" لما سعد الصغير يبقى فنان .. و توفيق عكاشة يبقى دكتور إعلامي ..وعمر سليمان سيستكمل أهداف الثورة ..يبقى طبيعي جدًا أفتح التلاجة..ملاقيش الهانم سايبة ولا قميص مكوى ..أروح واخد أي حاجة من الدولاب آكلها ..و أفتكر و أنا على السلم..إنى مش متجوز". . هذه ترجمة ساخرة للدكتور محمد غنيم لما أراه أنا تشريحا جيدا للواقع الذي نعيشه ونحياه، وأعتقد أنه لخص فيها حياة مصر الفنية والإعلامية والسياسية والاجتماعية والأسرية وحتى النفسية في أسطره القليلة جدا.. وسأتعرض معكم تلك الشرائح بالترتيب - من وجهة نظري أنا - أما الفنية فتتمثل في سعد الصغير أصبح فنانا ولا يمكن أن تلقاه في مكان ما أو لقاء ما وتخاطبه باسمه هكذا مجردا يا سعد ولا حتى الأخ سعد، لابد ان تقول الفنان كما تقول عن شعبان عبد الرحيم، وأمثالهما وهي لازمة "لزوم ما يلزم" ويرحم الله أبا العلاء المعري في" لزومياته" التي قرأناها خطأ وفهمناها خطأ أيضا والظاهر والله أعلم نطبقها على المجتمع أيضا خطأ. أما الإعلام وما أدراك ما الإعلام وقد استولى على ساحته توفيق عكاشة وهو الذي – في رأيي الشخصي- وأن تستمع له وهو يشرق ويغرب في قضايا الكون كله من مشرقه ومغربه فيشعرك أنك لا تساوي- في دنيا المثقفين والإعلاميين وحتى السياسيين كلهم "صفر على الشمال" أو كما قلت "فردة جزمة"، وإن كان البعض "نرفزته " هذه الكلمة، وعكسها قائلا:" تشعر أنه هو اللي فردة جزمة".. وهو نموذج ترجمة لحالة الإعلام الذي نحا نحوا مغايرا لرصانة الإعلام وثباته واحترامه لنفسه محافظا على كيان مؤسساته وعلى الهيبة التي أسبغها عليه المجتمع باعتباره مرآته والناطق باسمه والواصف لأمراضه وعلله، والطبيب الذي يستطيع أن يعالجه من تلك العلل والأسقام. ولعل حالة الارتداد الإعلامي لكثير من الإعلاميين تجسدت في الالتفات حول أنفسهم ومحاولة تغيير البوصلة إلى النظام القديم ممثلا في ظهور عمر سليمان للسطح إعلاميا بعد قرار ترشيحه للرئاسة وقد رأينا كبار القوم من الإعلاميين ارتدوا سريعا عن الثورة وولوا وجوههم نحوه ونسوا كل شيء عنه وأنه كان نائب الرئيس المخلوع وكان أحد أهم أركان نظامه. أما عمر سليمان فالمجتمع كله يصرخ في وجهه "ارحل" قبل أن يأتي.. وهي معادلة صعبة على عمر سليمان الذي خاض "المارثون الرئاسي" بعد تردد وصمت رهيب لمدة تزيد عن سنة كاملة، ثم تصريحه أنه لن يخوض ثم ارتداده عن تصريحه السابق ودخوله المضمار بهيئة رسمية تعضده عربات الرئاسة ومصفحاتها وتحيط به عساكر الحراسة كما لو كان رئيسا فعليا.. وقد قال الكثير إنه من غير المنطقي ان يكون عمر سليمان على وجه الخصوص هو من يقبله الشعب رئيسا وقد طرد الشعب رئيسه الذي اختاره نائبا له في أيام الثورة نفسها. وقد ترجمت المسيرات في الجمعة الماضية غضبة الشعب ضد ترشيحه وعدم قبوله بل إن البعض طالب بإقرار قانون " العزل السياسي" من اجله هو وأحمد شفيق المحسوب هو الآخر على النظام السابق.. وهدد البعض الأخر أنه ان كنتم تريدون أن يذهب من الشعب المصري شهداء آخرون في ميدان التحرير ومصابون أخرون ودماء كثرة تسفك فرشحوه والميدان هو الفيصل بيننا وبينه.. ولعل الجملة التي بدأت بها كلامي للدكتور غنيم أرتنا الحالة المتناقضة في مصر فنيا وإعلاميا وسياسيا وهذا ما يعود بالأثر السيء بالطبع على المواطن المصري الذي يبحث عن قميصه المكوي في الثلاجة فلا يجده، وهي ترجمة للحالة النفسية المزرية للمواطن.. ثم يستبد بالمواطن الجوع- وهو تعبير أيضا عن الفقر الذي بدأت رائحته تزكم الأنوف- فيهول ناحية الدولاب ليأكل أي حاجة.. وهو يتهم في ثلاجته ودولابه زوجته التي تقصر في أكله وشربه وكي ملابسه، ثم بعد ما يستبد به الحزن والأسى ينزل مهرولا على السلم ليتذكر أنه "غير متزوج" وهي قمة المأساة أن تجعلك الظروف الحالية في مصر تكاد تفقد عقلك، بعد ما فقدت كل شيء حلو وما أدراك ربما لو سألك أحدهم عن اسمك لقلت " والله مش فاكر اسمي ايه"؟؟ ** آخر الكلام ** قال رجل ل"بيرنارد شو" بسخرية : أليس الطباخ أنفع للأمة من الأديب ؟ فرد عليه : الكلاب تعتقد ذلك !