أثار قرار انسحاب منصور حسن من سباق الانتخابات الرئاسية موجة من الجدل داخل الاوساط السياسية، ولا سيما أنه آخر مرشح أعلن عن ترشحه واتخذ اجراءات جادة أولها الاستقالة من رئاسة المجلس الاستشاري للتفرغ للحملة ورفع الحرج عن اعضاء المجلس في تأييده أو جمع توكيلات له. وأرجع البعض انسحاب منصور حسن من سباق الرئاسة الي تلاعب جماعة الإخوان المسلمين به وغموض موقفهم حول تأييده من عدمه أو الدفع بمرشح رئاسي لخوض المعركة، فضلا عن كشف بعض المصادر عن زيارة الدكتور عصام العريان له في منزله ومطالبته بالترشح، مؤكدا علي مساندة ودعم الجماعة له. علي النقيض تماما كان موقف حزب الوفد من «حسن» الذي سارع وبادر بإعلان تأييده لمعرفته بتاريخه ومواقفه الوطنية، الامر الذي لم يغفله «حسن» في بيان انسحابه وثمن تأييد الوفد له. فيما تسارعت وتيرة التكهنات عقب اعلان منصور حسن ترشحه لانتخابات الرئاسة، وفسر البعض إعلانه للترشح بأنه المرشح التوافقي أو بمعني أدق مرشح المجلس العسكري والذي سيحظي بدعم المؤسسة العسكرية له في ماراثون الانتخابات ليكون رئيس مصر القادم. وربط آخرون بين اللجنة التأسيسية لتشكيل الدستور وبين انسحابه مبررين ذلك بأنها حجرة عثرة في طريق الرئيس القادم لسيطرة التيار الاسلامي وجماعة الإخوان المسلمون عليها وعلي قراراتها المستقبلية والتي قد تكون معوقا لأية قرارات سيتخذها رئيس البلاد القادم. ومن جانبه وصف النائب البرلماني عبدالله المغازي الأمين العام المساعد للمجلس الاستشاري انسحاب منصور حسن بأنه خسارة كبيرة لمصر لكون انساناً وطنياً ونظيف اليد، مشيرا إلي أنه لن يكن ينتوي الترشح إلا انه تعرض لمطالبات وضغوط لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية. ولفت «المغازي» الي بدء تناقص رصيد تيار الإسلام السياسي في الشارع المصري وعلي مستوي القوي السياسية ايضا. ووجه رسالة إلي جماعة الإخوان المسلمون مفادها ان عليهم ان ينتقلوا من فكرة الجماعة التي يشوبها الغموض والتردد وعدم الوضوح إلي فكرة المجتمع الذي يكون اكثر اتساعاً للرؤية ومواقفه حازمة وواضحة، وقال ان حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين عليه ان يتخذ مواقف سياسية واضحة بعيدا عن المناورات وان يستغلوا الفرصة في توليهم القيادة. فيما قال حسين عبدالرازق عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع انه يعتقد ان منصور حسن قرر خوض سباق انتخابات رئاسة الجمهورية بناء علي حسابات معينة مع قوي سياسية لم تكن دقيقة، وأوضح أن «حسن» ربما تلقي ضوءاً اخضر من جماعة الإخوان المسلمون والمجلس العسكري، الامر الذي لم يكن دقيقا علي الاقل بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمون التي تتجه إلي ترشيح خيرت الشاطر نائب المرشد العام ولن تدعم أحداً من خارجها. وأوضح «عبدالرازق» أن منصور حسن إثر السلامة بعدم نزوله انتخابات رئاسة الجمهورية في الوقت الحالي، لأنه لم يجهز قوي سياسية يستند عليها إلي جانب تفشي ظاهرة شراء التوكيلات التي تحتاج إلي ملايين الجنيهات والتي لم يضعها منصور حسن في حسبانه. وقال طارق الخولي المتحدث الإعلامي لحركة شباب 6 إبريل الجبهة الديمقراطية إن جماعة الإخوان المسلمون تعاني تخبط داخلي بالنسبة لاختيار مرشح رئاسي وتفاضل بين عدة مرشحين، الأمر الذي أثر علي استكمال منصور حسن لاجراءات ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية. وأكد الخولي «ان غلق الجماعة لباب تأييد عبدالمنعم أبو الفتوح وضعهم في خندق الاختيار ما بين مرشح ينتمي للنظام السابق أو مرشح قد لا يحظي بقبول الشارع والقوي السياسية، مما قد يجعلهم يختارون مرشحاً اخوانياً في الوقت الضائع لدعمه». واضاف أن «حسن» كان من الاسماء المطروحة للحصول علي تأييد الجماعة الامر الذي أدي إلي إعلانه الترشح ومن ثم حينما تحدثوا عن ترشيح خيرت الشاطر قرر التراجع في اللحظات الاخيرة بعد استشعاره ان المعركة خاسرة بكل المقاييس. أكد الدكتور سمير نعيم، أستاذ علم الاجتماع، بجامعة عين شمس، أن قرار انسحاب منصور حسن من سباق الرئاسة، دليل علي أن هناك أشياء كثيرة تدور خلف الكواليس، خاصة في ظل غياب الشفافية والمصداقية، مضيفاً: تلك الضبابية تصعب علي أي محلل رسم ملامح الصورة والربط بين الأحداث وبعضها البعض، ولكن إذا ربطنا بين تزامن إعلان عمر سليمان خوضه الرئاسة وبين انسحاب منصور حسن، فسنتوصل إلي أن هناك تهيئة «لمكان الرئيس القادم» وصفات تعد من أجل عدم تفتيت الأصوات خلف شخص معين. وأشار نعيم إلي أن حسم الخلاف حول هذا الصراع يتوقف علي القوي الأخري في حلقة السباق الرئاسي، والتي لا تزيد علي قوتين فاعلتين، القوي الأولي هي الإخوان المسلمين والثانية هم الليبراليون، وستعتمد النتيجة النهائية علي مدي ما يتوافر للباحثين من وعي بحيث يكون تصويتهم علي البرنامج الانتخابي للشخص ولا ينخدعون بأي صفقات من شأنها عودة استبداد النظم السابقة. يري الدكتور نبيل عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العديد من المناورات والصراعات بين الأطراف الأساسية في البلاد تتم، وانسحاب منصور حسن هو إحدي تبعات تلك المناورات، وفسر عبدالفتاح ما يحدث بأن جماعة الإخوان المسلمين قامت بالخروج عن التفاهمات منذ وضع خريطة الطريق بين الإخوان والعسكري، والتي تؤكد علي أن يكون رئيس الجمهورية القادم جزءاً من تركيبة السلطة قبل 25 يناير. وبحسب الخبير الاستراتيجي، فإن المناورات التي قامت بها جماعة الإخوان قاصرة النظر وخارجة علي التفاهمات الليلية التي حدثت بينهم وبين العسكري منها التشكيك في حكومة الجنزوري، ومحاولة تغييرها والانقضاض عليها، علي الرغم من أنهم لا يملكون من الناحية الدستورية هذا الحق. وأكد عبدالفتاح أننا أمام صراع علي المصالح السياسية والسلطة في البلاد، وخروج منصور حصن هو تعبير عن تلك الصراعات والصفقات والتفاهمات ومحاولة إعادة النظر من جانب كل طرف في التزاماته تجاه الآخر. من جانبها تري الناشطة السياسية كريمة الحفناوي، أن انسحاب منصور حسن هو نتيجة محاولته مسك العصا من المنتصف واللعب علي كافة الحبال، وهو ما ظهر في أول تصريحاته الذي قال فيها إنه ليس مرشح الإخوان ولا العسكري ولكنه لا يمانع من تأييدهم ودعمهم، في لحظة لا ينفع فيها المنطقة الرمادية، ويجب ان يكون موقف كل شخص واضحاً وغير قابل للبس، مشيرة إلي كشف مثل هذه الأحداث عن سلسلة المؤامرات التي تحاك لهذا الشعب من أجل إرباكه وتشويشه وهو ما يظهر في «مولد سيدي الرئيس»، وما يحدث فيه حاليا من اللعب بالثلاث ورقات في سيناريو ملىء بالتآمر والصراع للاستيلاء علي السلطة. الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز يصف قرار منصور حسن بالحكيم، وذلك لسببين الأول هو ان استطلاع حظوظه وشعبيته كشف عن عدم تمتعه بتأييد كاف يمكنه من الوصول لكرسي الرئاسة. أما الاعتبار الثاني فيكمن في تلطيخ سمعة فكرة الرئيس التوافقي، وكلها أمور من شأنها إضعاف فرصته في الفوز نهائياً.