أعدت قراءة تقرير مجلس الشعب عن بيان حكومة الجنزورى عدة مرات فلم أجد أى شىء فيه يشير إلى أموال الصناديق الخاصة، أو إشارة تبرر الاتهامات التى وجهها النائب الإخوانى أشرف بدر الدين وكيل لجنة الخطة والموازنة إلى الوزراء والمحافظين والمسئولين بتقاضى مبالغ شهرية من هذه الصناديق تصل إلى ملايين الجنيهات، تحدى النائب فى جلسة البرلمان أى وزير يعلن للشعب ما يتقاضاه شهرياً من الصناديق الخاصة، وقال بدر الدين إيرادات الصناديق تصل إلى 100 مليار جنيه، وقدم المستندات الدالة على نهبها إلى رئيس مجلس الشعب، وثار الوزراء الذين كانوا فى الجلسة، ونفوا الاتهامات، وهدد بعضهم بالاستقالة إذا ثبت تقاضيهم هذه المبالغ، وانسحبوا من الجلسة، وحاول الدكتور سعد الكتاتنى رئيس المجلس احتواء الأزمة، وأعلن عدم وجود أسماء الوزراء فى المستندات التى سلمها له النائب أشرف بدر الدين، واعتذر النائب وقال إن الحكومة لا تعلم عن الصناديق الخاصة شيئاً، والمستندات التى تحت يده بها أسماء قيادات تعمل تحت يد الوزراء ويحصلون على مبالغ شهرية تصل إلى 100 مليون جنيه من أموال الصناديق! الخلاف السياسى بين الإخوان أو حزب الحرية والعدالة وحكومة الجنزورى وصل إلى الذروة، وأصبح يصعب احتواؤه، بعد أيام عسل قليلة حاول فيها الجنزورى فى احتواء نواب الإخوان بعد أن بدأ بمغازلتهم فى أول لقاء فى الجلسة التى أعقبت تكليفه بالمسئولية من المجلس العسكرى، حيث قال الجنزورى فى أول مواجهة مع النواب: سبحان الله أرى وجوهاً لم يكن مسموحاً لها من قبل بالتواجد هنا.. وصفق له الإخوان والسلفيون وبعد أيام قليلة دعا نواب الإخوان حكومة الجنزورى إلى تقديم استقالتها أو إقالتها عن طريق اللائحة والاستجوابات وبدأت عملية الكر والفر بين الجانبين. يرى الإخوان أن حكومة الجنزورى فاشلة، وخططوا لتشكيل حكومة ائتلافية، وصدر تقرير لجنة الرد على بيان الحكومة برفض البيان، واتهموه بالإنشائى ولا يعبر عن حكومة إنقاذ ولا يلبى متطلبات المرحلة. باختصار أن مجلس الشعب يحاول تطليق الحكومة بالثلاثة ويرفض بيانها من أجل الرفض وليس من واقع تقييم الأداء، بدليل أن لجنة برلمانية انتقدت الحكومة لأنها لم تذكر شيئاً عن المستقبل وأخرى انتقدتها لأنها تتحدث عن رؤى تتعلق بالأجل الطويل، ولجنة قالت إنها تتعامل على كونها حكومة انتقالية أو حكومة تصريف أعمال، وأخرى قالت إنها تتجاوز الفترة المحددة لها ويجب أن تتحدث عن مشروعات قصيرة الأجل بما يعرف ببرنامج المائة يوم! وإذا كان الإخوان يريدون إقالة الحكومة عن طريق الإجراءات الدستورية واللائحية فهذا حقهم، ولكن لا يجوز الادعاء على الوزراء بتقاضى مبالغ شهرية من أموال الصناديق الخاصة بدون دليل، ولا يعنى أن النائب لا يؤاخذ على ما يبديه من آراء وأفعال تحت قبة البرلمان أنه مسموح له بإثارة البلبلة والادعاءات الكاذبة لتحقيق أهداف سياسية على حساب الحقيقة. أنا لا أدافع عن الحكومة فإذا كانت فاشلة ترحل لكن لابد من البحث عن المتهمين الحقيقيين بالاستيلاء على أموال الصناديق المنهوبة لأن اطلاق الاتهامات بدون دليل غير جائز. أما التجاوزات التى وقع فيها النائب فإنها تخالف القسم باحترام الدستور والقانون، لأنه ليس من القانون أو الدستور أو حتى رعاية مصالح الشعب أن يتهم أبرياء بالسرقة لتحقيق هدف سياسى وهو تعيين رئيس وزراء الجماعة! أطالب الدكتور سعد الكتاتنى بأن يعلن الأسماء التى اتهمها النائب بالاستيلاء على أموال الصناديق الخاصة وإحالة المستندات التى تقدم بها إلى النيابة، وتكليف جهاز المحاسبات بإعداد تقرير عن أموال الصناديق الخاصة، وأوجه إنفاقها وعددها وجدواها، وإذا ثبت عدم صحة ما جاء فى هذه المستندات يحال النائب للتحقيق أمام حزبه أو هيئته البرلمانية وإعلان القرار فى مجلس الشعب حرصاً على المصداقية.