يبدو أن السينما لن تكون ذاكرة الشعوب فقط، ولكن أيضاً لإعادة إعطاء الحق لأصحابه حتى بعد رحيلهم، وهذا ما يبدو بقوة فى ميلادا Milada الفيلم الروائى عن حياة ميلادا هوراكوفا أحد أوائل ضحايا النظام الشيوعى فى تشيكوسلوفاكيا، والتى عارضت الانقلاب الشيوعى عام 1948 ولم تغادر البلاد، ألقى القبض عليها وحكمت بتهمة الخيانة بتهم ملفقة فى محاكمة استعراضية تم بثها على الراديو، الغريب أنها نجت من السجن فى معسكرات الاعتقال النازية فقط ليتم إلقاء القبض عليها وإعدامها من قبل الشيوعيين فى عام 1950. ومعروف أن ميلادا من أعظم العقول وقتها وألهمت أولئك الذين التقوا بها. وهز إعدامها العالم وأثار ردود فعل قوية ومتحمسة فى العديد من الدول والأفراد المشهورين فى جميع أنحاء العالم، ولقد أشار الفيلم لمناشدة كل من ونستون تشرشل، وألبرت أينشتاين، وإلينور روزفلت، السلطات هناك بعدم إعدامها. الفيلم الذى تم تصويره فى العديد من المواقع الأصيلة، مثل قاعة المحكمة التى وقفت فيها ميلادا قبل 68 عامًا، وركز بشكل أساسى على الفترة الزمنية بين عام 1945 وعام 1950 عندما تولى الشيوعيون زمام الأمور، وهو لا يطرح الجوانب السياسية من قصتها فحسب، بل يقترب من حياتها الشخصية. الغريب أن شخصية ميلادا هوراكوفا قامت بها الممثلة أيليت زورر، الإسرائيلية التى لعبت دور البطولة فى ميونيخ لستيفن سبيلبرج. (عن مطاردة الموساد لأعضاء منظمة أيلول الأسود التى كانت وراء تنفيذ عملية ميونخ عام 1972 فيلم ذو أبعاد سياسية) وشاركت فى أفلام مثل الملائكة والشياطين مع توم هانكس، و«مآسى نينا» «Nina's Tragedies» و«قيامة آدم» «Adam Resurrected»، كما تعد آيليت من أبرز الممثلات الإسرائيليات، وعاشت فى تل أبيب وكان أبوها موظف حكومة كما كانت والدتها مختبئة فى «تشيكوسلوفاكيا» إبان الحرب العالمية الثانية، وبعد نهاية الحرب، اعادت العائلة جمع شملها ورحلت إلى تل أبيب، وبعدما انتهت آيليت من أداء الخدمة الإلزامية فى إسرائيل، توجهت إلى الولاياتالمتحدة إلى ولاية نيويورك حيث تعلمت أصول التمثيل. وظهرت النجمة السينمائية التشيكية آنا جيزلروفا فى دور المدعية الشيوعية السيئة السمعة لودميلا بروخوفا، هى واحدة من الممثلات التشيكية الأكثر شعبية ولعبت مؤخرًا دور عضو مقاومة فى فيلم Anthropoid، عن اغتيال رينهارد هيدريش. ولقد كان الدور يشكل تحديًا كبيرا لها لأنه عن شخصية مكروهة. وفى 11 سبتمبر من عام 2008 تم الحكم على لودميلا بروزوفا العضوة الوحيدة الباقية على قيد الحياة، وكانت تبلغ من العمر 86 عاماً بالسجن لمدة ست سنوات بسبب مساعدتها فى القتل القضائى لميلادا هوراكوفا. ثم تم الإفراج عنها فى ديسمبر من عام 2010 بسبب عمرها وسوء صحتها وتوفيت فى 15 يناير 2015 وفيلم ميلادا التجربة الأولى للمخرج التشيكى ديفيد واستمر العمل فيه لأكثر من عشر سنوات، وقامت ابنة ميلادا، «جانا كانسكا» بتقديم الدعم للفيلم من خلال مذكراتها ومذكرات أبيها، الى جانب قدر من المعلومات حصل عليها من الأرشيف ومن جميع الوثائق التاريخية. وقصة ميلادا معروفة لمعظم الناس فى جمهورية التشيك، وسمى شارع فى براغ باسمها. لكن الناس فى جميع أنحاء العالم لم يسمعوا عنها إلا بعد مشاهدة الفيلم، وعرض الفيلم فى مهرجان كارلوفى فارى السينمائى والعجيب أن الفيلم لم يحصل على التمويل المحلى. فريق التمثيل عن مزيج من الممثلين الدوليين والتشيكيين. وتم تصوير الفيلم بالألوان لكنه يتضمن بعض المقاطع السينمائية التاريخية أبيض واسود. الفيلم تناول حياة ميلادا هوراكوفا السياسية والمناضلة التشيكية، وتخرجت فى عام 1926. من 1927 إلى 1940 كانت تعمل فى إدارة الرعاية الاجتماعية فى سلطة مدينة براغ. أصبحت ميلادا هوراكوفا أيضاً من المحاربين البارزين للمساواة فى مركز المرأة. ثم فى عام 1929 انضمت إلى الحزب الاشتراكى الوطنى التشيكوسلوفاكى. تزوجت هوراكوفا زوجها بوهوسلاف هوراك فى عام 1927. وولدت ابنتهما، فى عام 1933. وعندما جاء الاحتلال الألمانى النازى لتشيكوسلوفاكيا فى عام 1939، أصبحت هوراكوفا نشطة فى حركة المقاومة السرية جنباً إلى جنب مع زوجها، لكن تم القبض عليها واستجوابها من قبل الجستابو فى عام 1940. وتم إرسالها إلى معسكر الاعتقال فى تيريزين ثم إلى سجون مختلفة فى ألمانيا. فى صيف عام 1944 تم محاكمة ميلادا هوراكوفا فى مدينة دريسدن الألمانية. وعلى الرغم من أن الادعاء طالب بعقوبة الإعدام، إلا أنه حكم عليها بالسجن لمدة 8 سنوات. وأطلق سراحها من الاحتجاز فى بافاريا فى أبريل من عام 1945 عن طريق القوات الأمريكية فى المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، عقب تحرير تشيكوسلوفاكيا فى عام 1945، عادت هوراكوفا إلى براغ وانضمت إلى قيادة الحزب الاشتراكى الوطنى التشيكوسلوفاكى الذى أعيد تشكيله، وأصبحت عضواً فى الجمعية الوطنية المؤقتة. ثم فى عام 1946، فازت بمقعد فى الجمعية الوطنية المنتخبة تمثل منطقة بوديجوفيس فى جنوب بوهيميا. وركزت أنشطتها السياسية مرة أخرى على دور المرأة فى المجتمع وكذلك على المحافظة على المؤسسات الديمقراطية فى تشيكوسلوفاكيا. بعد فترة قصيرة من الانقلاب الشيوعى فى فبراير من عام 1948، استقالت من البرلمان احتجاجاً على انقلاب الشيوعيين. وخلافاً للعديد من شركائها السياسيين، اختارت هوراكوفا عدم مغادرة تشيكوسلوفاكيا، وظلت نشطة سياسياً فى براغ. وفى 27 سبتمبر 1949، ألقى القبض عليها واتهمت بأنها زعيمة مؤامرة مزعومة للإطاحة بالنظام الشيوعى. واتهمت أيضاً باقامة اتصالات مع الشخصيات السياسية التشيكوسلوفاكية فى المنفى. بدأت محاكمة ميلادا هوراكوفا واثنى عشر من زملائها فى 31 مايو 1950. وقد أشرف على ذلك مستشارون سوفيت ورافقتهم حملة عامة نظمتها السلطات الشيوعية طالبت فيها بإعدام المتهمين. وقد تم تنظيم إجراءات المحاكمة مع الاعترافات من المتهمين تحت الإكراه، على الرغم من تسجيل الحدث الذى اكتشف فى عام 2005، كشف عن دفاع هوراكوفا الشجاع عن المثل السياسية لها. وحكم على ميلادا هوراكوفا بالإعدام شنقا مع ثلاثة متهمين فى 8 يونيو من عام 1950. تم تأكيد الحكم وأعدمت شنقاً فى سجن بانكراك فى براغ فى 27 يونيو عام 1950 وهى فى سن ال 48 عاماً. وكانت كلماتها الأخيرة: «لقد فقدت هذه المعركة ولكنى أرحل بشرف، وأنا أحب هذا البلد، وأنا أحب هذا الشعب، والسعى من أجل رفاهيتهم، وأرحل عن الحياة دون كراهية» الطريف أنه تم إلغاء الحكم الابتدائى فى يونيو 1968 بعد إعدامها بثمانية عشر عاما، ولكن بسبب الاحتلال السوفيتى لتشيكوسلوفاكيا فى تلك الفترة لم يتم إعادة اعتبار ميلادا هوراكوفا علنا، إلا بعد الثورة المخملية فى عام 1989 عندما سقطت الشيوعية فى تشيكوسلوفاكيا. وتم تغيير أحد الطرق الرئيسية فى براغ باسمها فى عام 1990. وفى عام 1991 حصلت على التكريم على أنها من ضحايا النظام الشيوعى تشيكوسلوفاكيا. الفيلم أشار إلى هروب زوج ميلادا هوراكوفا، بوهوسلاف هوراك، والذى تمكن من تجنب الاعتقال فى عام 1949، إلى ألمانياالغربية واستقر فى وقت لاحق فى الولاياتالمتحدة. ولم تستطع ابنتهما، يانا البالغة من العمر 16 عاماً الذهاب مع والدها إلا فى عام 1968، ولعب الدور روبرت جانت الممثل والمنتج الأمريكى.