سعر مواد البناء مساء الجمعة 28 نوفمبر 2025    رئيس وزراء الهند يستقبل بوتين خلال زيارة رسمية الأسبوع المقبل    زيلينسكي يعلن استقالة مدير مكتبه أندريه يرماك وسط فضيحة فساد    مانشستر سيتي يكشف موقف رودري من المشاركة أمام ليدز    كم سيخسر ليفربول حال أقال سلوت؟    خبير علوم جنائية يُطالب بالإعدام علنًا لوقف اغتصاب الأطفال    مازن الغرباوي يعلن عن مفاجآت الدورة القادمة لمهرجان شرم الشيخ المسرحي    يُطرح فى دور العرض 10 ديسمبر المقبل.. ردود فعل متباينة على البرومو الأول لفيلم الست    شاهد|«التلوانى»: 6 ملايين سجل صحي إلكتروني وخفض الإنفاق47% بالتأمين الشامل    القاهرة الإخبارية: عائلات سورية غادرت بلدة بيت جن بعد الهجمات الإسرائيلية    جامعة القاهرة تُكرّم نقيب الإعلاميين تقديرا لدوره البارز فى دعم شباب الجامعات    وفاة شاب إثر صعق كهربائي بقنا    محافظة الجيزة: السيطرة على حريق داخل موقع تصوير بستوديو مصر دون خسائر بشرية    الأرصاد: طقس الغد معتدل على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة الكبرى 26 درجة    سقوط عصابة سرقة الحسابات وانتحال الهوية عبر لينكات خبيثة    مفوضة أوروبية تلتقي المصابين الفلسطينيين في مستشفي العريش العام    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    الدفاع المدني السوري: عمليات البحث والإنقاذ لا تزال جارية في بلدة بيت جن    جامعة حلوان تنظم حفل استقبال الطلاب الوافدين الجدد.. وتكريم المتفوقين والخريجين    فحص 20 مليون و168 ألف شخص ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    ما حكم إخراج الزكاة بناء على التقويم الميلادى وبيان كيفية ذلك؟ دار الإفتاء تجيب    انعقاد 8 لجان وزارية وعليا بين مصر والجزائر والأردن ولبنان وتونس وسويسرا والعراق وأذربيجان والمجر    بعثة بيراميدز تساند المصري أمام زيسكو يونايتد    بمشاركة 23 فنانًا مصريا.. افتتاح معرض "لوحة في كل بيت" بأتيليه جدة الأحد    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    حزب الجبهة الوطنية بالجيزة يستعد بخطة لدعم مرشحيه في جولة الإعادة بانتخابات النواب    حريق ديكور تصوير مسلسل باستوديو مصر في المريوطية    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    المصري يتحرك نحو ملعب مواجهة زيسكو الزامبي في الكونفدرالية    كامل الوزير يتفق مع شركات بريطانية على إنشاء عدة مصانع جديدة وضخ استثمارات بمصر    لتغيبهما عن العمل.. إحالة طبيبين للشؤون القانونية بقنا    عاطف الشيتاني: مبادرة فحص المقبلين على الزواج ضرورة لحماية الأجيال القادمة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    اسعار الاسمنت اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025 فى المنيا    شادية.. أيقونة السينما المصرية الخالدة التي أسرت القلوب صوتاً وتمثيلاً    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    جدول مباريات اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأردني تطورات الأوضاع في غزة    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    رئيس فنزويلا يتحدى ترامب ب زي عسكري وسيف.. اعرف ماذا قال؟    وزارة العمل: 1450 فرصة عمل برواتب تبدأ من 10 آلاف جنيه بمشروع الضبعة النووية    سريلانكا تنشر قواتها العسكرية للمشاركة في عمليات الإغاثة في ظل ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    الزراعة تصدر أكثر من 800 ترخيص تشغيل لأنشطة الإنتاج الحيواني والداجني    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى المنيا    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    رسائل حاسمة من الرئيس السيسي تناولت أولويات الدولة في المرحلة المقبلة    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد يكتب:مآلات الاستنفار في المشرق والخليج
نشر في الوفد يوم 11 - 05 - 2012

دخل الإسرائيليون على المشهد المتوتر في المشرق العربي بالاتجاه إلى تشكيل حكومةٍ سموها حكومة «الوحدة الوطنية»؛ بضمّ حزب كديما بزعامة الجنرال موفاز إليها. وباستثناء رفْع الصوت وإظهار الخَطَر من النووي الإيراني، ومن الثورة في سوريا؛ فإنهم نأَوا بأنفسهم في الشهور الماضية عن التحرك المفرط في هذا الاتجاه أو ذاك.
والائتلاف الجديد صار تقليدا في السياسة الإسرائيلية منذ السبعينات، عندما تريد الدولة العبرية شنَّ حربٍ على جيرانها أو إشعار الداخل الإسرائيلي والمجتمع الدولي بأنّ هناك خَطَرا يستدعي التحشُّد والاستنفار. ولا يكتم جنرالات إسرائيل - رغم اختلافهم في تقدير الخَطَر - أسبابَ ودواعي هذا الاستنفار: إنه النووي الإيراني! والمعروف أنّ الأميركيين والروس على حدٍ سواء، وقبل اجتماع إسطنبول وبعده، دأَبوا على طمأنة إسرائيل إلى أنّ الحلَّ التفاوُضي مع إيران لا يزال ممكنا؛ في حين ظلَّ الساسةُ الإسرائيليون مُصرّين على أنّ الخطر قائمٌ ومتفاقم، وأنّ ما حصل في إسطنبول إنما كان هديةً لإيران دون داعٍ أو مقابل. وسواء كان رأْي أهل التفاوُض أو أهل الحرب هو الصحيح؛ فلا شكَّ أنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية والموسَّعة صارت تجمع سياسيَّين من الطراز الغليظ هما نتنياهو رئيس الحكومة، وليبرمان وزير الخارجية، وجنرالين من العيار نفسه هما: باراك وموفاز. وإذا لم يكن ذلك نذيرا بالحرب؛ فإنه على أي حالٍ تنبيهٌ للمجتمع الدولي بأنهم لا ينتظرون الكثير من اجتماع بغداد بين إيران وال 5+1 في 23/5/2012.
أمّا إيران، التي اشتدّ ضيقُها من الحصار الخانق، ومن الاضطراب والتمرد في مناطق نفوذها العربية؛ فإنها تستطيعُ أمام شعبها الضائق والمتذمّر الاستناد إلى «نجاحاتٍ» حقّقتْها على الشكل التالي:
- ثبَّتَتْ وضْعَها في العراق بأنْ وضعت المالكي تحت مظلتها، ولو لم يبق بيده الكثير بعد تمرد الأكراد والسنة ومقتدى الصدر عليه. فالوضْعُ في العراق صعبٌ، لكنه صعبٌ على خصوم المالكي وخصومِها أيضا.
- اطمأنت إلى وضع حليفها بشّار الأسد في سوريا إلى حدودٍ معينة. فخصوم النظام السوري وأصدقاؤه يعرفون الآن أنه لن يسقط قريبا بسبب الموقفين الإيراني والروسي. وفي الاحتمالين الباقيين سيظلُّ دورُها قائما: في الحرب الأهلية الداخلية، أو في التسوية (الممكنة أو غير الممكنة) التي يقودها المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان.
- ثبَّتتْ وَضْعَ حكومة حزب الله في لبنان إلى أمدٍ قد يطول. فالرئيس ميقاتي ما عاد يستطيع التصرُّفَ بأي شيء، كما لا يستطيع الاستقالة. وعندما أوقفت السلطات اللبنانية باخرة أسلحةٍ مشبوهة التوجُّه والمقصد، وسارع سفير سوريا في لبنان إلى التصريح من أمام وزارة الخارجية اللبنانية أنّ السعوديين والقطريين هم الذين أَرسلوها، ما جرؤ ميقاتي على نفي ذلك، أو على لوم وزير خارجيته، مما اضطرَّ رئيس الجمهورية إلى استنكار ذلك دونما عودةٍ لميقاتي.
- أَقْبلت على اتخاذ موقف الهجوم بتصعيد التوتُّر مع دول الخليج من خلال زيارة رئيسها للجزر الإماراتية المحتلة منذ عام 1971، وإظهار الأمر كأنما وحدة «الأراضي الوطنية الإيرانية» هي موضوع تهديد، وأنها ستُدافعُ عن ذلك بالقوة.
- بادلت الدوليين في الملفّ النووي المشتعل من سنوات، تنازُلا بتنازُل. تنازل الدوليون بالسماح لها بالتخصيب المنخفض في الداخل بإشراف وكالة الطاقة؛ مما سمح لها بتصوير الأمر في عيون شعبها وكأنه انتصار؛ في حين تنازلت هي عن إنتاج سلاح الدمار الشامل أو أنها أجّلتْه. ويُشيعُ أنصار إيران في لبنانَ الآن أن الإيرانيين في اجتماع بغداد سيقدمون تعهُّدا خطيا من المرشد الأعلى بأنهم لا ينوون إنتاج نووي لأنه مُخالفٌ لأحكام الإسلام! والاقتراحُ الآن مُتابعة التفاوُض على المسار في أذربيجان بعد بغداد!
وقد قابل العرب الخليجيون - ولا عرب غيرهم في الساحة الآن - التوتير الإيراني باستنفارٍ من جهتهم:
- أجْروا مناوراتٍ لقوات درع الجزيرة في مياه الإمارات إشارةً إلى اعتزامهم الدفاعَ عن أمنهم بكلّ سبيل. وعقدوا قمةً تشاوريةً في الرياض هذا الأُسبوع لزيادة الضغط على إيران دبلوماسيا وعسكريا.
- واستجابت المملكة العربية السعودية لمطالب المُعْرضين عن استيراد النفط من إيران بزيادة إنتاجها من النفط لسدّ احتياجات السوق العالمية قبل بضعة أشهُر.
- وأَظهروا هم وتركيا استنكارهم لتصرفات المالكي في بغداد، واستقبلوا خصومَ المالكي وإيران.
- وأَعلنوا عن قبولهم بالمبادرة الدولية ذات النقاط الست، وهي تكتملُ إذا نجحت بتنحية بشار الأسد. وأَعلنوا في الوقت نفسه عن دعم الثوار بالسلاح لحماية أَنفسهِمْ من بطش جحافل الأسد إن فشل الحلُّ التفاوُضي.
ما هي مآلاتُ هذا الاستنفار في المشرق العربي والخليج؟ السببُ المُعْلَنُ لأُصول هذه الاستنفارات هي الصراع بين إيران والمجتمع الدولي على الملفّ النووي. والأُمورُ الأُخرى تتعلق بالامتدادات الإيرانية في المشرق والخليج. ويعتقد القادةُ الإيرانيون الآن أنهم يستطيعون تأجيل النووي والدخول في مفاوضاتٍ طويلةٍ مع الولايات المتحدة، بحيث يحصلون على شيء مقابل شيء عند كل خطوة. والأولويةُ عندهم لتفكيك الحصار. والغربيون يعرفون ذلك. ولذا، فسوف يتشددّون حتى يروا خطواتٍ ملموسة.
إنما من جهةٍ أُخرى؛ فإنّ الإيرانيين الذين اعتمدوا دائما سياسة حافة الهاوية، ويعتبرون أنهم نجحوا فيها، سيصعدون وينزلون في التفاوُض على النووي ليس تبعا للتدرُّج في تفكيك الحصار فقط؛ بل تَبَعا أيضا للقدرة على استخدام أَوراقهم في مناطق النفوذ. فإذا توقّف التهديد الإسرائيلي تبعا للتقدم في التفاوض على النووي؛ فسيظلُّ عندهم حزبُ الله وصواريخه للضغط على الغرب بتهديد أَمْنِ إسرائيل، واستمرار الغَلبة في لبنان. ثم إنّ عندهم بقايا من النفوذ لدى وُلاة أمر غزّة بحيث يستطيعون إرسال بعض الصواريخ من هناك إذا لزم الأمر. ولديهم في المدى القريب أو القصير الملفّان العراقي والسوري. وهم يُصرُّون في الملفّ السوري على أن يكونَ لهم دَورٌ أو مُشاركة فيما بعد الأسد. ووضْعُهُم في العراق أَثْبَتُ، لكنّ الضغْطَ به غير ممكنٍ أو غير آمِن، لأنه يزيد الصعوبات على حلفائهم وأنصارهم. أمّا لبنان فهو رهانٌ ورهينة. إذ هم يريدون أن يظلَّ سلاحُ حزب الله محميا ليظلَّ التهديدُ به ممكنا، ولا ضمانَ لذلك إلاّ باستمرار الحكومة الحالية أو الفوز هم وحليفهم عون في انتخابات العام القادم. وإذا لم ينجح هذا الأمر أو ذاك في المدى المنظور، فهل يجرءون على الاستيلاء على السلطة بالقوة؟!
إنما ما نتيجةُ هذا الاستنفار المتبادَل بالخليج؟ الاستنفارُ العربي دفاعي. أمّا الاستنفارُ الإيراني فليس له تعليلٌ واضحٌ إلاّ إذا كانوا يعتقدون أنهم بذلك يستطيعون إظهار القدرة على تهديد المصالح الغربية.
والأمر الآخَرُ المُهمُّ هو أنه وسط هذا الضجيج وقعقعة السلاح؛ فإنّ القوة العسكرية الإيرانية لم تُختبر بعد. فطوال العقدين الماضيين استخدم الإيرانيون حزبَ الله وحماس والجهاد الإسلامي والميليشيات الشيعية في العراق وتكتيكات النظام السوري والمناورات البحرية الصاخبة بالخليج مع تجنب الاصطدام القاطع بالأميركيين مباشرةً في أي مكان. وربما كان هذا الإصرار الطويل على النووي من بين أسبابه (غير السمُعة والدخول في عداد الدول النووية) تجاوُز مرحلة الحرب بالسلاح التقليدي حفظا للهيبة، وحتى لا تتكرر التجربة مع العراق، وهذه المرة مع دولٍ تمتلك أسلحةً تقليديةً متقدمة، أو أسلحة تقليدية وغير تقليدية.
لن يتراجع هذا الاستنفار في المدى المنظور. ليس لأنّ الإيرانيين لن يتراجعوا عن النووي؛ بل لأنّ الامتدادات في العالم العربي بالنسبة لإيران، تفوقُ في الأهمية الواقعية النووي وغيره. ويوشك أن يثبت الآن أنّ «التوافُق» على النووي ممكن؛ إنما كيف يمكن التسليم لإيران بالنفوذ في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن.. إلخ؟!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.