تسببت الصورة التي تداولها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بشأن بيع الأدوية على الأرصفة بسوق الجمعة بمنطقة إمبابة غضب الكثير من المواطنين، خاصة أن تلك الأدوية يجهل مصدرها ، والمكان الوحيد المنوط بمهمة بيع الأدوية والشراء منها هو الصيدليات، منتقدين غياب الرقابة على تلك الأدوية. والغريب في الأمر إقبال المواطنين على تلك الأدوية، فالبعض ينتابهم الفضول لمعرفة أسعار ها ومصدرها، والبعض الآخر يقف لكي ينظر على تاريخ صلاحيتها محاولًا إقناع عقلة بجودة تلك الأدوية من أجل شرائها، دون الأخذ في الإعتبار المكان والطريقة التي تعرض بها تلك الأدوية. ويعد ذلك تطور خطير لعمليات إنتشار بيع وغش الأدوية مجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية وغير المصرح بتداولها، وبذلك يحقق بائعو تلك الأدوية أرباحًا كبيرة على جثث الباحثين عن الشفاء، فضلًا عن المزيد من الكوارث في أجسام المرضى. كان الدكتور أحمد عماد الدين راضي وزير الصحة السابق، أصدر قرار رقم 115 لسنة 2017، يلزم جميع شركات الأدوية بقبول المرتجعات "الأدوية منتهية الصلاحية" خلال عام، وذلك لضمان سحبها من أسواق الدواء وتنظيف السوق منها تمامًا، ولكن كالعادة لا توجد رقابة تنفذ تلك القرارات بحاذفيرها. ومن المتعارف عليه في الفترة الماضية أن أسعار الأدوية قد ارتفعت كثيرًا، ووصلت لمستوى لا يقدر المواطن على تحمله، فضلًا عن إختفاء بعض الأدوية من الصيدليات، كل هذا جعل هؤلاء الباعة يفكرون في جلب أدوية وبيعها في الأسواق الشعبية بثمن بخس من أجل الربح، لاغين ضميرهم تجاه هذا المواطن الحيران المتخبط في إرتفاع الأسعار من حوله. ولأنها ظاهرة غريبة على المجتمع المصري انتشرت ودوت أصواتها في المواقع الإخبارية، فضلًا عن السوشيال ميديا كسرعة البرق . لذلك قرر محرروا "بوابة الوفد" التجول وسط الأسواق الشعبية بمنطقة امبابة، من أجل رصد ظاهرة بيع الأدوية المسروقة والمغشوشة على الأرصفة. في البداية تجولنا في كل شبر داخل سوق امبابة لكي نعثر على هؤلاء التجار، وأخذنا نسأل المارين والمتواجدين هناك عنهم ولكن بصفة متخفية على أننا نريد الشراء وليس كصحفيين، في محاولة منا للوصول لتلك السيدة التي تبيع الأدوية على الرصيف. البعض من التجار المتواجدون في السوق ظهر على ملامحهم القلق من سؤالنا ظنًا منهم أننا مفتشين من وزارة الصحة، والبعض الآخر ظن أننا من الشباب المتعاطي ل "شرائط البرشام المضروبة"، فتحفظوا على ما لديهم من معلومات واكتفوا بالصمت خوفًا من إيقاع أنفسهم بالمشاكل. وبعد التجول والسؤال لم نجد أثر لتلك السيدة، ويبدوا أنها اختفت خوفًا من الإيقاع بها من قبل الرقابين، ولكننا لم نكتفي بذلك، فقمنا بسؤال أصحاب المحال والمفترشات والسائقين بالمنطقة حتى "الزبالين"، وبدورهم أكدوا على وجود امراة تبيع أدوية على الرصيف ولكنها أتت ليوم واحد فقط واختفت بعدها. أمر طبيعي في الأسواق الشعبية أن تجد روبابيكيا وأشياء ليس لها قيمة تباع على الأرصفة ولكن الملفت هو وجود أدوية تباع وتشترى " هكذا قال أحمد منصور أحد البائعين في سوق امبابة. وأضاف" أنه ذهل في الجمعة الماضية من وجود سيدة تفترش على الأرض أدوية لا يعلم مصدرها، بل والمفجع في الأمر هو إقبال المواطنين عليها، واصفًا إياهم بجهلة المجتمع المصري". وأكد على أن تلك السيدة لم تأتي إلا ليوم واحد فقط واختفت بعدها، بسبب إنتشار خبرها على مواقع السوشيال ميديا في وقت قصير، مما جعلها تخاف من المسئولين، مؤكدًا على أنها استأجرت المكان الذي افترشت فيه بضاعتها المغشوشة ب 10 جنيهات من أرضية سوق امبابة" البلطجية"، لافتًا إلى أنها كانت تبيع العبوة ب 3 جنيه. وتابع رشدي عنتيرة صاحب محل قهوة بسوق امبابة، أنه لم يرى السيدة التي تبيع الأدوية المغشوشة، ولكنه سمع عنها من أحد الجالسين بقهوته وهو يتحدث بإستياء شديد مما رآه، ومن الحال الذي وصل إليه المواطن البسيط. وطالب وزارة الصحة بالتصدي لهؤلاء البائعين الذين غابت ضمائرهم وكساها الجشع والطمع للمال، مؤكدًا على أنه إن لم يوجد حل سريع للقضاء على تلك الظاهرة، سوف يعود هؤلاء التجار بكثرة لممارسة بيع الأدوية المنتهية الصلاحية في الأسواق الشعبية . وقالت سيدة من المارين بسوق امبابة، أنها رأت السيدة التي تبيع تلك الأدوية المضروبة يوم الجمعة الماضية، واختفت بعدها مباشرة بعد فضحها على " الفيسبوك"، متوقعة أنها ستختفي عن الوسط فترة لحين هدوء ونسيان الموضوع ورفع أعين المسئولين والرقابة على الأسواق، وستظهر بعدها مرة أخرى لتمارس عملها المجرد من كل معاني الإنسانية، على حد وصفها. وناشدت وزارة الصحة بضرورة التدخل وفرض سيطرتها وتشديد الرقابة على أماكن بيع الأدوية، حفاظًا على صحة الموطنين. "الحق في الدواء" يعلق على تداول صور بيع الأدوية على الرصيف بسوق الجمعة : علق محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء، على ما تم تداوله من صور على مواقع التواصل الاجتماعي لبيع الأدوية على الرصيف بسوق الجمعة، أنه منذ فترة كان هناك بعض الأشخاص التي تبيع أدوية وعقاقير طبية مغشوشة في رمسيس وإمبابة والسيدة، وتم التعامل معهم واتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضدهم. وأكد فؤاد خلال مداخلة هاتفية على قناة "إكسترا نيوز" الإخبارية، أنه وجد مؤخرا سيدة تتاجر في الأدوية غير المصرح لها للبيع ومنتهية الصلاحية في سوق الجمعة، لافتا إلى أن هناك بعض الأشخاص التي تشتري الدواء من المنازل بأسعار منخفضة جدًا. وتابع: "أن هناك أدوية في الصيدليات منتهية الصلاحية تساوي قيمتها مبلغ 650 مليون جنيه، وبالتالي يلجأون لبيعها"، مؤكدًا أن هناك دخلاء ليس لهم علاقة بمهنة الصيدلة، ويعملون دون علم الصيادلة. تعليق "صحة النواب" على بيع الأدوية في سوق الجمعة : علقت الدكتورة ايناس عبد الحليم وكيل لجنة الصحة بالبرلمان، على صور الأدوية المنتهية الصلاحية التي تباع على الأرصفة فى سوق الجمعة، قائلة: "إن هذه الأدوية تعكس صورة سلبية عن مستوى العلاج فى مصر، وأن مسئولية الرقابة على الأدوية المغشوشة التى تباع فى الأسواق تتحملها وزارة الصحة وشرطة المرافق فضلًا عن المكان الذى تعرض فية الأدوية". واستنكرت "عبدالحليم" فى مداخلة هاتفية فى برنامج "اليوم" المذاع على فضائية "DMC"، أن تباع الأدوية فى الأسواق الشعبية، لافتة إلى أن تلك الأسواق مكان تباع فيه السلع الاستهلاكية وليس الأدوية.