كتبت- بوسي عبد الجواد لم تكن مطربة من الدرجة الأولي، ولم تجرِ هي وراء الغناء، وكانت ترفض التعامل معها بمبدأ مطربة، لكنها نجحت بصوتها الذي كان يحمل حالة من البهجة والسعادة، مجرد سماعك له يجعلك تبتسم بكل بساطة دون أدني مقدمات، ربما يكون هذا سببا كافيا كي تحصل السندريلا "سعاد حسني" على لقب الفنانة الاستثنائية. احتلت أغانيها التي كانت تتغني بها في سياق أحداث العمل، مكانة خاصة لدي قلوب عشاقها، وكل من أكتوى بنار فراقها، فارتبط اسمها بالعديد من المناسبات بأغانيها البسيطة في الأداء والعميقة في الكلمة واللحن، فكما غنت للأم في عيدها "صباح الخير يا مولاتي" غنت لفصل الربيع "الدنيا ربيع.. والجو بديع" في فيلمها "أميرة حبي أنا"، وسط عدد كبير من الأغاني التي تُنسب لكبار المطربين. لا نزال حتي الآن لا نعترف بقدوم الربيع، إلا وإذا سمعنا سعاد تردد بصوتها المبهج صاحب قرار عظيم وجواب أعظم "الدنيا ربيع". لم يكفِ 45 عاما للفضائيات والمحطات الإذاعية حتى تكف عن بثها في فصل الربيع، ولم تكفِ هذه السنوات الطوال للجمهور أن يحتفل بالربيع دون أغنية "الدنيا ربيع"، وكأن الشاعر الكبير صلاح جاهين أصر وهو يكتب هذه الأغنية أن تُرسخ في وجدان الناس لآخر العمر، لتصبح من أهم طقوس الاحتفال بأعياد الربيع. لم تكن الكلمات وحدها كفيلة لنجاح الأغنية، فساعد في نقل الطاقة الجبارة التي كانت تمتلكها الفنانة سعاد حسني، الملحن الكبير كمال الطويل. لم تكن في نيه الطويل، الذي لحن لعمالقة الطرب الجميل، أن يلحن أغنية لسعاد حسني الذي كان يعترف بها كممثلة أكثر من كونها مطربة. وفي ذات يوم صادفت سعاد حسني الملحن كمال الطويل فى أحد ممرات الاستديو عند ذهابها لغرفتها لتبديل ملابسها بين مشاهد فيلم " أميرة حبى أنا"، فلم تسمح للفرصة أن تذهب هباءً، فعرضت عليه بدون تفكير منها تلحين أغنية "الدنيا ربيع"، التي انتهي الشاعر صلاح جاهين من كتابتها لكن لم يقرر من سيقوم بتلحينها بعد، فتردد الطويل كثيرا خاصة أن هذه الأغنية سوف تعيده للساحة بعد غياب دام لثماني أعوام، وبعد أن لمست الحيرة في عينيه والتردد على لسانه، فقبل أن ينطق بأي كلمة، اخطرته بأن الأغنية من كلمات الكاتب الكبير صلاح جاهين، والأغنية ستكون ضمن أحداث فيلم من إخراج حسين الإمام لتحمسه على الموافقة، لم يمكن للطويل أن يرفض أمام كلماتها الجميلة وإلحاحها عليه فوافق، وأخذ الكلمات معه لمدينة السحر والجمال "الإسكندرية" وهي ملهمته التي خرج بها بأجمل الألحان، ووضع لحنها في غضون 24 ساعة، واتصل ب"سعاد حسني" ليحدد موعدا لها، وذهبت مسرعة لتحفظ كلمات الأغنية التي كان عليها أن تؤديها بما يتماشي مع اللحن، لتخرج الأغنية التي رفعت من أسهمها لدي الجمهور الذي وضعها في خانة "الطرب الأصيل" إلى النور، وأجمع عليها النقاد والموسيقيين ووصفوها بالفنانة الاستثنائية التي لا يختلف على موهبتها أثنان.