التعطيل المتعمد من جانب الأغلبية في البرلمان، لتأسيسية الدستور يعني كسب الوقت، لتعمد عدم إصدار الدستور الجديد للبلاد قبل 30 يونيو، وبذلك تجري الانتخابات الرئاسية أولاً وبذلك تتحقق رغبة جماعة الاخوان المسلمين!!، أتمني ألا يحدث ذلك علي الاطلاق، ويتم تشكيل تأسيسية الدستور لضمان اصدار الدستور الجديد للبلاد بالتوازي مع انتخابات الرئاسة، حتي يأتي 30 يونيو القادم وقد انتهت الفترة الانتقالية، وتم تسليم البلاد إلي سلطة مدنية ديمقراطية منتخبة. الواضح والظاهر ان الأمور تسير علي خلاف هذه الرغبة وكأن الأغلبية في البرلمان، لديها قناعات وضمانات بأن الرئيس القادم سيكون من بين مرشحيها للرئاسة.. وطبعاً هذا لا يقبله العقل ولا المنطق.. ومن أين جاءوا بهذه الثقة المتزايدة في نجاح مرشح لهم؟!.. ولذلك فإن الاخوان يتعمدون تعطيل تشكيل تأسيسية الدستور، وبذلك يحققون رغبتهم في اجراء الانتخابات الرئاسية أولاً.. علي الصعيد الآخر، سنجد أن المجلس العسكري يسعي بكل قوة إلي اجراء الانتخابات الرئاسية واصدار الدستور قبل 30 يونيو، تمهيداً إلي عودة القوات المسلحة إلي ثكناتها وتسليم البلاد إلي السلطة المدنية المنتخبة إذن لماذا الاصرار الشديد من جانب الاغلبية في البرلمان علي تعطيل نقل السلطة؟ ويتمثل ذلك أيضاً في الموقف المحير الغريب بشأن إسقاط حكومة الجنزوري، ورغم أنني غير راض عن أداء هذه الحكومة ولا أتعاطف معها علي الاطلاق، إلا أن المدة المتبقية لهذه الحكومة والتي تقل من الآن عن شهرين، ستعيد البلاد إلي قضية اخري وهي مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة؟!.. فما الداعي إذن لتغيير الحكومة في هذا التوقيت؟! هل تخشي الاغلبية في البرلمان مثلاً أن تجري الانتخابات الرئاسية تحت اشراف هذه الحكومة؟! هل لدي الاغلبية في البرلمان قناعة بأن هذه الحكومة ستقوم بتزوير الانتخابات الرئاسية؟!.. لا اعتقد ذلك أبداً لأسباب كثيرة أهمها علي الاطلاق أن الشعب المصري العظيم لن يقبل أن تتم عمليات تزوير في الانتخابات من جانب أي جهة كانت ومن هنا تصبح عملية تغيير الحكومة في هذا التوقيت عملية تعطيل غير مبررة لنقل السلطة في موعدها المحدد. ومازلت عند الرأي القائل بضرورة أن تجري الانتخابات الرئاسية ويتم وضع الدستور في تزامن واحد، خلال هذه الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية.. وقد يرد قائل بأن المدة الباقية قليلة جداً ولا تكفي لإعداد الدستور واجراء الاستفتاء عليه من الشعب.. والحقيقة أنه لو صدقت النية فإن هذه المدة كافية، لتشكيل التأسيسية ووضع الدستور.. فالحقيقة أن الازمة الحالية هي في تشكيل التأسيسية، ومحاولة الاغلبية في البرلمان الانفراد بها، واتباع سياسة الإقصاء لباقي التيارات والقوي الوطنية الاخري. ورغم لقاء المشير حسين طنطاوي واتفاقه مع أكثر من 22 حزباً سياسياً وقوي وطنية علي معايير التشكيل، إلا أن تشريعية البرلمان فاجأت الجميع برفضها هذا الاتفاق دون الاعلان عن مبرر لهذا الرفض، اللهم إلا اذا كان الهدف الرئيسي من ذلك هو تعطيل التشكيل والاصرار علي وضع الدستور بعد انتهاء المرحلة الانتقالية وانتخاب الرئيس.. وهذا يقودنا إلي سؤال مهم هو: ما هو الهدف من ذلك؟!.. وهل ضمن أغلبية البرلمان الرافضة لوضع الدستور الآن، أن يكون كما قلت سابقاً أن يكون الرئيس القادم من بينهم، حتي يتم الانفراد بوضع الدستور طبقاً لهوي الرئيس القادم واغلبيته؟! الاوضاع الحالية خطيرة جداً وتنذر بوقوع كارثة، والوطن في غني عنها تماماً، فإذا كانت هذه خطة الاغلبية في البرلمان، فهل «العسكري» سيرضي بهذا؟!.. وهل الشعب المصري صاحب القرار الاول والاخير سيسكت علي هذا الوضع؟!