خرج شباب المطرية يوم الثامن والعشرين من يناير رافعين أيديهم منادين سلمية سلمية، بعضهم لا صلة له بالسياسة من قريب أو بعيد فكل ما يشغل بالهم هو البحث عن لقمة العيش، إلا أنهم لم يستطيعوا منع أنفسهم من مد يد العون لمصاب هنا أو هناك، وكان الجزاء أن أصابهم رصاص الغدر ليفز منهم 33 شابا بالشهادة في مذبحة تشابهت وقائعها مع مذابح أخرى شهدها أهالي المعادي وامبابة والسويس والاسكندرية. رصاصة في صدر ملاك طارق محمد عامر،رب أسرة في ال33 من العمر، يعمل بإحدى شركات الغاز الطبيعي وله أربعة أبناء، تصفه حماته "بالملاك" فبعد وفاة والده تولى مسئولية والدته وإخوته الأربعة. عن يوم الحادث تقول: بعد أداء طارق صلاة الجمعة ذهب ليطمئن علي أسرته، وعند عودته لمنزله فوجئ بشرطة قسم المطرية يفرقون الشباب العزل الذين كانوا ينادون بإسقاط النظام الفاسد بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم الميري. ويضيف الحاج "أحمد" زوجها: لم يكن لصهري طارق أي نشاط سياسي كل ذنبه أنه ركض كغيره من شباب المنطقة هروبا من الغدر، إلا أن رصاصة اخترقت صدره وبشهادة الجميع، وحينما حصلنا على التقرير الطبي بعد 17 يوما من الوفاة فوجئنا بأن السبب المكتوب جرح في منطقة الصدر، وعندما اعترضنا أخبرونا بالمستشفى أنه لايمكن التعرف على سبب الوفاة إلا بعد العرض على الطبيب الشرعي، وأن الجثة تحت تصرف النيابة. لن نتقبل العزاء " محمود عبد الشافي " شاب في الواحد والعشرين من عمره، خرج من منزله في الثالثة من عصر يوم 28 يناير متجها إلى عمله في وحدة الجيش التابع لها، ليفاجأ أخوه بعد عشر دقائق بأصدقائه يحملونه مصابا، وفي مستشفى المطرية علم أنه أصيب بثلاث رصاصات في القدم واليد والطحال، وبعد ست ساعات قضاها في غرفة العمليات خرجوا عليه قائلين البقاء لله. تقول والدته: محمود أصغر أبنائي وأكثرهم قربا مني خاصة وقد تربى يتيما، وكنت أفتخر بأدبه وحسن تعامله مع الصغير والكبير، وضعت فيه آمالا وأحلاما وكنت أشعر أن له مستقبلا كبيرا، كان يحلم بكل ما هو جميل له ولكل من حوله. وتؤكد والدة محمود أنها لن تتلقى العزاء في ابنها الشهيد، ولن يبرد قلبها إلا حينما يؤتى بحبيب العادلي ويرشق أبناؤه أمام ناظريه بالرصاص، ربما يشعر بما يشعر به آباء وأمهات شهداء رصاص رجاله الغادر الذي أصاب أبناءهم في ظهورهم، ثم يعدم هو قتلا بالرصاص. تقارير خاطئة أما " نبيل طاهر" الذي لم يتجاوز 27 عاما والموظف في إحدى الشركات التابعة لشركة اتصالات مصر، فلم تختلف ظروفه كثيرا عن غيره من شهداء المنطقة، كما يروى أخوه حمدي ، فنبيل خرج مع صديقه في الثامنة والنصف من مساء 28 يناير، وأثناء وقوفهما عند المنزل بجوار قسم الحدائق، إذا بهما يسمعان طلقات الرصاص ويشاهدان الشباب مابين مناد بالحرية و حامل لمصاب وآخر يضع الحواجز أو يفض اشتباكات مع رجال الشرطة الذين تعاملوا بشكل غير آدمي مع هؤلاء الشباب العزل. وبين دمعة الشوق للأخ الأصغر الذي اقتصرت أحلامه على العيش بكرامة، وبين نبرة الفخر بروح الشهيد يتابع حمدي: ذهب نبيل لمساعدة أحد المصابين ليصاب هو بطلق ناري أسفل العين، وبسبب انقطاع خطوط الموبايل يوم الجمعة، اتصل بي أحد أصدقئه في الثانية عشرة من ظهر يوم السبت وأخبرني أنه في مستشفى الدمرداش. وعن التقرير الطبي يقول: في البداية قالوا: إن الوفاة طبيعية، فلم تكن توجد نيابة أو مصدر تحقيق، ولأن همي الأول كان دفن أخي فقد وافقت على ذلك، ثم عدت للمستشفى فوجدت لديهم بقايا ضمير وكتبوا سبب وفاة كل حالة على حدة، وكان سبب وفاة أخي طلقا ناريا في الرأس أدى لنزيف ثم وفاة. أربع رصاصات.. والإصابة سطحية! لم يقتصر ضحايا المطرية على الشهداء فقط، فحتى الذين كتب الله لهم النجاة من الموت على يد زبانية الشرطة وقع بعضهم تحت يد أطباء انتزعت من قلوبهم الرحمة فكادوا أن يفقدوا أرواحهم أيضا ولكن في هذه المرة نتيجة الإهمال. "محمد حسين " واحد من ضحايا الإهمال الذين قابلناهم من مصابي الثورة، يصف ماحدث له قائلا: خرجت من مسجد نور المحمدي في ميدان المطرية بعد صلاة الجمعة28 يناير، وكغيري من السكان انضممنا لمسيرة سلمية ضمت حوالي 15 ألفا من سكان المنطقة، منادين بتحسن الأوضاع في بلادنا ، وأن يتولى الأمر أناس صالحون يحرصون على مصلحة الشعب، إلا أننا فوجئنا بالشرطة تطلق أعيرة نارية، تصورنا في البداية أنها مجرد تخويف أو إنذار، لكننا فوجئنا بالشباب والرجال يتساقطون أمام أعيننا، حتى وجدت نفسي مصابا وتم نقلي لمستشفى المطرية التعليمي. ويتابع محمد أصبت بأربع طلقات اثنتين أسفل الرجل اليمنى والثالثة في الفخذ الأيسر، أما الرابعة فأسفل الساق، لم أكن أعرف تحديدا ما إذا كان الطلق مطاطيا أم رصاص حي، وبعد إجراء الكشف والأشعات والأدوية التي تحمل كل مصاب منا تكلفتها، قام الأطباء بتجبيس قدمي اليسرى وكتبوا لي خروج في اليوم الثاني زاعمين أن الإصابة سطحية. بعد يومين ساءت حالة محمد فعاد لمستشفى المطرية التعليمي فأعادوا تجبيس قدمه من جديد، ولما لم تتحسن حالته عرض نفسه على أخصائي عظام بمستشفى كبير، والذي أخبره بضرورة إجراء جراحة عاجلة لاستخراج الرصاصات الأربع التي تبين من الأشعات أنها رصاصات حية، والذي أخبره أيضا بأن قدمه اليمنى هي التي بحاجة للتجبيس !! إصابة محمد ومعاناته لم تمنعه من شهادة حق لصالح العساكر والمجندين من قوات الشرطة الذين هاجموهم في هذا اليوم، حيث وصفهم بالمغلوبين على أمرهم، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن جميع سكان ميدان المطرية شهود عيان على أن مأمور وضباط قسم شرطة المطرية قاموا بإخراج المسجلين خطر الموجودين في القسم وأعطوهم أسلحة نارية، لكن المسجلين انقلبوا على المأمور الذي ظل مختبئا في المسجد حتى السادسة من صباح يوم السبت حتى تم تهريبه على موتوسيكل. شاهد الفيديو شهيد المطرية طار ق محمد عامر شهيد المطرية محمود رضا شهيد المطرية مدحت طاهر محمد حسين احد مصابي مجزرة المطرية