كتب- إسلام أبوخطوة: على مدى 111 عاماً ظل شاهداً على تاريخ مصر ومقصد الملوك والزعماء والمفكرين والسفراء؛ سعد زغلول، ومصطفى النحاس، وفؤاد سراج الدين، والملك فاروق، وحتى مصطفى محمود، وأنيس منصور، وقائمة كبيرة من المشاهير. وبدلاً من الحفاظ عليه كأثر تاريخى، قرر مسئولو محافظة القاهرة إعدامه.. هذه باختصار هى قصة حياة محل «هنهايات» وشارع 26 يوليو، ورقم 54، بشارع 26 يوليو، فور أن تطأ قدماك أمام العقار تجد لافتة مكتوباً عليها «شركة س هنهايات» تأسست عام 1907، وبحسب ما قاله عدد من أصحاب المحلات بالمنطقة، فإنَّ هذه الشركة خاصة ببيع الساعات وإصلاحها، ويعد هذا العقار الأشهر فى شارع 26 يوليو لما كان يحتويه من مقتنيات تاريخية، إلا أنه أصبح مجرد أطلال تتصدره تلال من الأتربة. عصام سيد أحمد، أحد أفراد الجيل الثالث الذى ورث مع إخوته «هنهايات» عن الجد أحمد سيد مصطفى، مدير المحل، ونقيب الساعاتية، وأوضح أن مشكلة العقار رقم 54 يكمن فى رغبة المحافظة فى هدمه برغم عدم وجود قرار رسمى بذلك، مشيراً إلى أن المحل يعد تاريخاً وتراثاً لمصر كلها.. وقال كان مقصداً للملوك والزعماء والمفكرين والسفراء، وغيرهم من الفنانين. وأضاف: فى 2008 أتعرض علينا 5 ملايين جنيه علشان نغير النشاط ورفضنا حفاظاً على التراث.. ويواصل: «محافظة القاهرة» تعرض علينا تعويضاً ما بين 5 إلى 7 آلاف للمتر الواحد فى حين أن العائلة رفضت ملايين الجنيهات مقابل الحفاظ على مقتنيات الشركة، مشيراً إلى أن شركة «هنهايات» أنشئت عام 1907 على يد خواجة يهودى يدعى «سالمون هنهايات»، فكان يعمل ساعاتى الملك فؤاد والعائلة المالكة. وقال: العائلة المصرية التى اشترت الشركة ظلت محتفظة بالاسم الذى اشتهر به أقدم محل ساعات فى مصر والعالم العربى، كما أن الشركة احتفظت، أيضاً، بطريقة العمل ذاتها التى كانت تعمل بها الشركة منذ انطلاقها. وقال عصام السيد، «الشركة كانت مقصداً دائماً للملك فاروق وأخواته الأميرات، فضلاً عن غيرهم من الباشوات والزعماء السياسيين، على رأسهم سعد باشا زغلول، ومصطفى النحاس، وفؤاد سراج الدين باشا، وكان يقصده أيضاً هدى شعراوى، وأم كلثوم، ومحمد القصبجى، ورياض السنباطى، وزكى رستم، وتحية كاريوكا، والأديب الكبير توفيق الحكيم، كما كان يقصده أيضاً وزير الداخلية الأسببق النبوى إسماعيل، والوزراء عمرو موسى، وحبيب العادلي، ومحمد عبدالحليم موسى، وقائمة طويلة من المفكرين فى مقدمتهم الدكتور مصطفى محمود، والكاتب أنيس منصور، والفنانون ليلى طاهر، ورشوان توفيق، ولقاء سويدان، وغيرهم. وقال «عصام»، إنَّ المحل عمل به بعض من اليهود الذين كانت لهم علاقة ب«رأفت الهجان» ورجل المخابرات المصرية الشهير منهم الخواجة سوسو ليفى، كما عمل به اليهودى مكس وميشيل، فيما انتحر كل من فانى كورتبرج وألبرت بعد خروج اليهود. وقال «عصام»، إن الشركة تحتفظ ببعض المقتنيات، منها منبه الملك فاروق الذى حاول الملك إصلاحه، ولكن كل من حاولوا إصلاح المنبه الخاص به فشلوا فى ذلك فأرسله الملك للشركة وكان والدى وقتها يبلغ من العمر 10 سنوات وقام بإصلاح المنبه، فأهداه له الملك. ويضيف: من ضمن المقتنيات أول منبه كهربائى، وساعة ماركة «زينيت» وهى عبارة عن منبه استوردته هيئة البريد المصرية الملكية من سويسرا لتحفيز المواطنين على الادخار لوجود حصالة خاصة بها، فمع دخول 10 قروش يعطى المنبه جرساً، مشيراً إلى أن كافة المصوغات كانت تأتى من جينيف. وتابعت «ريهام»، زوجة عصام فقالت إن حال المحل بدأ فى التدهور منذ دخول الساعة الصينى القاهرة فى أوائل الثمانينيات، وكان عدد العمال فى المحل يتجاوز 16 فرداً، ولكن خلال الشهور الماضية أصبح المحل يقوم على 3 أفراد فقط. وأضافت: «عصام زوجى ترك العمل بالصحافة ليتفرغ لإدارة وتشغيل المحل وشقيقه كابتن وليد سيد أحمد، ترك مجاله أيضاً لتخليد عمل آبائه وأجداده». وواصلت هدم المحل يقضى على آمالنا ويحطم مستقبلنا ويغرقنا فى الديون بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، مشيرة إلى أن عائلة الخواجة مؤسس الشركة ما زالت متواصلة معهم ومنذ شهور طلب أحدهم شراء صورة جده «سالمون» مقابل 30 ألف جنيه ولكنهم رفضوا.