تحل اليوم الذكرى التسعين لمولد الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر الراحل، والذي قاد المؤسسة الأزهرية لمدة 14 سنة، من عام 1996 ل2010 . ولد طنطاوي بقرية سليم الشرقية في محافظة سوهاج، تلقى تعليمه الأساسي بقريته، وأتم حفظ القرآن الكريم، ثم التحق بعدها بمعهد الأسكدندرية الديني عام 1944 م، وعندما انهى تعليمه الثانوي التحق بكلية أصول الدين والتي تخرج فيها سنة 1958م، ثم تخصص في التدريس 1959م، ثم حصل على الدكتوراه في التفسير والحديث عام 1966م . قدم الكثير من الفكر الإصلاحي والتجديدي في العالم الإسلامي.. صاحب العديد من التصريحات والفتاوى والمواقف التي أثارت الجدل حوله حتى وصلت إلى أن طالب البعض بعزله عن منصبه أو تقديم استقالته، هوالإمام الثالث الأربعون في ترتيب شيوخ الجامع الأزهر. التعليم والعمل حصل "طنطاوي" على الإجازة العالية "الليسانس" من كلية أصول الدين جامعة الأزهر 1958، وعمل كإمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف 1960، حصل على الدكتوراه في الحديث والتفسير العام 1966 بتقدير ممتاز، عمل كمدرس في كلية أصول الدين جامعة الأزهر 1968، ثم أستاذًا مساعدًا بقسم التفسير بكلية أصول الدين بأسيوط 1972، ثم انتدب للتدريس في ليبيا لمدة 4 سنوات، وأستاذ بقسم التفسير بكلية أصول الدين بأسيوط في 1976، فعميد كلية أصول الدين بأسيوط 1976. في عام 1980، انتقل إلى السعودية حيث عمل في المدينةالمنورة كرئيس لقسم التفسير في كلية الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية، ثم عين مفتيًا للديار المصرية في 28 أكتوبر 1986، وكان قبلها أستاذا جامعيا وكل المفتين قبله تدرجوا في سلك القضاء الشرعي، فشيخًا للأزهر في 27 مارس 1996 عين شيخًا للأزهر. مؤلفاته لطنطاوي العديد من المؤلفات منها، "التفسير الوسيط للقرآن الكريم"، "بنو إسرائيل في القرآن الكريم"، "معاملات البنوك وأحكامها الشرعية"، "الحكم الشرعي في أحداث الخليج"، وغيرها، كما كان حضوره الدائم في الإعلام مرتكزًا علي خطبة الجمعة بالجامع الأزهر وحديث الروح الذي كان يقدمه علي القناة الأولى. في عام 1995م، منحته جامعة "وستين متر" درجة الدكتوراه الفخرية في صنع السلام، وحرص الملك محمد السادس، ملك المغرب على الاستماع إليه في "الدروس الحسينية" بالمغرب، أثناء شهر رمضان من كل عام، وتميزت جلساته بأنها زاخرة بالعلم النافع والنابع من القرآن والسنة. تم أختياره رئيسًا شرفيًا للمؤتمر التاسع عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية المنعقد الذي انعقد في الفترة من 27 – 28 مارس 2007م عن "مشكلات العالم الإسلامي وعلاجها فى ظل العولمة"، والذي حضره ثمان وثمانون دولة ومنظمة إسلامية يمثلون مختلف قارات العالم. عرف بفتاويه ومواقفه القوية المثيرة للجدل فمن زاوية محبيه هو صاحب فكر ديني وسطي مستنير له العديد من المؤلفات الدينية أبرزها "التفسير الوسيط" للقرآن والذي طبع في 15 مجلدا فضلا عن رؤيته المستمرة للتجديد الديني وتجديد الأزهر مناهجا وفكرا ومن زاوية خصومه ومعارضيه له العديد من المواقف السياسية والدينية التي أثارت الجدل حوله. فتاوى هزت الرأى العام لشيخ الأزهر سيد طنطاوي النقاب حرية شخصية كان الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي من المدافعين عن حقوق المرأة وكان يرى أن ارتداء النقاب ليس فرضا وأنه حرية شخصية، ففي عام 2003 استقبل وزير الداخلية الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي في الأزهر وأيد طنطاوي وقتها القانون الذي أصدرته فرنسا بحظر ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات الحكومية واعتبره شأنا داخليا فرنسيا. وأثار طنطاوي جدلا واسعا عام 2009، خلال تفقده أحد المعاهد الأزهرية وإجبار طالبة في المرحلة الإعدادية الأزهرية على خلع النقاب وقال لها إن "النقاب عادة وليس عبادة وليس له علاقة بالدين من قريب أو بعيد" وأصدر وقتها قرارا يقضي بمنع الطالبات أو المدرسات من دخول المعاهد الأزهرية بالنقاب. أثارت تلك الواقعة سخطا وغضبا كبيرا ضد الإمام الأكبر وطالب عدد من نواب مجلس الشعب آنذاك بعزله من منصبه إلا أن طنطاوي وجد مساندة من علماء مجمع البحوث الإسلامية الذين أيدوا قراراته لقائه مع شيمون بيريز انتشرت عام 2008 صورا للشيخ طنطاوي أثناء مصافحته الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز خلال مؤتمر "حوار الأديان" الذي نظمته الأممالمتحدة والسعودية بنيويورك، وفوجئ وقتها طنطاوي بهجوم كبير من خلال البرلمان والصحافة عقب مصافحة الرئيس الإسرائيلي وطالبه بعض نواب البرلمان بالاعتذار وتجددت المطالبات بعزل شيخ الأزهر مرة أخرى من قبل عدد من الصحفيين والشيوخ منهم "مصطفى بكري، حمدين صباحي، وحمدي رزق". وبرر محمد طنطاوي موقفه بأنه لا يعرف شكل بيريز وأنه كان ضمن عدد من الأشخاص الذين تقدموا بالمصافحة مستنكرا الهجوم عليه مؤكدا أن الأمر طبيعي وخاصة أنه دولته معترف بها وأن بيريز نفسه كان في زيارة لمصر قبل مصافحته بأشهر قليلة. وتجددت المطالب البرلمانية عام 2009 والتي تدعو لعزل طنطاوي من منصبه على خلفية جلوسه مرة أخرى مع شمعون بيريز على منصة واحدة خلال مؤتمر حوار الأديان الذي عقد في كازاخستان. جلد الصحفيين وفي فتوى أثارت حوله جدلا وسخطا كبيرا أصدر شيخ الأزهر الأسبق عام 2007 فتوى تدعو إلى "جلد الصحفيين" الذين نشروا أخبارا عن مرض الرئيس الأسبق حسني مبارك. وقال وقتها شيخ الأزهر مبررا فتواه إن "الصحافة التي تلجأ لنشر الشائعات والأخبار غير الصادقة تستحق المقاطعة وحرام شراء القراء لها" معتبرا أن الجلد "هو إقرار لحكم الله ليس فيمن يرتكب رمي المحصنات فقط ولكنه حكم شرعي عام لجميع الناس ولا يقصد به فئة معينة أو فلان من الناس" وأثارت الفتوى موجة غضب شديد بين الصحفيين وطالب عدد منهم بعزله. الفوائد البنكية حرام أم حلال؟ في عام 1989 شغل الشيخ طنطاوي منصب مفتي الديار المصرية وأصدر فتوى يحرم فيها فوائد البنوك والقروض باعتبارها ربا يحرمه الإسلام، وقال طنطاوي إن "الربا هي زيادة مال في معاوضة مال بمال دون مقابل، وأجمع المسلمون على تحريم الربا، والربا في اصطلاح فقهاء المسلمين هو: زيادة مال في معاوضة مال بمال دون مقابل، وحرم الربا بهذا المعنى، وإيداع الأموال في البنوك أو إقراضها أو الاقتراض منها بأي صورة من الصور مقابل فائدة محددة مقدما زمنا ومقدرا يعتبر قرضا بفائدة، وكل قرض بفائدة محددة مقدما حرام". وعام 2003، تحدث طنطاوي عن فوائد البنوك قائلا إن "مسألة تعهد البنك أمام العميل بمنحه فائدة مالية بمقدار 10% فوق المبلغ الذي يضعه على أن يتسلم المبلغ بعد عام وأصبح البنك وكيلا عن الشخص في إدارة أمواله ضمن نشاط تجاري محسوب ودقيق لمدة عام كامل، في هذه الحالة تكون الفائدة البنكية حلال" مضيفا أن تحديد الربح في زمننا هذا فرض على البنوك وغير البنوك لأن عدم التحديد سيؤدي إلى ضياع حقوق الناس. إباحة نقل أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام على هامش فعاليات مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عام 2009 والذي ناقش الأمور الشرعية والطبية لنقل الأعضاء البشرية قال فضيلة الإمام الأكبر إنه "يجوز نقل أعضاء بشرية من المحكوم عليه بالإعدام في جرائم القتل العمد وهتك العرض وذلك بعد تنفيذ الحكم بحقهم لربما يخفف الله عنه إذا تبرع بأعضائه، مضيفا أن من نفذ بحقه حكم الإعدام ليس له حق في أن يكون له ولاية على جسده شرعا بعد إعدامه في تلك القضايا وتصدق تنفيذ الحكم على أن يكون ذلك النقل لإنقاذ حياة مريض وبدون مقابل أو موافقة من أهله". وفاتة توفي الإمام الأكبر صباح يوم الأربعاء 24 ربيع الأول 1431 ه الموافق 10 مارس 2010 في الرياض عن عمر يناهز 81 عاما إثر نوبة قلبية تعرض لها في مطار الملك خالد الدولي عند عودته من مؤتمر دولي عقده الملك عبد الله بن عبد العزيز لمنح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام للفائزين بها عام 2010، وقد صليَّ عليه صلاة العشاء في المسجد النبوي الشريف في المدينةالمنورة ووري الثرى في مقبرة البقيع، وقد نعته الفعاليات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي خاصةً مصر، حيث أصدرت فيها جماعة الإخوان المسلمين والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونقابة الأشراف والمجلس الأعلى للطرق الصوفية بيانات عزاء للعالم الإسلامي في وفاة طنطاوي.