رحل عنا إلى حيث عالم الحق وعالم العدل وعالم الديمومة الأبدية فأصبح بين يدى الواحد الأحد الذى بيده ملكوت كل شيء وإليه المصير. رحل عنا وليس كل من يرحل يبقى حيا فى الذاكرة ولا كل من يفارق يغيب أو كل من يغيب عن الرؤية يظل وجهه ماثلا أمام العيون. رحل البابا شنودة فانطبق عليه قول الشاعر: الناس صنفان موتى لا حياة لهم وآخرون ببطن الأرض أحياء ذلك لأنه فى معرض العقول كان ذكيا نابها. وفى معرض القلوب كان قلبه نابضا عامرا بالمحبة متدفقا بالخير. وفى معرض الوطنية كان فى مقدمة المخلصين. أما فى معرض العشق لم يكن له طيلة حياته من عشق سوى عشق مصر. مثلما كان قلبه – الذى ليس ككل القلوب - لا يخفق أولا وثانيا ودائما إلا لها ولخير أبنائها. أما لماذا كان قلبه ليس ككل القلوب فلأنه قلب شاعر. والشعراء فى الدنيا قليلون خاصة إذا كانوا من العلماء المخلصين أو من رجال الدين الحقيقيين. لأن الشعر هو عاطفة تنبض ومشاعر تشتعل وهوى جامح كثيرا ما يحيد بصاحبه عن دائرة الحكمة ويخرج به على حد الانضباط الذى يلتزم به المعلمون ويتميز به كل من وهب نفسه للحقيقة أو أصبح من رجال الله إلا فى حالات محدودة لا يقدر على الجمع فيها بين النقيضين: العقل الهادئ الكيّس الواثق إلى حد البرودة كيما يستطيع الحكم ويقدر على الاستنتاج والاستخلاص والربط ويصبح قادرا على التمييز من جهة ؛ والعاطفة المشتعلة والمشاعر النابضة والأحاسيس المرهفة النابضة من جهة أخرى. أى حين تتيح الموهبة أن يصبح الحكيم الهادئ المتعقل شاعرا فنانا؛ وأن يصبح الشاعر الجامح المتمرد المنطلق حكيما عارفا ومتأملا. ثم حين يصبح ذلك كله معا رجل دين وراعيا وأبا يفيض بالمحبة ويلتمس الأعذار ويتحلى بالصبر ويتجمل بالحكمة. وكذلك كان الرجل الذى ألهم وطنه وعلم مواطنيه أن يقول كلمة خالدة تضبط إيقاعهم إذا انفلت. وتهدئ من توترهم إذا استبد بهم الانفعال. وقبل كل شىء تقرب بين قلوبهم إذا تفرقوا. وتؤلف بين عقولهم إذا اختلفوا. وتذكّرهم بأنهم إخوة إذا حاول مغرض أو واش أو خائن أو عميل أن يشعل بينهم فتنة أو أن يسعى إلى تفكيك بتحريض. وكانت الكلمة الخالدة من البابا شنودة هى «مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا»..! فأى صدق وأى إخلاص وأية بلاغة وطنية جامعة شاملة لم يعرف المصريون كلمات مثلها منذ علمهم زعيمهم مصطفى كامل أن يهتفوا قائلين: «بلادي.. بلادي.. لك حبى وفؤادى».. «لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا»!.. ومنذ لحنها وحفظها لهم فنانهم الخالد سيد درويش. ومنذ أن صرخ أمير شعراء العربية أحمد بك شوقى من أعماق قلبه ملتاعا معذبا فى منفاه: وطنى لو شغلت بالخلد عنه نازعتنى إليه فى الخلد نفسى ثم ما جسدته ثورة الخامس والعشرين من يناير وصورته وعبرت عنه فى صدق أذهل العالم حينما صدحت القلوب وهتفت الحناجر فى وجه الظلم والاستبداد والتفرقة والقهر «إيد واحدة». ثم بلغ ذروة عظمته التى لم يصل إليها خيال فى الصلاة المشتركة مع القداسات فى ميدان التحرير والقلوب متوجهة إلى الله وحده داعية أن ينقذ مصر للمصريين الذين وضأتهم قطرات مياه النيل تصبها الفتية والفتيات.. المسيحيون والمسيحيات على أيدى ووجوه إخوتهم وأخواتهم المسلمين والمسلمات ثم يتناوبون الحراسة والحماية حتى يصلو صلاة الخوف وينتهى القداس المرفوع إلى السماء! ذلك كله كان يشعر به الحبر الأعظم وكان يحبه على طريقته الهادئة ويباركه بدعواته وصلاته حنان قلبه الكبير الذى طالما ارتفع فوق هوة الخلاف وقفز على لهيب الأزمات حتى أحببناه جميعا دون تفرقة وبلا تمييز لأنه كان يخصنا جميعا ويفيض بمحبتنا بلا استثناء. ولأننا عرفناه فى المواقف ثابتا وفى الأزمات واعيا مخلصا لم ينس له أحد من المصريين أنه وحده من بين كل رهبان العالم وزعمائه المسيحيين وعلمائه المسلمين الذى حرّم على أهل دينه أن يدخلوا القدس للحج طالما هى محتلة محاصرة مدنسة بأنفاس الصهاينة. فأى جرأة وأى شجاعة وأى إقدام وإخلاص عبر عنه عالم دين مسلم هو الشيخ «جمال قطب» بقوله الصادق: «لقد سبق البابا شنودة فقهاء المسلمين بفتواه تلك أو بأمره المحدد إلى رعيته»! فهنيئا له بقدر حزننا بفراقه وإنا لله وإنا إليه راجعون.. عوض الله مصر وعوضنا عن رحيله بأمنها وسلامها وبالمحبة الدائمة التى بثها ودعى إليها ونشرها بين شعبها. وعزاؤنا لنا جميعا فى فقده وحزننا لفراقه أجمعين. وخير ما نختم به العزاء الذى لا ينتهى هو أبيات من شعره نهديها للقارئ فى قصيدتين إحداهما تتدفق وطنية والأخرى تنبض بالفكاهة التى عرفناها فى روحه الحلوة ومزاجه الرائق الفكه شأنه شأن كل أحبته المصريين: فى حب مصر جعلتك يا مصر فى مهجتي وأهواك يا مصر عمق الهوى إذا غبت عنك ولو فترةِ أذوب حنينا أقاسى النوى إذا عطشت إلى الحب يوما بحبك يا مصر قلبى ارتوى نوى الكل رفعك فوق الرؤوس وحقا لكل امرئ ما نوى (ملاحظة: البيت الأخير هو اقتباس من آية قرآنية كريمة تقول: «لكل امرئ ما نوى».. مما يدل على ثقافة الفقيد الجليل وعلمه وسعة اطلاعه). يعملونى عميد يا ما نفسى شهر واحد بس مش عايزه يزيد يعملونى فيه عميد أو حتى نائب للعميد كنت أعمل للسكاشن كلها ترتيب جديد كنت أخلى الشخص يتخرج تقول زى الحديد كنت أمشّى الشخص منكم عالعجين مايلخبطوش كنت ألغى قسم جغرافيه ومش ناقصين مضايقة مُتنا من كتر المذاكرة ومش لاقيين ذاكراتنا حايقة من غير الجغرافيا تبقى دراسة الكليه رايقة مش ظريف الاقتراح ده يخليكم ما تسقطوش بس أنا يا خسارة عايش وسط ناس مايعبروش لو كانوا يعرفوا مقدارى كانوا مايسيبونيش يعنى لو ما كنتش أعرف المناخ ده استوائى ابقى جاهل يعنى لو ما كنتش أعرف الجبل ده التوائى ابقى جاهل يعنى لو ما كنتش أعرف بيليزوى وكيتيزوى وميليزوى ابقى جاهل ده كلام فارغ صحيح ده مقرر مش مريح دى مضايقه دى سماجة بس لما ابقى عميد و الامل ده مش بعيد ها ابقى ألغى كل حاجة