم قبل تهريبها للسوق السوداء بطما شمال سوهاج    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    وزير الاتصالات يشهد مراسم توقيع تراخيص خدمات "إنترنت الأشياء" بين الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات و7 شركات عالمية لتصنيع السيارات    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    خبير أوروبي: التوتر بين روسيا والناتو "على حافة حرب مباشرة"    المايسترو محمد الموجي يتولى إدارة مهرجان الموسيقى العربية بعد اعتذار تامر غنيم    أيمن عبدالعزيز: الزمالك لعب أمام الأهلي 80 دقيقة بلا مدرب    وزير الإسكان يُعلن بدء تسليم وحدات مشروع "ڤالي تاورز إيست" بالعبور الجديدة ضمن مبادرة "بيتك في مصر"    ترامب يعلن إنجازاته فى الأمن الدولى ويطالب بجائزة نوبل للسلام    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    زينة أشرف عبد الباقى: أشعر بتوتر كبير فى العمل مع والدى    محافظة الجيزة: رفع السيارات المتهالكة وحملة نظافة مكبرة بفيصل    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    محافظ الغربية يتفقد الوحدة الصحية ومركز الغسيل الكلوى والحضانات بقرية أبشواى الملق    وزير التربية والتعليم يصدر قرارًا وزاريًا بشأن حافز التفوق الرياضي    تقارير: مفاوضات اتحاد جدة مع يورجن كلوب تسير في اتجاه إيجابي    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    "زراعة الفيوم" تنظم ندوة إرشادية حول محصول الكانولا كأحد المحاصيل الزيتية الواعدة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    «واحدة من الدول الثلاث».. وزير: كوريا الشمالية قادرة على ضرب البر الرئيسي الأمريكي    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    اتحاد الكرة يؤكد ثقته في الحكام المصريين    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    صلاح أساسيا في تشكيل ليفربول المتوقع أمام جالاتا سراي    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    قناة مجانية تنقل مباراة منتخب الشباب ضد نيوزيلندا في المونديال    الرئيس السيسى يستقبل الأمير "رحيم" رئيس شبكة الآغا خان للتنمية ويهنئه بمنصبه ويشيد بإسهامات والده فى دعم التنمية وحفظ التراث الإسلامى.. الرئيس: حياة كريمة و100 مليون صحة تجسد رؤية مصر 2030 للاستثمار فى الإنسان    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    تعرف على العد التنازلى لشهر رمضان المبارك وأول أيامه فلكيا    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    رئيس الوزراء يتفقد عددا من المنشآت التعليمية بقرية سبك الأحد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برامج المرشحين فى الميزان
نشر في الوفد يوم 15 - 05 - 2012

إذا أردت أن تصوّت فى انتخابات الرئاسة فعليك أن تتعرف على برامج المرشحين، فضلاً عن شخصية كل مرشح وأدواته التى يعتزم بها تنفيذ برنامجه المزعوم. ولأن عدد المرشحين أكبر من أن تحصى برامجهم
فى ظل الفترة المحدودة للدعاية الانتخابية فليس أقل من أن تبحث فى برامج أكثر المرشحين قبولاً لديك بعد أن تعمل فيهم معايير التصفية الأولية التى تختلف باختلاف الناخب، فمثلاً هناك من لا يقبل أن يمنح صوته لآخر رئيس وزراء فى عهد مبارك التعيس أياً كان برنامجه الانتخابى طعناً فى صلاحية الرجل لتولّى هذا المنصب، فمن أفسد نظاماً ليس من السهل أن تمنحه ثقتك لبناء نظام جديد، وهناك من يضع معياراً للتصفية يستبعد به المتنطعين على المنصب المتاجرين بتذكرة ترشّحهم حتى إذا ما فتح مزاد المعركة الانتخابية تنازل عن ترشّحه لأحد منافسيه ممن يملكون حظاً أوفر فى الفوز وأدوات أكثر للإثابة على هذا التنازل!.
أما أنا فقد أعملت معاييرى الخاصة فأمكننى استبعاد رموز التطرف الدينى، وخوالف نظام مبارك، وداعمى المستبدين، ومحدودى الرؤية الشاملة، ولم يبق فى قائمة المرشحين إلا ثلاثة أولهم السيد عمرو موسى بصفته رجل الدولة الوحيد الباقى فى قائمة المرشحين، والذى لم تلوث يده بخطايا العشر سنين الأخيرة فى عهد مبارك حيث يعد اختياره -كما قدّمت فى مقال سابق- تجسيداً لفن الممكن بين الأضداد المتنافسين. أما المرشح الثانى فهو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ممثلاً مستقلاً عن روح الثورة، أتلمس فيه أملاً فى إقامة نظام جديد تختفى منه رموز مبارك وابنه بغير رجعة، وهو أيضاً المنقطع عن جماعة الإخوان منذ عهد قريب على أثر خلاف تنظيمى. أما ثالث الثلاثة فهو الدكتور محمد مرسى بحكم انتمائه لحزب الأغلبية فى البرلمان المنتخب، وعلى الرغم من عزوفى عن التصويت لأى من مرشحى الإخوان فيما سبق فقد رأيت ضرورة مراعاة الأعراف الديمقراطية التى تعلى من قيمة المؤسسة مقارنة بالأفراد المستقلين حتى فى أقدم الديمقراطيات وإن أبدع المستقلون فى صياغة برامجهم، ذلك لأن أى برنامج مهما بلغت روعته هو مشروط بتوافر قواعد مدنية لتنفيذه عادة لا تتوافر إلا فى الأحزاب وقواعدها بمختلف المحافظات، ولأن سائر مرشحى الأحزاب لا يعبّرون فى الواقع إلا عن شخوصهم فإن مرشح الإخوان يبقى هو المرشح الوحيد الذى يرتكز على قاعدة مؤسسية حقيقية، إذا سلمّنا بصدق إيمانهم بمدنية الدولة ومبدأ المواطنة لكننا على أية حال لا نملك قرائن تصديق أى من برامج المرشحين المختلفين.
أما وقد أسفرت التصفية الأولى عن هذه الأسماء الثلاثة فقد قرأت برامجهم الانتخابية وخرجت منها بالملاحظات التالية:
أولاً البرنامج الانتخابى للدكتور محمد مرسى والمسمى "ببرنامج النهضة": فقد اشتمل البرنامج على أكثر من ثمانين صفحة تناول خلالها عناصر مختلفة لنهضة الدولة كما يراها الحزب والجماعة، لكنه لم يخل من لغة عامة فضفاضة حتى معايير قياس فاعلية البرامج النوعية لم تكن قابلة للقياس الكمى فى أغلب الأحوال! كذلك جاءت لغة البرنامج أشبه بتلك التى أدمنها الحزب الوطنى وأمانة سياساته بما فيها من "أكليشيهات" قديمة مثل "الأمن والأمان" و"دوائر الانتماء"، ربما يستثنى من ذلك التقليد كل ما ورد فى البرنامج عن إتباع الشريعة الإسلامية تلك الإشارة المتكررة التى لا تخلو من غموض ودغدغة لمشاعر البسطاء دون أن يكشف البرنامج عن تفاصيلها اللهم إلا فيما يتعلّق ببعض أداوت التمويل والاستثمار المتفقة مع أحكام الشريعة والتى للعلم لا تحظى مشروعيتها بإجماع الفقهاء. لكن الأهم من ذلك كله أن برنامج النهضة لم يشعرنى بأية روح ثورية ولم تظهر فيه دلالات وهمم التغيير الشامل والبناء من القواعد! فقد جاء البرنامج خلواً من أية أمارات على قيام الثورة عدا بعض عبارات العزاء والترحّم على أرواح الشهداء! لكن بصفة عامة بدا برنامج النهضة كأنه خطة خمسية لحزب ظل فى الحكم عشرين عاماً أو يزيد وهاهو يضع بتلك الخطة حلقة عادية باهتة فى إستراتيجية حزبية طويلة المدى!
ثانياً البرنامج الانتخابى للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح: يبدو أن الموائمات السياسية الكثيرة التى حرص الدكتور أبو الفتوح على مراعاتها أثّرت بشكل كبير على جرأة وحماسة برنامجه الذى كان من المفترض أن يكون الأكثر تعبيراً عن روح الثورة بين البرامج الثلاثة. فقد كان برنامج "أبى الفتوح" عاماً ومختصراً فى نحو أربعين صفحة ملئت بخط كبير، واحتوت على تركيبات لفظية بغرض الحشو والإطالة وفلسفة الرأى. كذلك بدا فى بعض أجزاء برنامجه أنه يحاول بلورة أفكاره وأفكار جلسائه فى صورة سياسات تفصيلية تشذ عن اللغة العامة التى صيغ بها سائر البرنامج! فالرجل يتحدث مثلاً عن سياسات مالية شديدة العمومية لكنه يقحم مسألة ضريبة التبغ والسجائر بصورة غريبة عن السياق!.
فى برنامج الدكتور "أبى الفتوح" ظهرت الروح الثورية التى غابت عن برنامج "النهضة"، لكن تاهت لغة التخطيط وآليات التطبيق ومعايير القياس فى زحمة التعبيرات العامة التى تحمل على أكثر من معنى، وترضى أكثر من فصيل سياسى.
ثالثاً البرنامج الانتخابى للسيد عمرو موسى: حقيقة لقد قرأت هذا البرنامج ذى الصفحات الثمانين بينما تؤرقنى شواغل انتماء السيد موسى للنظام القديم وطعنه فى السن الذى يحول دون واقعية قدرته على تغيير الواقع المصرى الصعب فى بضع سنين. لكن البرنامج كتب بحرفية شديدة وتناول أدق التفاصيل فى العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والأغرب من ذلك أنه جاء بعبارات قاطعة لا تقبل المواربة وأنصاف الحلول، كما إنها عبارات أكثر ثورية وراديكالية من تلك التى تضمنها برنامجا الإخوان وأبى الفتوح، حتى إنه من السهل وأنت تتصفح برنامج السيد عمرو موسى أن تتبين أن صاحب هذا البرنامج هو أحد مرشحى رئاسة مصر عقب ثورة شعبية كبيرة. البرنامج أيضاً راعى فى واقعية بالغة مختلف الآجال، كما أخذ فى الاعتبار حالة التشوّق لدى الناخب المصرى لإقامة الدولة من جديد بأركان ثابتة، وخصص لذلك الهدف المائة يوم الأولى فى فترته الرئاسية.
لكن المشكلة فى برنامج السيد عمرو موسى أنه يظل مخرجاً جيداً لورشة عمل متميزة تخطط لتحديث مصر فى الأجلين القصير والمتوسط. هذا المخرج يظل حبيس النظرية ما لم تتوافر للرئيس المنتظر ذراعاً مدنية منظّمة فى الشارع تعمل على تنفيذه، وتظل فكرة المرشح المستقل تلح علىّ بسوءاتها لأنها تعيدنا أدراجنا إلى أحد نظامين، إما نظام حاكم مستبد بسلطانه مزهو بكفاءته الشخصية يريد أن يطوّع أجهزة الدولة بالقوة لتحقيق خططه وأهدافه، أو نظام دستورى يتنازع السلطة فيه حزب جماهيرى أوحد ورئيس ليس له قاعدة حزبية، وبالتالى سرعان ما سوف يلجأ الرئيس لحسم هذا النزاع لصالحه إما بتزوير إرادة الناخبين أو بدعم التيارات والأحزاب المنافسة لحزب الأغلبية أو باختلاق ذراع حزبية مدعومة ومذخّرة بكافة إمكانات الدولة كما كان الحال فى نموذج الحزب الوطنى.
بالطبع هذه السيناريوهات الضبابية تظل موقوفة على شكل النظام السياسى الذى ننتظر أن يقره الدستور، لكن أى شكل لهذا النظام لن يخلو من احتمالات قوية للنزاع على السلطة إذا ما قدّر لغير الأغلبية البرلمانية الفوز بمقعد رئاسة الجمهورية. فبين بديل توازن القوى وبديل الانفراد بالسلطة يكمن العديد من المزايا والعيوب، نريد أن يعمل الشعب مجتمعاً على الالتفات لها لتلافى العيوب وتعظيم المزايا قدر المستطاع.
خلاصة الأمر، فقد رأيت أن المرشحين الثلاثة يكمل أحدهم الآخر فى جانب من الجوانب، فنحن فى حاجة إلى برنامج ثورى موضوع بعناية رجل الدولة كالذى يعرضه علينا السيد عمرو موسى، وإلى شخصية هادئة تحظى بقبول أطراف كثيرة كالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وإلى تنظيم ومؤسسة حزبية داعمة لبرنامج المرشح كالذى يوفّره حزب الحرية والعدالة. لكن علينا نحن المصريين أن نعتاد اتخاذ القرارات الصعبة حيث لا مكان لنموذج مثالى يجمع فيه الرئيس القادم بين مختلف المزايا، ومن ثم فكل منا يجب أن يفاضل بين المرشحين طبقاً لما يرى فيه مصلحة الوطن، من حيث أولوية وأهمية الميزة النسبية التى ينفرد بها مرشحه المفضّل عن سائر منافسيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.